كشف رجال دين كاثوليك في سويسرا الأحد عن حالات اعتداء جنسي على أطفال تورط فيها بعضهم، وطالبوا بابا الفاتيكان بالتحقيق في تلك الفضائح وبسرعة اتخاذ موقف منها، منتقدين السكوت الطويل عليها.
برن: دعا رئيس دير سويسري الفاتيكان إلى أن يأخذ حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال من قبل رجال الدين الكاثوليك بصورة أكثر جدية. ونقلت صحيفة quot;سونتاغسبليكquot; السويسرية الأحد عن رئيس دير quot;إنسداينquot; مارتن فلرن قوله quot;إنني متخوف من أن قيادة الكنيسة في روما لا تأخذ الأمر على محمل الجدquot;، وأضاف محذرا quot;إن مصداقيتنا على المحكquot;.
ودعا قيادة الفاتيكان إلى أن تتحرك بسرعة في مثل هذه الحالات، قائلا quot;إن كلمة الفاتيكان يجب أن تأتي مباشرة ولكن ليس بعد مرور شهور عليهاquot;.وتقول الكنيسة السويسرية إنها تحقق في عشر حالات اعتداء جنسي على أطفال قام بها رجال دين، لتنضم بذلك إلى بقية الدول الأوروبية التي شهدت مثل هذا النوع من الفضائح.
ودعا زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي كريستوف داربلي إلى وضع المتورطين في هذا النوع من الجرائم في قائمة سوداء، وعدم السماح لهم بالعمل مرة أخرى مع الأطفال.
وفي الولايات المتحدة حيث أفلست عدة أبرشيات بسبب دعاوى رفعها من تعرضوا للاستغلال الجنسي، دعا ناشطون البابا إلى أن يكون نزيها ويعترف بتقصيره ويحاسب المتورطين.
البابا يعرب عن quot;العار والندمquot;
وكان اعرب البابا بنديكتوس السادس عشر في رسالة الى كاثوليك ايرلندا السبت عن مشاعر quot;العار والندمquot; للاعتداءات الجنسية التي تعرض لها اطفال، مؤكدا ارتكاب اساقفة ايرلنديين quot;اخطاء جسيمةquot; ودعا الى محاكمة مرتكبي الاعتداءات.
وقال البابا في رسالة موجهة لكاثوليك ايرلندا، وقعها الجمعة ونشرت السبت، quot;لقد عانيتم كثيرا وانا آسف بحقquot;، واضاف البابا quot;لا يسعني سوى ان اشارككم مشاعر الحيرة والتعرض للخيانة التي يشعر بها العديد منكمquot;.
وقال ان الكهنة ورجال الدين المتهمين بارتكاب تلك الاعتداءات quot;يجب ان يحاسبواquot; على جرائمهم quot;امام محاكم يتم تشكيلها بصورة مناسبةquot;، واضاف مخاطبا مرتكبي الاعتداءات quot;اقروا بذنبكم علنا، واخضعوا انفسكم لمطالب العدالة، ولكن لا تقنطوا من رحمة اللهquot;.
وفي الرسالة التي وقعها السبت، اكد البابا على مسؤولية الاسقفية في التعامل مع الاتهامات. وقال متوجها الى الاساقفة الايرلنديين quot;لقد فشلتم انت ومن سبقكم، وفي بعض الاحيان كان فشلكم خطيرا، في تطبيق قانون لجرائم الاعتداء على الاطفالquot;.
واضاف quot;وفي الكثير من المناسبات منذ انتخابي لمنصبي الحالي، التقيت بضحايا اعتداءات جنسية وانا مستعد للقيام بذلك مجددا في المستقبلquot;. واعلن البابا ارسال بعثة الى الابرشية الايرلندية التي تعرضت لفضائح اعتداءات جنسية لمساعدة quot;الكنيسة المحلية في عملية التجديدquot;. واعرب عن استعداده للقاء ضحايا الاعتداءات مرة اخرى.
وستعمد البعثة التي ستراجع عمل الابرشية، الى اقامة ندوات وتجمعات دينية تحت اشراف الفاتيكان والاسقفية الايرلندية. وقال البابا الذي التقى عددا من ضحايا الاعتداءات الجنسية على الاطفال اثناء زيارته الى الولايات المتحدة واستراليا في 2008 quot;لقد التقيت بضحايا الاعتداءات الجنسية وانا مستعد للقائهم في المستقبلquot;.
واضاف متوجها الى الضحايا وعائلاتهم quot;اعلم انه لا يمكن لاي شيء ان يصلح الظلم الذي تعرضتم له. لقد تعرضتم لخيانةالثقة وانتهاك الكرامةquot;، وتابع quot;واضافة الى الضرر البالغ الذي لحق بالضحايا، فقد لحق ضرر عظيم بالكنيسة وبصورة الرهبنة والحياة الدينية لدى العامةquot;.
وقال رئيس الكنيسة الكاثوليكية في ايرلندا الكردينال شون برادي السبت انه يامل في ان تؤدي رسالة البابا الى quot;وقت عظيم لولادة من جديدquot;.
من جهته، قال رئيس اساقفة المانيا المونسنيور روبرت زوليتش ان رسالة البابا تشكل ايضا quot;تحذيراquot; للكنيسة في المانيا، واضاف في بيان صدر في بون (غرب) quot;حين يتم التعبير عن حقيقة صعبة علنا، فانها تبدو مؤلمة لكنها ايضا تحرريةquot;.
ولم تتطرق الرسالة التي من المقرر ان تجري تلاوتها في كافة الابرشيات الايرلندية، الى الاستقالات التي تقدم بها ثلاثة من الاساقفة الايرلنديين، وصرح المتحدث باسم الفاتيكان فيديركو لومباردي للصحافيين ان السبب في ذلك هو ان الرسالة quot;ليست وثيقة حول الاجراءات القضائية او الاداريةquot;.
واعتبرت منظمة quot;اون ان فورquot; المدافعة عن حقوق الضحايا، ان رسالة البابا quot;اخفقتquot; في معالجة المسائل التي تثير قلق الضحايا، واسفت المنظمة لعدم تقديم البابا اعتذارا للطريقة التي تم فيها تجاهل الضحايا عندما حاولوا التقدم بشكوى لسلطات الكنيسة.
وكانت quot;اون ان فورquot; الايرلندية طالبت البابا بتقديم اعتذار لضحايا الاعتداءات الجنسية في ايرلندا والاعتراف بان الكنيسة الكاثوليكية اساءت استخدام سلطاتها وتسترت عمدا على افعال كهنة اعتدوا على اطفال.
من جهتها، اعتبرت منظمة quot;سيرفايفرز اوف تشايلد ابيوسquot; (الناجون من الاعتداءات على الاطفال) ان الرسالة تفتقر الى quot;الجوهرquot;، وصرح جون كيلي، العضو في المنظمة والذي تعرض للاعتداء الجنسي عندما كان صبيا في بيت للرعاية تابع للكنيسة، لوكالة فرانس برس انه رغم ترحيبه بالرسالة الا انها تركت العديد من الاسئلة بدون اجابة.
وقال quot;هل ينوي البابا الجديد اجراء تحقيق على مستوى البلاد في الاعتداءات في كافة الابرشيات .. هل يعني ان مرتكبي الاعتداءات والمتسترين عليها يجب ان يسلموا انفسهم للشرطة او مواجهة نظام العدالة الجنائيةquot;، واضاف quot;باختصار، السؤال الاساسي هو: هل سيحصل الضحايا على العدالة كنتيجة لما قاله الباباquot;.
بدورها، قالت كريستين باكلي المدافعة عن ضحايا الاعتداءات والتي تعرضت لاعتداء من قبل الراهبات في مدرسة quot;غولدنبردج اندستريال سكولquot; في دبلن، انه كان يتعين على البابا الاعتذار لضحايا الاعتداءات في المؤسسات الدينية في ايرلندا.
وقالت quot;المسالة هي ان الاعتداءات المؤسساتية دخلت في النسيان تماما. نحن الاطفال المنسيونquot;، واضافت quot;لقد عانينا من اشكال مختلفة من الاعتداءات: الجسدية، الجنسية، العاطفية، وفقدان الهوية اضافة الى العبوديةquot;.
وانتهز الفاتيكان فرصة نشر رسالة البابا للانضمام الى موقع تويتر الالكتروني، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الدينية quot;آي ميدياquot; السبت. وذكرت الوكالة ان الفاتيكان يريد عبر هذه الخطوة نشر quot;معلومات عبر مختلف وسائل الاعلام ترتدي اهمية خاصة بالنسبة الى حياة الكنيسةquot;، وهذه الخدمة الجديدة عبر موقع تويتر متاحة باللغات الايطالية والانكليزية والاسبانية والبرتغالية والالمانية والفرنسية والبولندية. وقد تصبح متاحة لاحقا بالصينية واليابانية والعربية.
ومنذ ظهور فضائح الاعتداءات الجنسية في ايرلندا الى العلن، تكشفت المزيد من فضائح الاعتداءات الجنسية في المانيا والنمسا وهولندا وسويسرا.
ووثقت تحقيقات أمرت بها ثلاث حكومات إيرلندية بين 2005 و2009 حالات آلاف الأطفال ممن تعرضوا للاستغلال الجنسي والمعاملة القاسية على أيدي قساوسة ورهبان وراهبات في مدارس ودور أيتام تابعة للكنيسة.
وكان بنديكت السادس عشر -الذي حمل حتى توليه البابوية اسم توماس راتزينغر- مسؤولا وهو كاردينال عام 2001، عن مرسوم فاتيكاني سري وجه تعليمات للأساقفة بأن يحيلوا كل القضايا المتعلقة بالموضوع إلى الفاتيكان بسرية تامة.
وتلاحق تهم التستر البابا شخصيا في ألمانيا مسقط رأسه، حيث ظهرت مئات قضايا الاستغلال الجنسي للأطفال منذ مطلع العام الحالي.
فقد كان البابا كبير أساقفة ميونخ بين 1977 و1982 حين وافق على أن يحول للعلاج قس اشتبه في اعتدائه على الأطفال جنسيا، لكن رجل الدين هذا واصل اعتداءه الجنسي على الأطفال مباشرة بعد بدء علاجه، واتهم ثانية بهذا الفعل وأدين.
التعليقات