ارتفعت حدة الغضب ضد المجلس العسكري الحاكم في مصر بعد أحداث المواجهات أمام ماسبيرو والتي أوقعت عدة قتلى ومئات الجرحى، هذا فيما يرى بعض الأقباط أن الجيش يسعى إلى التمسك بالسلطة ولهذا الغرض أشعل احداث الفوضى.


التظاهرة السلمية تحولت إلى موجة عنف استخدمت فيها الأسلحة النارية

القاهرة: تحوّلت مسيرة غاضبة نظّمها حشد من المصريين المسيحيين بسبب الهجوم الأخير على إحدى الكنائس إلى احتجاجات عنيفة ضد المجلس العسكري الحاكم في مصر، وخلفت الاشتباكات 24 قتيلاً وأكثر من 200 جريح في أسوأ موجة من العنف تشهدها الدولة منذ الثورة ضد الرئيس محمد حسني مبارك في شباط / فبراير.

تأجّجت مشاعر الغضب لتتحول إلى احتجاج مباشر ضد المجلس العسكري الذي يحكم مصر منذ الثورة، بسبب تأخيره في عملية انتقال السلطة الأمر الذي أدى إلى انعدام ثقة المصريين بهذه السلطة.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن المصريين المسلمين هرعوا لمساندة المسيحيين والدفاع عنهم ضد الشرطة بعد أن اندلعت الإشتباكات في الشوارع، في حين قال البعض الآخر إنهم خرجوا لمساعدة الجيش في قمع الاحتجاجات باسم الإستقرار، الأمر الذي حوّل التظاهرة إلى معركة فوضوية حول الحكم العسكري ومستقبل مصر.

ونقلت الصحيفة عن ندى الشاذلي (27 عاما) التي كانت ترتدي قناعاً يقيها من الغاز المسيّل للدموع، قولها إنها خرجت إلى الشارع لأنها سمعت التلفزيون المصري الرسمي يحث quot;المصريين على حماية الجنود من المحتجين المسيحيينquot;، لكنها أشارت إلى أن عدداً من المسلمين رافقوا المتظاهرين المسيحيين في مسيرتهم للإحتجاج على تمسك السلطة العسكرية بالسلطة.

quot;المسلمون يعرفون ما يحدث، الجيش يحاول إشعال فتنة أهليةquot;، اضافت الشاذلي.

ملأ الآلاف من المصريين شوارع وسط المدينة، وحمل العديد منهم العصي والحجارة والمناجل. وقال شهود عيان إن عدة متظاهرين سحقوا تحت السيارات العسكرية، في حين أعلنت وزارة الصحة أن نحو 20 من المتظاهرين أصيبوا بطلقات نارية ويخضعون لعمليات جراحية.

واحتشد المتظاهرون في الشوارع متجهين إلى الإسكندرية، استجابة للأخبار التي وردت على شاشات التلفزيون، وكان شعار معظمهم: quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، في دعوة إلى استقالة المسؤول العسكري الأعلى، المشير محمد حسين طنطاوي. وردد البعض الآخر: quot;المسلمون والمسيحيون يدا واحدةquot;.

قال أحد المتظاهرين المسيحيين، الذي كشف عن اسمه الأول فقط وهو جون: quot;إلى متى سنبقى نعيش في هذا الرعب؟ هذه ليست مسألة مسلم ومسيحي، بل مسألة الحرية التي طالبنا بها ولا يمكننا العثور عليهاquot;.

في نهاية الليل، بينما كانت سحب الغاز المسيل للدموع تطفو في الشوارع المظلمة وبعد أن اختفت الصلبان التي رفعها المتظاهرون، بات من الصعب معرفة من كان يقاتل من.

quot;إنها الفوضىquot;، قال عمر الشامي، وهو طالب مسلم أمضى معظم أيام الثورة في ميدان التحرير في القاهرة، وعاد يوم الاحد للمساعدة في دعم المسيحيين ضد الجيش.

وأعلن التلفزيون الرسمي حظر التجول وسط القاهرة عند الساعة الثانية صباحاً، في حين أعلنت الحكومة المدنية التي تخدم في إطار المجلس العسكري، إن اللجنة برئاسة رئيس الوزراء عصام شرف تعقد اجتماعاً لمعالجة الأزمة.

وقالت الحكومة إنها لن تسمح بأي عمل يهدد quot;الوحدة الوطنيةquot; أو quot;مسار الانتقال الديمقراطيquot;، مشيرةً إلى أن الخطوة الأولى، وتسجيل المرشحين للانتخابات النيابية القادمة في 28 نوفمبر سوف تبدأ يوم الاربعاء.

وقال شرف في مقابلة عبر الهاتف مع التلفزيون الرسمي إن ما يحدث quot;ليس توتراً طائفياً بل خطة تصعيد لتفكيك الدولة هناك نظرية مؤامرة تهدف إلى منع مصر من إجراء الانتخابات التي ستؤدي الى الديمقراطيةquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشعب المصري بات غير قادر على الصبر، وأن الجيش تحول بنظرهم من quot;المخلّصquot; إلى المؤسسة التي تتمسك بالسلطة وتعرقل انتقال السلطة.

وقال ضباط كبار في الجيش إنه كان من المتوقع ان تنتهي الانتخابات البرلمانية في شهر آذار/مارس لكن لا بد من الانتظار لصياغة والتصديق على الدستور قبل إجراء الانتخابات الرئاسية. وذلك يعني أن الجيش سيظل مستلماً زمام الحكم لمدة عامين آخرين أو أكثر.

في حين كانت التظاهرات المسيحية السابقة تناشد الجيش لحمايتهم ضد الإسلاميين المتطرفين، كانت المسيرة الاحتجاجية يوم الأحد موجهة بشكل مباشر ضد الوصاية العسكرية على الحكومة.

وقال المسيحيون الذين ساروا من حي شبرا إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون للاحتجاج على تدمير كنيسة بالقرب من جنوب مدينة أسوان، إن العنف لم يتصاعد إلا عندما قام أفراد من قوى الأمن يرتدون ملابس مدنية بالاعتداء عليهم فردّوا بإلقاء الحجارة.

وذكرت وسائل الاعلام أن ما لا يقل عن ثلاثة ضباط أمن لقوا حتفهم في هجمات شنها محتجون مسيحيون، على الرغم من أن هذه الأرقام لم تتأكد بعد، في حين أصر المتظاهرون على أن مسيرتهم كانت سلمية حتى هوجموا.

وقال شهود ان الشرطة بدأت بالتصرفات الانتقامية، ودهست المتظاهرين بالمركبات العسكرية، ما أسفر عن مقتل ستة منهم على الاقل، بينهم متظاهر سحقت جمجمته. وقال البعض انهم رأوا أكثر من 15 جثة تسحق تحت الآليات العسكرية وأنهم سيعممون الصور التي التقطوها عبر الانترنت.

وقال الاب افرايم مجدي، كاهن كان يشارك في التظاهرة الاحتجاجية، إنه شاهد جنوداً يقومون بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وأضاف في إشارة إلى أفراد الجيش: quot; من المستحيل أن يكونوا مصريين ويتصرفوا هكذا. شعرت بأنهم وحوش، باستثناء أفراد الجيش الذين حموا الثورةquot;.