مع تحوّل مهمّة القوات الاميركية في العراق اليوم الاربعاء الاول من أيلول من عملية quot;حرية العراقquot; الى quot;الفجر الجديدquot; إثر اكمال انسحابها من البلاد، أكدت حكومة بغداد أن هذا الانسحاب لا يعني تخلي الولايات المتحدة عن مساعدة العراق عند نشوء اي خطر خارجي او داخلي يهدد وحدة البلاد ويهدد نظامها الديمقراطي واتخاذ الاجراءات لردعه... فيما ينتقل نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن الى اربيل اليوم لاجراء مباحثات مع القادة الاكراد بالترافق مع تسليم قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال راي اديرنو القيادة الى القائد الجديد الفريق لويد أوستن خلال حفل رسمي في بغداد.

قالت وزارة الخارجية العراقية اليوم الاربعاء إن الولايات المتحدة الاميركية قد أكملت بنهاية يوم الثلاثاء انسحاب قواتها القتالية العاملة من العراق استنادًا الى الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن بشأن انسحابها وتنظيم انشطتها خلال وجودها الموقت فيه والموقع في السابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2008 بعد ان اثبتت قوات الامن العراقية قدرتها على فرض الأمن في جميع انحاء العراق. وأكدت الوزارة أن انسحاب القوات الاميركية quot;لا يعني بأي حال من الاحوال تخلي الولايات المتحدة عن الالتزام بمسؤولياتها المنصوص عليها في الفقرة (1) من المادة السابعة والعشرين من الاتفاق في ما يتعلق بمساعدة العراق عند نشوء اي خطر خارجي او داخلي او وقوع عدوان ما عليه من شأنه انتهاك سيادته او استقلاله السياسي او وحدة اراضيه او مياهه او اجوائه او تهديد نظامه الديمقراطي او مؤسساته المنتخبة واتخاذ الاجراءات المناسبة لردع مثل هذا التهديدquot;.

واشارت الى انه في الوقت الذي سيقلص هذا الانسحاب من وجود القوات الاميركية في العراق الامر الذي يلبي متطلبات السيادة العراقية، فإن العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بين البلدين ستشهد تقدّمًا كبيرًا من خلال تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي لعلاقة الصداقة والتعاون بين العراق والولايات المتحدة الموقع عليها في اليوم نفسه مع الاتفاقية الامنية quot;من اجل اقامة علاقات تعاون وصداقة طويلة الامد استنادًا الى مبدأ المساواة في السيادة والمبادئ الواردة في ميثاق الامم المتحدة وبما يخدم المصالح المشتركة لكلا الشعبين والبلدينquot;.

وعبرت عن تقدير العراق quot;لما قامت به الولايات المتحدة من جهود من اجل مساعدة الشعب العراقي في تأسيس نظام ديمقراطي واقامت حكومة بموجب الدستور فإننا على ثقة كبيرة بقدرات قواتنا الامنية الوطنية في تحمل مسؤولياتها التاريخية في حماية تلك المكتسبات وفي توفير الامن وتعزيز سيادة القانونquot;.

إقرأ المزيد:
القوات الأميركيّة المقاتلة تنسحب وسط تطبيق ديمقراطي متعثر

ومن جهته، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن العراق أبلغ جيرانه بأن سحب القوات الأميركية لن يترك فراغا أمنيا وحذرهم من محاولة التدخل في شؤون العراق حيث لايران نفوذ كبير في العراق منذ الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين في العام 2003 كما يشكو مسؤولون عراقيون أيضًا من تدخل من جانب السعودية وتركيا وسوريا. وقال زيباري في تصريحات صحافية إن الجميع حاولوا القيام بدور في توجيه السياسة العراقية بعد ستة اشهر من انتخابات لم تسفر عن فائز واضح ولم يتم حتى الان تشكيل حكومة جديدة والان يعدون أنفسهم للموعد الذي ستنسحب فيه القوات الاميركية بالكامل في العام 2011. واشار الى ان كثيرين منهم يتوهّمون انه سيكون هناك فراغ أمني في اللحظة التي تغادر فيها القوات الامريكية العراق وانه يمكنهم التقدم لشغل الفراغ. واضاف انه حذر الجميع من انه لن يكون هناك أي فراغ واذا كان هناك فراغ فإن الوحيدين الذين سيملأون هذا الفراغ هم العراقيون انفسهم.

واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الليلة الماضية ان quot;المهمة القتالية الاميركية في العراق انتهتquot;. وقال quot;اعلن اليوم ان المهمة القتالية في العراق انتهت. لقد انتهت عملية quot;حرية العراقquot; وبات العراقيون مسؤولون عن الامن في بلادهمquot;. واضاف اوباما ان quot;الامر يتعلق بالوعد الذي قطعته للشعب الاميركي عندما كنت لا ازال مرشحًا لهذا المنصبquot;. وكان قد أعلن جدولاً لانسحاب تدريجي للقوات الاميركية من العراق في اواخر شباط (فبراير) الماضي بعد شهر على توليه مهامه كرئيس للبلاد. وقال اوباما الذي القى خطابه من المكتب البيضاوي في البيت الابيض quot;هذا ما قمنا به. لقد قمنا بسحب مئة الف جندي اميركي من العراق. لقد اغلقنا مئات القواعد او قمنا بتسليمها الى العراقيين. كما قمنا بنقل ملايين المعدات العسكرية من العراقquot;. واكد اوباما من جهة اخرى ان بلاده كانت على قدر مسؤولياتها في العراق حيث دفعت quot;ثمنًا باهظًاquot; في النزاع الدائر هناك حيث قتل اكثر من اربعة الاف جندي اميركي في العراق منذ أحتلاله في اذار (مارس) العام 2003 بامر من الرئيس الاميركي السابق جورج بوش.

بايدن الى اربيل للقاء بارزاني
وبعد مباحثاته في بغداد أمس حيث التقى كبار القادة العراقيين ينتقل نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن اليوم الاربعاء الى اربيل عاصمة اقليم كردستان (220 كم شمال بغداد) لاجراء مباحثات مع القادة الاكراد يتقدمهم رئيس الاقليم مسعود بارزاني.

وسيبحث بايدن مع بارزاني آخر التطورات السياسية والامنية على الساحة العراقية وانعكاسات انسحاب القوات الاميركية من العراق على هذه التطورات وضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وتقررت زيارة بايدن الى اربيل اثر مكالمة هاتفية مع بارزاني الليلة الماضية تبادلا خلالها الآراء حول مستجدات الوضع السياسي على الساحة العراقية والمساعي الجارية لتشكيل الحكومة اضافة الى العلاقات بين إقليم كردستان والولايات المتحدة.

وكان نائب قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال كينث هنزيكر استبعد مؤخرا فكرة نشر قوات دولية في المناطق المتنازع عليها بعد الانسحاب الأميركي منها الا انه أكد وجود اتفاق مع الجانب العراقي لإبقاء نقاط أمنية مشتركة في تلك المناطق لحفظ الأمن فيها.

وكان بايدن اجرى في بغداد امس مباحثات مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي كلا على حدة وبحث معهما السبل الكفيلة بالاسراع في إيجاد صيغة توافقية من أجل مشاركة القوى السياسية العراقية في تشكيل حكومة جديدة ومدى جاهزية القوات العراقية لحفظ الامن بعد الانسحاب اضافة الى الانتقال في العلاقات بين البلدين من التعاون العسكري الى السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي. كما التقى بايدن مع نائبي الرئيس العراقي عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي اضافة الى زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات اياد علاوي.

وكان المالكي قد قال امس لدى اكتمال انسحاب القوات الاميركية المقاتلة إن العراق نال استقلاله بانتهاء العمليات القتالية الأميركية مضيفًا أن قوات العراق الأمنية ستتعامل الآن مع كل التهديدات سواء الداخلية أو الخارجية. واضاف في خطاب لمناسبة تحول الجيش الأميركي إلى قوة تساعد وتقدم النصح quot;أن العراق اليوم ذو سيادة ومستقلquot;. واوضح أن القوات الأمنية العراقية ستقوم بالدور الرئيس في إرساء الأمن وتأمين البلاد والقضاء على كل التهديدات التي ستواجهها سواء داخليًا أو خارجيًا.

أديرنو يسلم قيادة القوات الاميركية الى خلفه أوستن
ومن جهتها، قالت القوات الاميركية انها قررت حضور عدد محدود من الاعلاميين لتغطية حفل نقل سلطات ألقوات الاميركية بسبب quot;تزايد الاجراءات الأمنيةquot; موضحة انه لن يكون هنالك مؤتمر صحافي بعد مراسيم نقل قيادة القوات الأميركية في العراق من الفريق الأول رايموند أوديرنو الى الفريق لويد أوستن وذلك ظهر اليوم الاربعاء.

واشارت القوات في بيان صحافي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه ان مراسيم نقل السلطة ستجري اليوم الاربعاء الاول من ايلول (سبتمبر) المقبل على الساعة الثالثة بعد الظهر. وقالت ان الحفل سيجري في قصر الفاو ببغداد وهو احد القصور الفخمة للرئيس العراقي السابق صدام حسين واستخدمته القوات الاميركية مقرا لمعسكرها الذي تطلق عليه quot;النصرquot;. وطلبت من وسائل الأعلام المهتمة بالحضور تقديم المعلومات التالية والتي تشمل: الأسم الكامل كما مكتوب في هوية المركزالأعلامي والصحفي المشترك، الجنسية، اسم الوكالة الصحفية، رقم الهاتف النقال، عنوان البريد الأكتروني، رقم هوية المركزالأعلامي والصحفي المشترك و هوية قوات الولايات المتحدة الأميركية وكذلك ادراج جميع الأجهزة الأكترونية وأجهزة التسجيل التي سوف يتم استخدامها في التغطية الاعلامية.

وأنهى الجيش الاميركي رسميًا عملياته القتالية في العراق مختتما ما يأمل ان تكون الفصول الاكثر دموية والافدح ثمنًا في الحرب التي شنها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش قبل سبع سنوات ونصف السنة.

ومن جانبه، اوضح الناطق الرسمي بإسم القوات الأميركية في العراق الجنرال ستيفن لانـزا ان الثلاثاء هو اخر يوم لما أطلق عليه عملية quot;حرية العراقquot; حيث سيتم اليوم وهو الاول من ايلول (سبتمبر) البدء بتطبيق quot;عمليـة الفجر الجديدquot;.

وقال لانـزا quot;سنتحول من تنفيذ العمليات العسكرية إلى تنفيذ العمليات المرتبطة بحالة تعزيز الاستقرار وتقديم المشورة ضمن عملية الفجر الجديدquot;. واشار الى ان quot;عملية الفجر الجديدquot; ستفضي بعد تنفيذها إلى تحقيق ثلاثة أهـداف كبيرة : هي انها ستفضي اولا إلى قيام القوات الأميركية بالمشاركة مع قوات مغاوير العمليات الخاصة العراقية في تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب والتمرد كما ستقوم بتقديم المشورة والإسناد للقوات الأمنية العراقية وذلك من خلال التعايش والتواجد الفعلي مع تلك القوات الرديفة في مواقعها وحتى مستوى الكتيبة العسكرية.

وأوضح لانـزا أن المهمة الثانية ستتولى تشكيل ست فِـرقٍ أو مجاميع متخصصة بتقديم المشورة والتوجيه قد تم تخصيصها لتمكين القوات الأمنية العراقية من بناء وتطوير قدراتها وإمكانياتها. وفي ما يخص الهدف الثالث قال الجنرال لانـزا إن القوات الأميركية ستستمر خلالها في في دعم ورعاية جهود فرق إعمار المحافظات العراقية التي تضطلِـع السفارة الأميركية في العراق بتنفيذ مهامها وواجباتها والتي تهـدف إلى تنفيذ المشاريع ذات الطابع المدني وتطوير المؤسسات المدنية العراقية.

وقد تراجع عدد قوات الجيش الاميركي في العراق منذ الثامن عشر من الشهر الحالي الى أقل من خمسين الف جندي ليبلغ 49700 فرد حيث سيبقى العدد عند هذا المستوى حتى الصيف المقبل.. بعد ان كان عدد الجنود الأميركيين في عام 2007 حوالى 167 الفًا. وقد فقدت القوات الاميركية في العراق اكثر من 4400 عسكري لقوا مصرعهم منذ اجتياحه في العام 2003.