رئيس السودان يتحدى قرار المحكمة ويلوح بمزيد من التصعيد
واشنطن تتحقق من تقارير إعتزام البشير طرد سفراء غربيين

نبيل شرف الدين من القاهرة: أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تنظر بكل جدية، وتتحقق من التقارير التي أفادت بأن الرئيس السوداني عمر البشير ألمح إلى إمكانية إقدامه على طرد السفراء الغربيين من السودان، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية روبرت وود ـ في تصريحات أوردها quot; راديو سوا quot; الأميركي ـ إن quot; الإدارة الأميركية اطلعت على التقارير التي تحدث عن تلويح الرئيس السوداني باستعداده لطرد سفراء غربيين من السودان، وتعمل على التحقق من جديتها quot; . وأضاف المتحدث الأميركي قائلاً : quot; إننا منزعجون للغاية مما يحدث .. وفي حال كانت هذه التقارير صحيحة فإنها ستكون إشارة إضافية مثيرة للقلق quot; ، مؤكداً أن الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قلقين بشأن الوضع في إقليم دارفور غرب السودان .

وكان الرئيس السوداني قد لوح في مقابلة مع صحيفة quot;الأسبوعquot; المصرية الخاصة تنشرها في عددها الصادر يوم السبت، بأن السلطات السودانية قد تطرد السفراء الغربيين إذا ما quot;تعدوا مهامهم الدبلوماسيةquot;، وأضاف قائلاً : quot;لدينا 87 منظمة أجنبية في دارفور، طردنا منها 12، أي 6% فقط، وهي المنظمات التي لديها نشاط استخباري معروفquot;، على حد تعبيره .

ومضى البشير قائلاً في المقابلة الصحافية: quot;إنني أقول إن طردهم يعني رسالة واضحة أتمنى على الغرب والولايات المتحدة أن يستوعبوها ونحن لن تخيفنا تهديداتهم ولا إعلامهم الكاذب والمزيف، بل أقول إننا مستعدون حتى لطرد السفراء إذا ما تعدوا مهمتهم الدبلوماسيةquot;، حسب قوله .

ووصل الرئيس السوداني إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري في 29 حزيران (يونيو) عام 1989 الذي خطط له حسن الترابي، وتحالف الرجلان في البداية وارتبطا بعلاقة قوية، وسعيا إلى quot;أسلمةquot; السودان لدرجة اصطدم فيها هذا المشروع بأقرب وأهم جيرانه وهي مصر، حيث تدهورت علاقات البلدين بشكل غير مسبوق، وتبادلت القاهرة والخرطوم الاتهامات، ووصل الأمر إلى حد التلويح بمواجهة عسكرية، وخاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1996 والتي اتهمت فيها القاهرة نظام البشير بالضلوع في التخطيط لها، واستضافة عناصر هاربة من مصر تنتمي إلى تنظيمات إسلامية راديكالية، وتقديم الدعم المالي واللوجيستي لهم .

احتمالات التوقيف

وفي تصريحاته الصحافية شدد الرئيس البشير مجددا على أنه أبلغ المسؤولين القطريين بأنه quot;سيحضر بنفسه القمة العربية التي ستعقد في الدوحة في 30 آذار (مارس) الحالي، وأنه سوف يتحدى مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حقه في الرابع من الشهر الحالي .

وبالطبع فليس من المتصوّر أن تَقدُم دولة عربية على اعتِقاله إذا حطّ على أراضيها زائرا أو مشاركا في أي حدث، فصحيح أن هذه الدّولة العربية قد تُواجه نوعا من الحرج، إن استقبلت البشير وتجاهَلت مطلب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله، ولكن هذا الحَرَج سيكون ثمنا مقبُولا، بدلا من أن تكون مشاركة في اعتقال رئيس دولة عربية ما زال في سدة الحكم .

وبينما أكدت دول أفريقية وأخرى عربية أنها سوف تتجاهل أمر الاعتقال إذا زار البشير دولهم، فإن خبراء في القانون الدولي، يقولون إن هناك أمام المحكمة الجنائية الدولية ثلاث طرق لتنفيذ محاكمة الرئيس السوداني بالقوة: أما الأولى فهي توزيع مذكرة التوقيف في الدول الأعضاء، ما يعني أن البشير لن يزور نحو 106 دول أعضاء في تلك المحكمة، أما الطريقة الثانية فتبدو بعيدة المنال إذ تتمثل في اعتراض طائرة البشير بالقوة، حال تحركها خارج المجال الجوي السوداني .

وأخيراً تبقى الطريقة الثالثة التي تعتمد على التدخّل بالقوة الدولية، استناداً إلى قرار من مجلس الأمن، ويستبعد خبراء المحكمة الدولية إمكانية اللجوء إلى الطريقة الأخيرة على الأقل في الوقت الراهن .

وكان الرئيس السوداني قد أعلن أن بلاده لا تريد أن تعمل أي منظمة إغاثة دولية في إقليم دارفور بعد عام من الآن مؤكداً أنه quot;إذا أرادت المنظمات الأجنبية أن تأتي بالإغاثة فعليها أن تسلمها في المطارquot;، من دون أن يوضح ما إذا كانت هذه الخطة تشمل المنظمات العاملة في جنوب السودان حيث ينشط الكثير من المنظمات غير الحكومية .

وتقول الأمم المتحدة إن طرد منظمات الإغاثة سيؤدي إلى حرمان 1،1 مليون شخص من الغذاء، و1،5 ملايين من سكان الإقليم من أي خدمات صحية كما أن هناك أكثر من مليون لن يتمكنوا من الحصول على مياه نقية للشرب .

يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في الرابع من الشهر الجاري مذكرة توقيف بحق البشير للاشتباه في اتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور المضطرب منذ عام 2003 حتى الآن .

وخلف النزاع في دارفور منذ اندلاعه في شباط (فبراير) 2003 قرابة 300 ألف قتيل وفقا للأمم المتحدة، وقضي العديد من هؤلاء بسبب نقص الغذاء أو بسبب انتشار الأمراض والأوبئة فضلاً عن الأوضاع الأمنية المتردية بسبب الاقتتال هناك .