الشرطة المصرية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين

في الوقت الذي تواجه فيه الإدارة الأميركية الحالية مشهد المحتجين الغاضبين وضباط شرطة مكافحة الشغب من تونس إلى مصر إلى لبنان، ها هي تتلمس طريقها لكي تضع خطة تتعامل من خلالها مع منطقة شائكة على الدوام وتمضي الآن بشكل مفاجئ في اتجاهات خطرة.


بينما واجه الرئيس المصري، حسني مبارك، موجة هي الأعنف على مدار سنوات من الاحتجاجات يوم أمس الثلاثاء، بالتزامن مع ما شهده لبنان أيضًا يوم أمس من أحداث، رأتصحيفة نيويورك تايمزالأميركية أن إدارة الرئيس الأميركيباراك أوباما، تتصارع مع قوى متقلبة وعدوانية بصورة محتملة، وقامت بالفعل بإعادة ترتيب المشهد السياسي في المنطقة.

ورغم هذه التحولات المفاجئة، إلا أن مشروع الإدارة الأساسي في المنطقة، وهو المتعلق بملف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قد أصبح أكثر تعقيدًا هو الآخر هذا الأسبوع، بعد الكشف عن وثائق سرية تزيح النقاب تفصيلًا عن تنازلات فلسطينية تم تقديمها في المحادثات مع إسرائيل. وهي التسريبات التي أوضحت الصحيفة أنها ستقلل ربما من فرص موافقة الفلسطينيين على تقديم أي تنازلات أخرى.

وفي سلسلة من المقابلات أجريت معهم على مدار الأيام القليلة الماضية، أكد مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة لم تعد تحظي بنفوذ على كثير من الدول في المنطقة، وأن الاضطرابات التي تشهدها مصر تحديدًا قد تُشَوِّش على أجندة سياستها الخارجية.

وأفادت الصحيفة في هذا السياق بأن الرئيس أوباما أجرى اتصالًا الأسبوع الماضي بالرئيس مبارك، في أعقاب الانتفاضة التي شهدتها تونس، لكي يتحدث معه بشأن عدة مشروعات مشتركة مثل عملية السلام في الشرق الأوسط، كما أكد على الحاجة لتلبية التطلعات الديمقراطية للمحتجين التونسيين. كما وجَّه البيت الأبيض تحذيره لحزب الله ضد الإكراه والترهيب، وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة ربما تذهب إلى حد سحب مئات الملاين من الدولارات من قيمة المساعدات التي يتم تقديمها للبنان.

كما أرسلت الإدارة الأميركية الدبلوماسي البارز، جيفري فيلتمان، إلى تونس، لكي يعبر عن دعمه للقوى المساندة للديمقراطية، في الوقت الذي يتحضرون فيه للانتخابات، بعد طرد الرئيس زين العابدين بن علي. ومع أن هناك اختلافات هامة بين شمال إفريقيا ولبنان، إلا أن الصحيفة رأت أن كلا الموقفين يُشكِّلان تحديات مماثلة.

حيث قال بعض المحللين إن الولايات المتحدة ينبغي أن تستغل الأزمة التي تشهدها تونس لكي تقوم بتعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط ndash; ومن ثم تقتص لـ quot;أجندة الحريةquot; الخاصة بإدارة الرئيس جورج بوش، وتمنح أوباما فرصة نادرة لكي يفي بالتعهدات التي سبق أن قطعها على نفسه في ما يتعلق ببناء جسور تواصل مع العالم الإسلامي.

وأشار مسؤولون إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، كانت على مقربة من تحقيق ذلك في قطر قبل أسبوعين، عندما انتقدت بعنف القادة العرب بسبب طرقهم وأساليبهم الاستبدادية، وكان ذلك قبل 24 ساعة فقط من طرد بن علي من منصبه. ومع هذا، لم يبشر خطابها بالعودة إلى نهج الرئيس جورج بوش، وفقًا للمسؤولين.

وهو ما أرجعه مسؤولون بإدارة بوش إلى أن المطالبة بالديمقراطية لم تسر على ما يرام بالنسبة للرئيس جورج بوش، والأكثر أهمية كذلك، أن موجة من الاضطرابات من الممكن أن تقتلع حلفاء يحظون بقيمة وأهمية. ومضت النيويورك تايمز تقول في تلك الجزئية إن الانتفاضة التي شهدتها تونس، التي تعتبر لاعبًا هامشيًا في المنطقة، ليست كتلك التي شهدتها مصر، التي تعتبر لاعبًا محوريًا في المنطقة.

ونقلت الصحيفة هنا عن دانيال شابيرو، المستشار البارز في شؤون الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي، قوله :quot; سوف تمضي تلك الدول بخطى مختلفة. ولا يمكن لأحد، أو لا ينبغي له، أن يحاول التوصل إلى مثال يعني بطريقة التعامل مع ذلكquot;.

وفي وقت حاولت فيه الإدارة أن تحقق توازنًا في علاقاتها بالرئيس مبارك، مع تعبيرها عن القلق بشأن تزوير الانتخابات وسجن المنشقين في البلاد، إلا أنها قد تجد من الصعوبة بمكان أن تتجنب عدم التعامل معه إن استمر تدفق الجماهير في القاهرة، في وقت أصدر فيه البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية في وقت متأخر من مساء يوم أمس بيانات منفصلة يعربون فيها عن قلقهم إزاء الاحتجاجات في مصر.

وتابعت الصحيفة حديثها بنقلها عن آرون دافيد ميلر، زميل السياسة العامة في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، قوله :quot; إن التحدي الذي يَمثُل أمام الإدارة الأميركية الآن هو أن تجد التوازن الصحيح بين تحديد الولايات المتحدة قريبة للغاية مع تلك التغييرات، ومن ثم تقويضها؛ وبين عدم إيجاد سُبل لتغذيتها بما فيه الكفاية. لكنهم لا يعرفون حتى الآن كيف لهم أن يفلحوا في تحقيق ذلكquot;. ولفت بعض المنتقدين إلى أن الإدارة أخطأت بوضعها عملية السلام على رأس أجندة أهدافها الإستراتيجية في المنطقة، متغاضيةً بذلك عن سكان المنطقة العربية الغاضبين.

وختامًا، نقلت الصحيفة عن بعض المحللين قولهم إن التساؤل الأكبر الآن هو ما إن كان يتوجب على الإدارة الأميركية أن تتخذ من تونس وسيلة لإقرار التغيير في أماكن أخرى أم لا. ونقلت عن ستيفن كوك، وهو زميل بارز في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية، قوله: quot;إذا نجح النموذج التونسي، فإن ذلك قد يكون أكبر بكثير من مصدر إلهام بالنسبة إلى الدول العربية عما حدث في العراق. وقد جاء هذا التغيير بصورة غير متوقعة، ولهذا السبب ينبغي أن يستفيدوا منه أقصى استفادةquot;.