تكاثرت في الآونة الأخيرة حالات القتل الناجمة عن استخدام الأسلحة النارية، وتلك الناجمة عن الرصاص العشوائي الذي يطلق في المناسبات الاجتماعية، من أسلحة أغلبها غير مرخص، الأمر الذي ولد حالة إستياء كبيرة في المجتمع الأردني، ورغبة حكومية في فتح الملف.

عامر الحنتولي - إيلاف: في أول أيام عيد الفطر يوم الجمعة الماضي قتل ثلاثة أردنيين على يد أقارب وأصدقاء لهم، فتحوا النار عليهم من مسدسات وأسلحة أوتوماتيكية، ثبت أن حيازتها لم يكن بشكل قانوني، الأمر الذي دفع الحكومة الأردنية الى الإيعاز لوزيري الداخلية نايف القاضي، والعدل هشام التل تقديم مقترحات عاجلة لإجراء تعديلات على قانون الأسلحة في الأردن، وذلك بعد أكثر من شهر على طلب مماثل للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الذي طلب تغيير القوانين ذات الصلة، وتغليظ العقوبات إن لزم الأمر، بعد أن تكاثرت حوادث القتل بالأسلحة النارية على نحو لافت ومقلق أردنيا في الأشهر الأخيرة، علما أن محاولات جمع الأسلحة غير المرخصة في الأردن قبل سنوات لم تثمر.

وفي شهر أيار|مايو الماضي قرر العاهل الأردني فجأة استبدال مدير الأمن الداخلي الأردني، بعد حوادث متكررة سقط خلالها عشرات القتلى، إما بالرصاص المباشر إثر خلافات بين أفراد من عشائر أردنية مختلفة، أو بسبب الرصاص الطائش الذي يطلق بكثافة في المناسبات الأردنية، كتقليد اجتماعي بات مذموما، ووصل حد تجريمه بفتاوى دينية في الداخل الأردني، إذ كلف الملك الأردني المدير الجديد للأمن الداخلي وهو لواء جاء من رحم المؤسسة العسكرية حين كان كبير المرافقين العسكريين للملك الأردني الراحل حسين بن طلال، بتفعيل القوانين اللازمة، وتغليظ العقوبات، وتطبيق القانون، وعدم التساهل وقبول الوساطات من وجهاء وأعيان المجتمع الأردني، في توسطهم لمن خالفوا القوانين، وقاموا بجرائم القتل، وحمل السلاح غير المرخص، وهي المهمة التي يشرف عليها الآن اللواء حسين المجالي، الذي استدعي من المنامة حيث كان يعمل سفيرا هناك، قبل ساعات من تعيينه في المنصب الجديد.

ومنذ عامين فقد وقعت في المدن الأردنية المختلفة العشرات من حوادث إطلاق النار من أسلحة نارية غير مرخصة، خلال المشاجرات العائلية، إذ أقدم العشرات على ارتكاب مجازر دموية بحق الآباء والأمهات والزوجات والأبناء، في ظاهرة أردنية إستجلبت نقاشات عامة ومتخصصة لبحث طبيعة الظاهرة الجديدة التي تشكل منذ أشهر تحديا أمنيا، يهدد الامن والسلم المجتمعي، وهو الأمر الذي بات من المرجح معه أن تطل عقوبات جديدة صارمة لسحب الأسلحة التي لم ترخصها الجهات الحكومية، وكذلك تغليظ عقوبات إستخدام الأسلحة بلا تراخيص، ورفع مبالغ الغرامة، وإطالة أمد سنوات عقوبة السجن في مسعى إلى ضبط الظاهرة، وسط تشككات مختصين من نجاح الأمر، وهم يشيرون الى التثبت من حالات قام خلالها مسؤول أمني سابق طرد من وظيفته قبل عامين، بإهداء شخصيات زارته في مكتبه مسدسات تحمل شعار الدولة الأردنية، إذ سرعان ما قامت الشخصيات ببيع تلك القطع النارية في السوق الأردنية.

وتعتبر ظاهرة حمل السلاح، وترك جزء منه ظاهرا من تحت اللباس بشكل مقصود، نوعا من المباهاة الإجتماعية في الأردن، فلا يعرف حتى الآن على سبيل المثال أسباب حمل موظفين مدنيين للسلاح، وهم في وظائفهم المكتبية، دون أن تستدعي طبيعة الأعمال التي يؤدونها حمل تلك الأسلحة، إذ عمدت الكثير من المؤسسات الأردنية الى لجم تلك الظاهرة، بعد أن وقعت جريمة قتل في الجناح الخاص لمكتب مدير الأمن الداخلي الأردني السابق اللواء مازن القاضي، إذ أقدم أحد الضباط على قتل أحد زملائه بسبب خلافات وظيفية، وقام أحد موظفي المحاكم الأردنية قبل سنوات بقتل أحد المتهمين، الذي أدين بحكم قضائي لم يرض القاتل.

وفي السنوات الأخيرة فقد وقع العديد من حالات الإعتداء على رجال الأمن العام بإطلاق النار عليهم من قبل مجرمين خطرين، وفارين من وجه العدالة، في محاولة للفرار من محاولات القبض عليهم، وسط إنطباعات بأن فوضى السلاح غير المرخص الحالية، ناجمة عن الحجم المتنامي لظاهرة تجارة الأسلحة المهربة، دون أن يعرف بعد الحجم الذي استقرت عنده تلك الظاهرة، وسط محاولات مكثفة من الدولة للجم ظاهرة السلاح غير المرخص.

وفي أضيق الحالات يجير القانون الأردني لبعض الأفراد حمل السلاح وإقتناءه بسبب الطبيعة الخاصة لطالب الترخيص، كحماية نفسه من اعتداء محتمل، أو حماية متجره من السرقات، إلا أن بعض جهات البحث الأردنية قالت في الآونة الأخيرة إن ترخيص الأسلحة لم يكن في أضيق الحالات، بل رصدت محاولات استسهال منح رخصه، ودون حاجة ملحة.