إستأثر الحراك السياسي الذي تشهده الأحزاب البريطانيَّة الرئيسة الثلاثة في محاولة لتشكيل حكومة ائتلافيَّة بتغطية كل الصحف البريطانيَّة الصادرة صباح الأحد.

لندن: نشرت كل صحف الأحد صورة لزعماء الأحزاب الرئيسة الثلاثة وهم غوردن براون، زعيم حزب العمال وديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين، ونك كليغ، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين وهم ينظرون في اتجاهات مختلفة أثناء حضورهم حفلاً خاصًّا في لندن أقيم لإحياء ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في إشارة إلى عدم اتفاقهم على تشكيل حكومة ائتلافية تدير شؤون البلد.

وجاء في تعليق صحيفة الإندبندنت أون صنداي على الحراك السياسي الجاري quot;أي طريق أمام الديمقراطيةquot; في بريطانيا؟ ونقرأ في العناوين الفرعية ما يلي: quot;لقاء بين مساعدي كاميرون وكليغ اليومquot; و quot;كبار قادة حزب الديمقراطيين الليبراليين يرغبون في التعامل مع براونquot; بدل كاميرون.

تقول الصحيفة إن السيناريو الأول المطروح يتمثل في أن يتولى كاميرون مقاليد رئاسة الوزراء وينسحب براون من مقر الحكومة ثم يتخلى لاحقا في شهر سبتمبر/أيلول المقبل عن زعامة حزب العمال. لكنه سيكون مجبرًا على تحمل إهانات كل يوم أربعاء في البرلمان عندما يتواجهه رئيس الحكومة (كاميرون) مع زعيم المعارضة (براون).

وتضيف الصحيفة أن السيناريو الثاني يتمثل في تولي كاميرون رئاسة الوزراء مع استقالة براون من رئاسة حزب العمال مباشرة على أن تتولى هاريت هارمان، نائبة زعيم الحزب، رئاسة الحزب بصفة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات الداخلية. وفي هذه الحالة، فإن الحزب سيفقد شعبيته حتى يحسم مسألة الزعامة داخله.

السيناريو الثالث يتمثل في تولي كاميرون رئاسة الوزراء واستقالة براون وتولي هارمان رئاسة الحزب لكن اللجنة التنفيذية الوطنية داخل الحزب ستصر على عدم المغامرة بتداخل السباق داخل الحزب مع الانتخابات. لكن في شهر يوليو/تموز سيكون لحزب العمال زعيم جديد.

السيناريو الرابع يتمثل في اتفاق براون مع كليغ على تشكيل الحكومة. وفي هذه الحالة، سيبقى براون رئيسا للوزراء لبضعة أشهر أخرى لكنه سيعلن نيته في الاستقالة من زعامة الحزب في 26 سبتمبر/أيلول المقبل على أساس أن حكومته عرضة لسحب الثقة منها في البرلمان. ومن ثم، فإن الحزب يحتاج بشدة إلى الاستعداد لخوض انتخابات جديدة في ظل قائد جديد.

السيناريو الخامس يتمثل في إدراك براون إمكانية إبرام اتفاق بين حزب العمال وحزب الديمقراطيين الليبراليين لكن الأمر ليس ممكنا طالما أنه بقي رئيسا للوزراء. وفي هذه الحالة سيستقيل من منصبه على أن يختار الحزب قائدا لتسيير أعماله مثل وزير الداخلية الحالي، آلان جونسون. وسيبتعد الحزب عن انتخاب قائد شاب مثل ديفيد ميليباند، وزير الخارجية الحالي. وسيكون جونسون قادرا على إبرام اتفاق مع الديمقراطيين الليبرالليين بعد رحيل براون.

إلى ذلك، خصّصت صحيفة الأوبزرفر افتتاحيتها الرئيسية للمفاوضات الجارية بهدف تشكيل الحكومة. تقول الصحيفة إن على حزب الديمقراطيين الليبراليين اغتنام الفرصة التاريخية والتحالف مع حزب العمال، مضيفة أن براون مطالب بالإعلان عن خطته للتنحي بهدف ضمان دعم الناخب البريطاني لصفقة تشكيل حكومة ائتلافية مع العمال. وتضيف الصحيفة أن لا أحد فاز بالانتخابات، آخذًا في الاعتبار أنه لم يفز أي حزببأغلبية واضحة في البرلمان إذ صوت 10.7 مليون ناخب لصالح المحافظين في حين صوت أكثر من 15 مليون ناخب للعمال والديمقراطيين الليبراليين.

وتواصل الصحيفة أن رغم ظهور بعض المناوشات بين الحزبين (العمال والديمقراطيين)، فإن هناك شعورا، تضيف الأوبزرفر، يرى أن المحافظين هم الخصم المشترك الذي يوحدهما. ومن ثم، تبرز فكرة أن العمال والديمقراطيين الليبراليين يمكن أن يتحالفا لمنع كاميرون من تولي رئاسة الوزراء. وتأمل الصحيفة أن الناخبين الذين صوتوا لصالح الديمقراطيين الليبراليين سيفضلون استمرار بقاء العمال في الحكومة إذا كان البديل هو مجيء المحافظين.

وتواصل الافتتاحية أن العمال حصلوا على 8.6 مليون صوت (258 مقعدًا) في حين حصل حزب الديمقراطيين على 6.8 صوت (57 مقعدًا فقط بسبب تعقيدات النظام الانتخابي)، مضيفة أن كليج محق في المطالبة بإصلاح النظام الانتخابي كشرط للدخول في أي ائتلاف مع أحد الحزبين الرئيسيين. وفي المقابل، عرض براون إجراء استفتاء بهدف اعتماد نظام التمثيل النسبي أي، تقول الصحيفة، تبني نظام يخصص مقاعد برلمانية حسب عدد الأصوات المدلى بها في الانتخابات العامة.

وتختتم الصحيفة بالقول إن هناك تقاربًا بين الديمقراطيين والعمال في ما يخص مقاربة بعض القضايا الرئيسية. ومن ثم، فإن الفرصة تاريخية، تقول الأوبزرفر، لاعتماد الحزبين مبادئ الحكم الرشيد لما فيه صالح بريطانيا، مضيفة أن براون مطالب بعرض شراكة حقيقية على كيلج تهدف إلى إدارة شؤون البلاد بطريقة فيها تجديد وتقديم التنازلات المطلوبة لضمان نجاح الاتفاق بينهما وذلك بانسحابه من الحياة السياسية.


وفي سياق متصل، كتبت صحيفة الصنداي تايمز بدورها في افتتاحيتها الرئيسية للمفاوضات الجارية بين حزب المحافظين والديمقراطيين الليبراليين بهدف تشكيل الحكومة. تقول الصحيفة إن الناخبين انتقموا من سياسيي حزب العمال ربما بسبب استغلال بعض النواب للنفقات المخصصة لهم.
وتمضي الافتتاحية قائلة إن أحد الاحتمالات الواضحة هي أن براون لم يعد له مكان في الحياة السياسية ومن ثم لا ينبغي أن يبقى رئيسًا للوزراء. لكن الصحيفة تذهب إلى أن براون سيقول إن بقاءه في منصبه حتى الآن هو لضمان استمرار الحكومة في مزاولة مهامها حتى تشكل إدارة جديدة بموجب مقتضيات الدستور. وتواصل الصحيفة أن هذه الصورة ليست هي ما يراه الناخبون إذ يرون براون وهو يحاول التشبت بمنصبه.

وتمضي قائلة إن براون خسر الانتخابات وبالتالي فإن الخيار المتبقي أمامه هو الرحيل. وكلما بقي في الحكومة، تزيد الأضرار التي تلحق بالعمل السياسي والمصلحة الوطنية وحزب العمال، تقول الصحيفة. وتواصل أن كل ساعة تمر دون أن يتنحى من منصبه، يصبح من الصعب عليه الرحيل بكرامة لصالح الحزب. وتقول إن براون سبق له أن أصبح رئيسًا للوزراء دون أن يُنتخب لكن أن يكرر السيناريو ذاته مرة ثانية، فإنه سيجر كارثة على البلد.