شهادات كتَاب وشعراء ونقّاد لبنانيين في معالي الشاعر د.غازي القصيبي

المنامة تبكي تلميذها وسفيرها غازي القصيبي

وفاة الأديب غازي القصيبي بعد معركة مرهقة مع السرطان

مثقفون ومفكرون وأدباء يتحدثون عن رحيل الأديب الاستثنائي

شيّع السعوديّون الأديب الدكتور غازي القصيبي الذي توفّي صباح الأحد مع رحلة طويلة ومضنية مع مرض سرطان المعدة. وصلّى على روحه الآلاف من السعوديين في جامع الأمام تركي وسط العاصمة السعودية الرياض وسط حضور رسمي يتقدّمهم أمير منطقة الرياض بالنيابة الأمير سطام بن عبد العزيز وأم الصلاة مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ.

الرياض:حملت مغادرة الوزير السعودي غازي القصيبي ردود فعل متباينة من أوساط الشارع السعودي بكلّ أطيافه من نخبه وبسطائه ووصلت هذه المشاعر إلى قطاعات التلفزة والإذاعة التي بدأ الكثير منها بنشر لقاءات وندوات ومحاضرات أجريت للفقيد القصيبي.

وحمل عدد من المواقع الإلكترونية والمنتديات ردود الفعل بعد وفاة الأديب والوزير السعودي وهو الذي تدرج من الوزارة إلى السفارة والعكس، أوّل هذه الردود ما سجّله وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة الذي قال في صفحته عبر quot;الفيسبوكquot; متأثّرًا بهذا الخبر الذي لم يستطع أن يكمل تعليقه: quot;اليوم خسرنا فريقاً من الرّجال اجتمعوا في رجل واحد هو غازي القصيبي: غازي الإنسان.. غازي الإداري.. غازي الدبلوماسي..غازي الأديب. وداخل غازي الأديب خسرنا أكثر من أديب: غازي الشاعر.. غازي الكاتب.. غازي الروائي.. غازي الساخر. إنني لا أستطيع أن أكمل. إنّا لله وإنّا إليه راجعونquot;.

مآثر وإنجازات الراحل القصيبي يتذكّرها السعوديّون بكافة أجيالهم فهناك من يستذكّره إبّان عمادته لكليّة التجارة في جامعة الملك سعود في الرياض ودوره الكبير في تخطيطه الرئيس لإعادة النهوض بهذه الكلية حين يتذكّرها أحد دارسيها الذي يقول إنّ القصيبي دائمًا ما كان يردّد عبارة quot;إذا أردت أن تقتل مسؤولاً فأعطه كرسيًّا بلا صلاحياتquot; ويقول الدكتور الذي داهمته عبراته في حديثه quot;لإيلافquot; إنّ أبا سهيل من الذين عانوا وتجرّعوا مرارة البيروقراطية الحكومية منذ وقت طويل وحاول بقدر استطاعته أن يتجاوزها أحيانًا.


القصيبي الذي تجرّع مرارة بعض التيارات في الأوساط السعودية خصوصًا تلك التي تناديه دائمًا بالرجل التغريبي إلاّ أنّه كان دائمًا ما يودّ إنشاء ساحات الحوار وتوفير الأرضيّة المشتركة للتعايش مع كلّ الاختلافات حسب ما قاله أحد المقربين له في حديثه quot;لإيلافquot; وأضاف أنّه كان يودّ الوصول إلى القصيبي الذي تمّ منع الزيارة أثناء وجوده في المستشفى التخصّصي منذ أكثر من شهر الا أنّه كان يسهب بالحديث عن أعماله الخيرية التي رسمت البسمة خصوصًا من أولئك الذين يعدّون من أصحاب الاحتياجات الخاصّة الذين يتربّعون على مقاعد في قلب الراحل القصيبي.

وأضاف أن القصيبي رجل صنع التاريخ واستطاع أن يصل إلى أعلى المراتب من خلال أدائه وجهده وعمله وحبّه الكبير لوطنه على الرغم من الانتقادات التي توجّه إليه إبّان عمله في عدد من الوزارات ومنها وزارة المياه والكهرباء وآخرها وزارة العمل التي أرهقته كثيرًا على حدّ وصفه، وأضاف مفضلاً عدم ذكر اسمه أن القصيبي رحل بهدوء تاركًا أعماله الكبرى تحكي قصصًا لأجيال عن أديب وإداري فذ.

الكثير من المدوّنين السعوديّين حفلت مدوّناتهم بذكر مآثر هذا الرجل الكبير بأعينهم وقال أحدهم إنّ القصيبي الذي رحل رحلت معه أجيال من الإبداع والتأثير وأضاف آخر في مدوّنة أخرى أنّ القصيبي هو المسؤول الوحيد الشجاع الذي يقول رأيه بكلّ جرأة وقوّة وإن حدث التقصير فهو أول من يعترف به.

ويبدو أنّ وزارة العمل السعودية التي كانت همًّا كبيرًا للوزير المغادر وزارته بأمر من الأقدار التي قادته للمغادرة وهو على رأس العمل كأول الوزراء السعوديين الذين يغادرونها بهذه الطريقة هي الوزارة التي لقي فيها الكثير من المؤيّدين والكثير الكثير من المعارضين خصوصًا من بعض التجار الذين أرادوا التكسب بعدّة طرق من خلال تأشيرات العمالة وهي الهدف الذي رمى القصيبي إليه سهامه لإبطاله وأسماها حرب التأشيرات وقام معها هؤلاء التجار بالمطالبة بإقالة القصيبي لتعارض خططه مع المصلحة العامة على وصفه إلاّ أنّ الشاكرين لعطائه تجاوزًا منتقديه.

المرافق الخاصّ للوزير والأديب القصيبي عبد الحميد عبده قال في حديث quot;لإيلافquot; إنّه لم ير في حياته مثل هذا الإنسان الذي يهتمّ به وبغيره من العاملين لديه اهتمام كبير وهو الذي ينفق من دون أن تعلم يمينه ما تنفقه شماله على حدّ وصفه. وقال في حديثه بنبرة صوت متحسّر على ضياع أساسه كما قال: quot;هو العظيم في كل شيء حتّى أنني أتلذّذ بكلماته حين أقدّم له كأس الماء أو الشاي الذي غالبًا ما يتحفني بدعواته ومرحهquot; وقال عبده الذي قضى أكثر من 26 عامًا برفقة القصيبي إنّ الجلوس مع الراحل غازي طول هذه الفترة ليست سوى ساعة لما لها من أنس ومحبة يغمر بها قلوبنا.

رحيل القصيبي حرّك أرشيفًا كبيرًا لدى الكثير من القنوات التلفزيونية والإذاعية بدأتها القناة الثقافية السعودية بحديثها عن القصيبي من خلال حلقة لأكثر من ساعتين تحدث فيهاعدد من الكتّاب والروائيين والأصدقاء المقربين من القصيبي وأعادت بعض المحطات حلقاتها التسجيلية التي تمّ إجراؤها خلال الأعوام الماضية مع الوزير والأديب غازي القصيبي.