فيما يواصل قادة حزب المحافظين والديمقراطي الليبرالي المشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية بعد النتائج غير الحاسمة للانتخابات العامة الأخيرة، تواجه بريطانيا حالة من عدم الاستقرار السياسي وسط توقع الخبراء انه سيتحتم إجراء انتخابات جديدة قبل نهاية العام 2010. في وقت اكدت الولايات المتحدة ان الغموض الناتج عن الانتخابات لن يؤثرفي العلاقات.
كاميرون زعيم الحزب الديمقراطي |
لندن: بعد ان اسفرت الانتخابات البريطانية الى توجه البلاد نحو اعتماد البرلمان المعلق، أجمع المراقبون على ان المملكة المتحدة مقبلة على انتخابات جديدة قبل نهاية العام ستكون كلفتها ثمينة بالنسبة إلى الاحزاب. ورأت فيكتوريا هانيمان استاذة السياسة في جامعة ليدز البريطانية انه quot;في اي حال من الأحوال ستجرى انتخابات اخرى في وقت قريب وربما قبل نهاية العامquot;.
بدوره صرح ديفيد باتلر خبير الانتخابات في جامعة نوفيلد في اكسفورد للبي بي سي انه من المرجح ان تجرى انتخابات جديدة في وقت قريب quot;لانني لا ارى امكانية التوصل الى التسويات الضرورية لتشكيل ائتلافquot;. وكانت اخر مرة انتخبت فيها بريطانيا برلمانا معلقا في شباط/فبراير 1974 وادى الامر الى اجراء انتخابات ثانية في تشرين الاول/اكتوبر من ذلك العام، اي بعد ثمانية اشهر.
واضاف باتلر quot;اعتقد ان المقارنة مع عام 1974 مناسبة، واعتقد انه اذا قاد ديفيد كاميرون الحكومة المقبلة، التي ستكون حكومة اقلية، فان امامه فرصة جيدة للفوز باغلبية واضحة في انتخابات سريعة تجرى بعد ذلكquot;.
كما راى د.ريتشرد توي المؤرخ في التاريخ ان البلاد مقبلة على انتخابات جديدة بين تشرين الاول- اكتوبر و تشرين الثاني- نوفمبر من العام الجاري. وراى توي ان احتمال التوجه الى انتخابات قريبة قد تتضاعف يوم الجمعة وقد ارتفعت النسبة من 28% الى 38%.
على صعيد متصل يتحدث المراقبون عن احتمالين لحل الازمة، الاول هو ان يتحالف حزب العمال من اليسار الوسط بزعامة غوردن براون مع حزب الديمقراطيين الاحرار الوسطي، والثاني هو ان يتدخل ديفيد كاميرون ويبرم اتفاقا مع حزب نك كليغ، وهو الامر غير المرجح.
وحتى لو تحالف حزب العمال مع الديمقراطيين الاحرار، فلن يحصل على عدد المقاعد الضروري (326 مقعدا)، ما يعني انه ربما يضطر الى التحالف مع احزاب اصغر مثل احزاب ويلز واسكتلندا القومية. الا ان ابرام اتفاق يقوم على عدد كبير من الاحزاب التي لها مصالح متضاربة يمكن ان يؤدي الى تحالف غير مستقر اطلاقا ما سيعصف بالاسواق.
وكان المحافظون عرضوا الجمعة على الديمقراطيين الاحرار، ثالث القوى السياسية في بريطانيا، تشكيل حكومة مشتركة بعدما اظهرت نتائج الانتخابات التي جرت الخميس فوز حزبهم، الا ان رئيس حزب العمال غوردن براون رفض الاقرار بالهزيمة.
وقال ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين quot;اريد أن اقدم للديمقراطيين الاحرار عرضا كبيرا ومفتوحا وشاملا. اعتقد اننا نملك ارضية صلبة لتشكيل حكومة متينةquot;، مضيفا ان المفاوضات ستبدأ quot;الآنquot;.
لكن كاميرون حدد المجالات التي سيكون على استعداد للمساومة فيها، وفي طليعتها الامور المتعلقة بالاتحاد الاوروبي، حيث يرفض المحافظون اعتماد اليورو فيما يعتبر الديمقراطيون الاحرار بزعامة نك كليغ ان هذا الامر يشكل هدفا quot;على المدى البعيدquot;.
وفي هذا السياق قال كاميرون quot;اعتقد انه لا ينبغي على أي حكومة ان تمنح الاتحاد الاوروبي مزيدا من السلطةquot;.
غير ان المحافظين وافقوا على اطلاق ورشة اصلاحات انتخابية لطالما نادى بها الديمقراطيون الاحرار.
واجرى كاميرون وكليغ اتصالا هاتفيا مساء الجمعة. وقال المتحدث باسم كليغ ان الرجلين quot;اتفقا على تقصي الاقتراحات بشأن برنامج اصلاح سياسي واقتصاديquot;. كما دعي النواب الديمقراطيون الاحرار الى اجتماع عند الساعة 11,00 ت غ السبت.
النتائج الرسمية تؤكد فوز المحافظين
ووفقا للنتائج الرسمية النهائية فان المحافظين فازوا في هذه الانتخابات، للمرة الاولى منذ 1992، محرزين 306 مقاعد (36,1% من الاصوات)، اي بزيادة 100 مقعد عن الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في 2005. الا انه ينقصهم 20 مقعدا للحصول على الغالبية المطلقة.
وفاز حزب العمال ب258 مقعدا (29% من الاصوات)، وهي النتيجة الأسوأ التي يحققها الحزب منذ 1983.
وحل الديمقراطيون الاحرار في المرتبة الثالثة حاصلين على 57 مقعدا (23% من الاصوات). واعتبر نك كليغ هذه النتيجة quot;مخيبةquot;، اذ لم يتمكن من تحويل الشعبية التي اكسبته اياها المقابلات التلفزيونية الى فوز بعدد اكبر من المقاعد.
وفي هذه الاثناء، يبقى غوردن براون في انتظار نتيجة المفاوضات بين الرجلين. وقال quot;اذا فشلت المفاوضات بين كاميرون وكليغ فسأناقش مع كليغ المواضيع التي يمكن ان يبنى عليها اتفاق بين حزبيناquot;.
وفي وقت سابق رأى كليغ ان المحافظين لديهم quot;الاولويةquot; في محاولة تشكيل الحكومة الجديدة. وقال quot;اعتقد انه يعود الان لحزب المحافظين ان يثبت انه قادر على حكم البلاد في خدمة المصلحة العامةquot;.
كليغ وسط انصاره |
وكان كليغ اعلن خلال الحملة الانتخابية انه قد يقبل التعاون مع حزب العمال، لكنه سيواجه صعوبة في التعامل مع براون.
ويمكن للمحافظين ان يشكلوا حكومة اقلية، او ان يعقدوا تحالفا مع الديمقراطيين الاحرار، او مع احزاب صغيرة مثل الوحدويين الايرلنديين الذين حصلوا على ثمانية مقاعد في مجلس العموم.
ولا يتيح هذا الوضع لكاميرون تشكيل حكومة في شكل فوري. فالاعراف في غياب الدستور المكتوب في بريطانيا، تقضي باحتفاظ رئيس الوزراء بالسلطة ما لم يظهر بشكل جلي انه لم يعد يملك قاعدة لممارسة الحكم، وعندها يضطر الى الاستقالة.
وليس من المتوقع أن يتم على الفور، الإعلان عن تشكيل ائتلاف حاكم بل إن الأمر قد يستغرق بضعة أيام. كما أنه ليس من المتوقع أن يتقدم رئيس الحكومة الحالية غوردن براون باستقالته إلى الملكة إليزابيث الثانية إلا بعد أن تتضح صورة الموقف بدقة خلال اليومين القادمين.
وكان براون قد أعلن في كلمته عقب إعلان فوزه في دائرته في اسكتلندا إنه ملتزم بان تكون هناك حكومة قوية أيا كانت نتائج الانتخابات النهائية.وعدد براون إنجازات حكومته فيما فسره البعض على أنه اعتراف منه بنهاية فترة حكم حزبه.
وجاء في تصريح من مقر رئيس الحكومة في لندن أن براون قد يحاول تشكيل ائتلاف يحكم البلاد في حال فشل أي من الاحزاب الرئيسة الثلاثة بالفوز بأغلبية مطلقة.
يشار الى ان الانتخابات شهدت أيضا فوز حزب الخضر بأول مقعد له في مجلس العموم عن مدينة برايتون الساحلية فيما خسر زعيم الحزب القومي البريطاني اليميني نيك جريفين لصالح مرشحه حزب العمال في دائرته الانتخابية.
وشهدت الانتخابات نسبة مشاركة مرتفعة لكن شابتها عيوب. فقد اعلنت اللجنة الانتخابية عن quot;تحقيق معمقquot; اذ لم يتمكن مئات الناخبين من التصويت بسبب الطوابير الطويلة امام مكاتب الاقتراع.
واشنطن تؤكد متانة العلاقات
من جهة اخرى، اكد البيت الابيض ان quot;العلاقات المميزةquot; التي تربط واشنطن ولندن لن تتأثر بالغموض السياسي الناتج من الانتخابات البريطانية، حيث لم يحصل اي حزب على الغالبية المطلقة في مجلس العموم.
وقال روبرت غيبس المتحدث باسم البيت الابيض في تعليق على نتائج الانتخابات البريطانية quot;نحن نتطلع الى العمل مع اي شخص يشغل منصب رئيس الوزراءquot;. واضاف ان الرئيس باراك اوباما اطلع على نتائج الانتخابات البريطانية.
التعليقات