تنتظر الأوساط الأردنية في غضون 48 ساعة الإعلان عن ولادة الحكومة الجديدة برئاسة سمير الرفاعي، بعد أن أقال الملك عبدالله الثاني وزارته الأولى، مبقيا عليه لتأليف وزارة ثانية. ويتوقع أن يعمد الرئيس المكلف إلى تصفية بؤر التوتر في وزارته الأولى، والتصدي لأي تدخلات في التشكيل الوزاري الجديد حتى من جانب أقرب المقربين له.


رجحت مصادر أردنية أن يعلن رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي قبل ظهر الأربعاء، أو في موعد أقصاه ظهر يوم الخميس أسماء أعضاء طاقمه الوزاري الجديد، بعد أن كلفه الملك عبدالله الثاني تأليف وزارة جديدة، هي الثانية للرفاعي، بعد أن فوجئ الأخير بأن الملك الأردني أقال وزارته التي شكلها مطلع شهر كانون الأول /ديسمبر الماضي، خلافا لرغبة الرفاعي بإجراء تعديل وزاري محدود يشمل عشرة حقائب.

إلا أن رئيس الوزراء المقيل طلب من العاهل الأردني بعد تكليفه حصرية تأليفه للوزارة الجديدة، في إشارة ضمنية إلى رغبته في التشكيل الحكومي دون أي تدخلات من جانب المؤسسات الأردنية الأخرى، وهو ما طلب الملك تسهيله للرفاعي في اجتماع مفصلي عقد ظهر يوم الإثنين، وبقيت أغلب وقائعه محصنة ضد النشر والتسريب.

وبعد دقائق من تكليفه تأليف الوزارة الجديدة فقد أبلغ الرفاعي طاقم وزارته بضرورة تقديم استقالاتهم، على اعتبار أن الملك قرر الإنحياز للعرف السياسي السائد أردنيا منذ عقود طويلة، إذ تقال أي حكومة أردنية تشرف على الإنتخابات لتمكين الملك من اختيار طاقم وزاري جديد يتعامل مع البرلمان الجديد، ورغم ثبات هذا العرف السياسي الأردني مع استثناءات قليلة، إلا أن الدستور الأردني لا يشترط هذا الأمر، وهو ما كان الرفاعي يستند إليه حتى اللحظات الأخيرة قبل لقائه الملك، إذ كان يميل إلى إجراء جراحة لطاقمه الوزاري تستهدف بعض مفاصل الضعف والتأزيم، بعد ان أجرى تعديلا عاديا، وآخر اضطراريا على وزارته، وهي تعديلات لم ترض أحدا في الأردن.

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير فثمة انطباعات أمكن رصدها تشير الى أن الرئيس المكلف سيعمد إلى تصفية بؤر التوتر في وزارته الأولى، وسيتصدى لأي تدخلات في التشكيل الوزاري الجديد حتى من جانب أقرب المقربين له، وسيعطى الحرية المطلقة في اختيار الأسماء التي ستدخل إلى وزارته الثانية، كما سيبعد من يشاء من الأسماء التي شكلت عبء على وزارته الأولى، إلا أن المنهجية التي أدار بها الرفاعي منهجية مجلس الوزراء في الأشهر السابقة، وتعميماته إلى الوزراء بالتشدد ورفض المساومات والمقايضات ستنجب له خصوما أشد، ومشاكل أكبر، خصوصا وأن الرئيس المكلف ستكون أمامه مهمة أكبر تعقيدا وهي التعامل مع البرلمان الجديد الذي دخل إلى عضويته نحو ثمانين نائبا جديدا، دون أن تتوفر لدى طاقم الحكومة أي سابق معرفة عن اتجاهات ومآلات مواقف النواب الجدد.

وطبقا لمعلومات quot;إيلافquot; فإن الرجل الثاني في الحكومة المقالة رجائي المعشر الذي قاد الفريق الإقتصادي الحكومي سيخرج من الحكومة الجديدة، بعد أن ركز في الأشهر الأخيرة على سؤال حدود الصلاحيات والمهام، فكان يميل الأخير الى توسيعها بسبب خبرته، وامتلاكه لخطط ومبادرات تحتاج إلى مساحة صلاحيات أوسع، وهو الأمر الذي لم يرق للرئيس الرفاعي، الذي أبلغ المعشر قبل ساعات من استقالة الحكومة، أنه لا داعي لإستقالته لأن الحكومة كلها تنوي الإستقالة، قاطعا الطريق أمام أي تأويلات أو استنتاجات بشأن الزيارة.

وسيخرج من الحكومة أيضا وزير الداخلية نايف القاضي الذي أشرف على اجراء الإنتخابات بكل شفافية ويسر، وسط إشارات ثناء وشكر تلقاها من مرجعيات عليا في الأردن، إلا أن الرئيس المكلف في مشاوراته المسائية ركز مع القاضي على مسألة أن حقيبة الداخلية تحتاج إلى دماء جديدة، وأنه مرحبا به ليبقى فى الحكومة كنائب للرئيس بلا حقيبة، وهو الأمر الذي اعتذر عنه القاضي، دون استبعاد حظوظه في البقاء في الوزارة الجديدة.

ووفقا لمعلومات quot;إيلافquot; فإن الرئيس المكلف ينوي استدراج خبرات الخبيرة المرموقة في هيئة الأمم المتحدة الدكتورة ريما خلف الهنيدي لتكون نائبة أولى له لقيادة الفريق الإقتصادي في الحكومة الجديدة، كما يعتزم طلب خبرات الإعلامي أيمن الصفدي مستشار ملك الأردن ليكون وزيرا في الحكومة الجديدة، كما ترددت أسماء نايف الفايز ليكون وزيرا للسياحة، وفارس القطارنة وزيرا لشؤون مجلس الوزراء، وعلي العايد وزير دولة للشؤون الخارجية لتخفيف الضغط على وزارة الخارجية التي ستبقى لوزيرها الحالي ناصر جودة، وحازم الناصر وزيرا للمياه، وخالد الكركي وزيرا للتربية والتعليم، وسط توقعات بأن تستحدث حقيبة وزارية لحقوق الإنسان والمظالم، مع ترجيح بقاء وزارة الإعلام والإتصال مع إضافة مهام الناطق الرسمي بإسم الحكومة لشاغل هذه الحقيبة، وهي مهمة يقال إن المفاضلة لا زالت قائمة بشأنها بين أيمن الصفدي وسميح المعايطة، وصالح القلاب.

ولا ينتظر أن تطول فترة المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف، إذ أن الرئيس يميل إلى عدم توسيع دائرة التغيير في حكومته الجديدة، وأن الإعلان عنها سيكشف بأن الرئيس المكلف قد طبع وزارته الجديدة بميله ورغبته نحو التعديل الوزاري المحدود، إذ تشير التقديرات إلى أن حجم الحقائب المستهدفة بالتغيير لن يتجاوز الحقائب العشرة، وأن معظم وزراء الحكومة المقالة سيعودون إلى وزارة الرفاعي الثانية.