حذر فريق دولي من العلماء من احتمالية أن يشهد العالم خلال العقود المقبلة ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار 4 درجات سيليزية.
القاهرة:قال العلماء إن التقدم الجليدي الذي تشهده المحادثات التي استؤنفت اليوم في المكسيك بخصوص تغير المناخ العالمي يجعل من الحد الآمن الذي يقف عند درجتين سيليزية أمراً يستحيل المحافظة عليه.
وطبقاً لما أوضحه هؤلاء الخبراء، فإن ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمقدار 4 درجات سيليزية، سيكون أمراً من شأنه التسبب في حدوث موجات جفاف شديدة في جميع أنحاء العالم، وسيدفع بملايين المهاجرين لطلب اللجوء نتيجة لانهيار إمداداتهم الغذائية.
وقال البروفيسور كيفن أندرسون، الأستاذ بجامعة مانشستر :quot;ليست هناك من فرصة الآن للمحافظة على درجة حرارة السطح العالمية دون درجتين سيليزية، رغم التصريحات رفيعة المستوى التي تم تكرارها خلال الآونة الأخيرة وقالت عكس ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، جرى تنقيح التأثيرات المرتبطة بالحد الذي يقف عند درجتين سيليزية، ولهذا يمكن القول الآن إن هذا الحد يُمثِّل البداية لتغير مناخي بالغ الخطورةquot;.
وأشارت في هذا السياق صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن التحليل الذي أجراه كل من أندرسون وزميله، أليس بوز، قد أخذ بعين الاعتبار التعهدات غير الملزمة التي قطعتها بلدان على نفسها في اتفاق كوبنهاغن، وكذلك وثيقة التسوية التي انبثقت عن آخر قمة مناخ تابعة للأمم المتحدة، والانخفاض الطفيف في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من جراء الركود الاقتصادي. وفي التقرير الذي تم إعداده في هذا الشأن، قال أندرسون quot;يمثل عام 2010 نقطة تحول على الصعيد السياسي. لكن ليس الغرض من تلك الورقة البحثية أن تكون رسالة عبث، بل تقييم مجرد وربما صحيح إلى حد مؤلم لما أوصلتنا إليه طريقتنا حسنة النية في التعامل مع التغير المناخيquot;.
هذا وقد وجدت دراسة بحثية تم نشرها في مجلة الجمعية الملكية، وقادها الخبير ريتشارد بيتس، من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني، وألقت الضوء عليها أولاً صحيفة الغارديان العام الماضي، أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 4 درجات سيليزية قد يحدث في أقرب وقت ممكن خلال عام 2060 في أسوأ سيناريو يمكن وقوعه. ورغم اعتراف بيتس بأن هذا السيناريو يعتبر سيناريو خطير، إلا أنه رأي أنه أمر معقول أيضاً إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الاتجاه المتصاعد بشكل سريع في الانبعاثات.
من جهتها، وصفت راشيل وارين، الأستاذة في جامعة إيست أنغليا، ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 4 درجات سيليزية، قائلةً :quot;سيصبح الجفاف والتصحر أمراً واسع الانتشار. وستكون هناك حاجة لنقل المحاصيل الزراعية إلى مناطق جديدة، ومن ثم التأثير على النظم الإيكولوجية البرية. وسيكون من الضروري التكيف على نطاق واسع مع ارتفاع مستوى سطح البحر. وستتعرض النظم البشرية والطبيعية لمستويات متزايدة من الآفات الزراعية والأمراض، وزيادة في تواتر وشدة الأحداث المناخية السيئة. وسيفقد هذا العالم بصورة سريعة أيضاً خدماته الخاصة بالنظام الإيكولوجي، بسبب حدوث خسائر كبيرة في التنوع البيولوجي والغابات والأراضي الرطبة الساحلية وأشجار المانغروف مع وجود نظام إيكولوجي بحري محمض أو ربما مختل وظيفياً. وفي مثل هذا العالم الذي ترتفع فيه درجة الحرارة بمقدار 4 درجات سيليزية، من المحتمل أن تتفوق حدود التكيف البشري في مناطق كثيرة بالعالمquot;.
عل صعيد متصل، قالت وكالات عاملة في مجال الإغاثة إن عدد الأشخاص الذين لاقوا حتفهم نتيجة للفيضانات وموجات الجفاف قد تضاعف على مدار العام المنقضي. وأرجعت تلك الوكالات جزءً على الأقل من سوء حالة الطقس إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأشارت من جهتها وكالة أوكسفام البريطانية إلى أن 21 ألف شخص لاقوا حتفهم نتيجة لكوارث مرتبطة بالطقس في التسعة أشهر الأولى من عام 2010، وهو العدد الذي يزيد عن ضعف عدد الأشخاص الذين لاقوا حتفهم نتيجة لنفس الكوارث في 2009 بأكمله.
ورغم استحالة ربط أي حدث فردي بارتفاع درجات الحرارة، إلا أن تقريراً أعدته وكالة أوكسفام أوضح أن الأحداث المناخية السيئة قد تزايدت مع ارتفاع درجة حرارة الأرض. وقال في هذا الشأن تيم غور، من وكالة أوكسفام، إن الفيضانات التي ضربت باكستان وموجات الجفاف التي أصابت روسيا مؤخراً يرتبطان كليهما بالتغير المناخي.
وأشارت صحيفة التلغراف البريطانية في عددها الصادر اليوم إلى أن تقرير أوكسفام هذا قد صدر لافتتاح أحدث جولة من محادثات الأمم المتحدة الخاصة بالمناخ في مدينة كانكون المكسيكية. ودعت أوكسفام في الإطار عينه إلى تأسيس quot;صندوق أخضرquot; جديد يهدف إلى تجميع ما لا يقل عن 100 مليار دولار سنوياً، وذلك بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان الفقيرة على التكيف مع الأوضاع المناخية المتقلبة.
وأكد وزير الطاقة البريطاني، كريس هوهن، على أن المملكة المتحدة ستعمل جاهدةً لإنشاء الصندوق. وقال إن المحادثات ربما لن تحدد هذا العام الجهات التي ستُستَمد منها الأموال، لكنه شدد على إمكانية إحراز تقدم بشأن بعض الخيارات الممكنة كفرض ضريبة على الطيران. في ما أوضحت الصحيفة أن بإمكان المفاوضين كذلك أن يجدوا طرقاً يكون من شأنها أن تعين الدول الفقيرة مالياً للحد من خطر التصحر، وتوفير آليات يستفيدون من خلالها بسبل التكنولوجيا الصديقة للبيئة مثل المعرفة بمزارع الرياح.
التعليقات