تعتزم هيئة كبار العلماء في السعودية إصدار فتوى تجرم فتاوى التكفير فضلا عن تمويل الإرهاب بكل وسائله وأشكاله، الأمر الذي يتعبر تصديًّا لتصاعد فتاوى التكفير خلال العامين المنصرمين في المملكة ما أدى إلى مطالبات من جهات متعددة بضرورة تنظيم الفتوى وعدم إعطاء الفرصة لمن يريد الإساءة إلى صورة المملكة خارجيًّا أو إلى سمعة مؤسستها الدينية.
الرياض: من المنتظر أن تعقد هيئة كبار العلماء في السعودية اجتماعًا استثنائيًّا برئاسة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ لمناقشة تحريم فتاوى التكفير، حيث شهد مجلس الشورى السعودي مقترحًا يطالب بسنّ تشريع يجرم فتاوى التكفير الصادرة من خارج المؤسسة الدينيّة الرسميّة، وذلك بغية وضع حد لهذه الفتاوى التي أخذت في الازدياد في الآونة الأخيرة.
وبعد أن فتح مجلس الشورى المناقشات حول هذا الموضوع الذي أخذ أبعادًاأخيرةوخصوصًا في السنوات الأخيرة، استجابت هيئة العلماء بعلمائها لفرز موقفًا فقهيًّا بما تضمه من علماء متخصصين يحظون بسمعة واسعة في كل أرجاء العالم الإسلامي. ويرى مراقبون أن موضوع فتاوى التكفير أصبح معضلة بسبب أقدام الكثير ممن لا يحق لهم إصدار مثل هذه الفتاوى، لأنها تتعلق بأرواح الناس وتماسك المجتمعات وتثير الفتن.
وأكد الدكتور محمد الزلفة عضو مجلس الشورى السعودي سابقًا في حديث خاص لـquot;إيلافquot; أن كلمة هيئة كبار العلماء مسموعة وهي الجهة المخولة بإصدار الفتاوى، كما أنها تمثل العلماء المسلمين. وأضاف أن البعض استغل تأخر الهيئة وصمتها لإطلاق مثل تلك quot;الفتاوى التكفيريّةquot; في السنوات الأخيرة. وقال إنه ومنذ أكثر من عقدين من الزمن كثر من يفتي ومن يقول مايشاء وكأنه المتحدث الرسمي بإسم الإسلام، كما كثرت الفتاوى التي أضرت بالمملكة وسمعتها على مستويات مختلفة.
وأوضح عضو مجلس الشورى السعودي سابقًا أن هيئة كبار العلماء حينما أخذت زمام المبادرة وأن جاءت متأخرة في أن تكون هي الجهة المخولة بالفتوى فأنها حتمًا ستصدر مقبولية الفتاوى الأخرى التي تصدر من أفراد حتى وأن كانت من علماء يحظون بمكانة معينة. ودلّل محمد الزلفة بفتوى من يقول بحرمة الاختلاط بينما لم يفرق بين الاختلاط والخلوة، وقال إن هناك أحيانًا من يستغل سذاجة الناس وجهلهم ليدعي أنه أعلم الناس بقضايا معينة ليصدر الفتاوى بالطريقة التي تعجبه.
وأضاف آل زلفة quot;ثم جاءت فتوى الشيخ البراك حول قتل من استحل، ودعا إلى الاختلاط،بالتزامن مع افتتاح جامعة الملك عبدالله وفي قضية مختلف عليها وقد عبّر الكثير من العلماء عن موقفهم من قضية الخلوة والاختلاط، رغم أنه كان يجب على هيئة كبار العلماء أن تقول وبوضوح كلمتها من هذه القضية على ضوء المفهوم الإسلامي لهذين المصطلحين. تلاها الفتوى التي أطلقها الأحمد من باب الغلو في قضية الاختلاط ودعا فيها إلى هدم الكعبة وبنائها من جديد أو هدم محيطها دون أن يراعي حرمة المكان وتاريخيتهquot;.
وندد الدكتور الزلفة بمثل هذه الفتاوى وقال quot;قد يعتقد البعض من خارج المملكة أن هذه الفتاوى تمثل المؤسسة الدينيّة السعوديّة الأمر الذي دعاها إلى التحرّك والردّ على من يفتي بشئ لا يتفق مع مقاصد الإسلام ولا مع ما جاء في القرآن والسنةquot;. وأضاف أن أقوال العلماء الذين أفتوا في عصور مختلفة تعد اجتهادات ليس بالضرورة أن نسلم لها بأنها من ثوابت الدين.
وفي ختام حديثه لـquot;إيلافquot; طالب الدكتور محمد الزلفة بضرورة تنظيم الفتوى وعدم الاستعجال في إطلاقها، وبناء الفتوى على العلم والتطور الذي حدث في المجتمع الإسلامي، إضافة إلى الرد وبشكل عاجل على من يتجرأ على الفتوى من غير هيئة كبار العلماء أو ممن يعتبر نفسه محسوب على العلماء وهو ليس منهم. مشيرًا إلى أن الفتاوى في العالم الإسلامي أصبحت وكأنها هي التي تتحدث بإسم الأمة.
وكان عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي تقدم بمقترح يجرم فتاوى التكفير حظي بتفاعل كبير من بقية أعضاء المجلس، وبرر الحارثي تقديمه لهذا المقترح للمجلس باعتبار أن تلك الفتاوى تجاوزت إشكالية التكفير، ووصلت إلى حد quot;المساس بمبدأ الدين وقيمه وروحه، وقيمة الوحدة الوطنية، والانتقاص من هيبة نظام الدولة، والتأثير في العلاقات الخارجية التي تربط السعودية بدول العالمquot;.
التعليقات