رسم بياني يظهر نتيجة استفتاء إيلاف

استبعدت غالبية قراء إيلاف شنّ حرب على إيران بسبب برنامجها النووي، فيما رأى خبراء أن الحملة ضد طهران تهدف بالأساس إلى حملها على تقديم تنازلات سياسية بشأن برنامجها النووي. وكانت إيران صعّدت من لهجتها العسكرية، وهددت بردٍ قاسٍ في حال تعرّضها لأي هجوم.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام وصبري حسنين من القاهرة: أثارت عودة الملف النووي الإيراني إلى الواجهة الإعلامية بقوة ردود أفعال متعددة، لم يخف بعدها السياسي بعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة النوويةأخيرًا، التي تحدثت للمرة الأولى عن نشاطات عسكرية للمشروع النووي الإيراني، مستندة إلى دول عدةفي معلوماتها الجديدة، بأن طهران عملت في ما يبدو على تصميم قنبلة نووية.

لعل رد الفعل الإسرائيلي، كعدو أول معلن لإيران، كان الأسرع تهديداً بضرورة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية خلال أسابيع أو أشهر، مقرونًا بتصعديات إعلامية غربية حيال الجمهورية الإسلامية الأكثر إزعاجًا لخصومها الأقل حيلة في اختراق حصانتها السياسية والعسكرية داخليًا وخارجياً.

فإيران، التي وجدت متنفساً لها من مضايقات طالما سببها لها زعماء كانوا أقرب للغرب أطاحت ببعضهم، وتحاصر بعضهم الآخر ثورات الربيع العربي، وجدت في البديل منهم ما سعت إلى تحقيقه خلال عقود مضت على ثورتها الاسلامية، فهي تمد منذ أشهر وسائل الود والخبرة نحو دول، مثل مصر وتونس وليبيا واليمن، التي تنظر إليها وسواها، التي على الطريق، بغبطة كحلفاء لطالما عملت على أن تجدهم في سدة الحكم في هذه البلدان ضمن ماكان يعرف بـquot;تصدير الثورةquot;.

حتى في سوريا المتمسكة بدعمها لنظامها المحاصر بانتفاضة دامية منذ نحو ثمانية أشهر، تمهد إلى علاقات مع بديله المتوقع أن يكون إسلامياً. لكنها تحاول أن يكون الثمن باهظاً في حال سقوطه البعيد الأمد.

يرى أسامة نور الدين الخبير في الشؤون الإقليمية وعضو حزب الحرية والعدالة المصري أن الغاية من التهديدات ضد إيران عدم تخطيها عقبة التقنية النووية نحو السلاح النووي. وقال لـquot;إيلافquot; إن الحملة تستهدف حملها على عدم المضي قدماً في تطور البرنامج النووي، ليكون برنامجَ عسكريًا، والإكتفتاء بإمتلاكها التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.

ويرى أن هناك غاية أخرى من معاودة التهديدات في كل حين هي غرض تأليب المجتمع الدولي ضد إيران، وفرض عقوبات إقتصادية وعسكرية ضدها، بما يفضي إلى ثورة داخلية على غرار الربيع العربي، تطيح بحكم الملالي، الذي تعتبره إسرائيل خطراً عليها، ولفت نور الدين إلى أن إسرائيل تخشى تواصلاً عربيًا مع طهران في ما يخص التكنولوجيا النووية، لاسيما بعد تزايد التوقعات بصعود الإسلاميين في دول الربيع العربي إلى سدة الحكم.

كعادتها في الرد على التهديدات حيال ملفها النووي، صعّدت إيران من لهجتها العسكرية في حال تعرّضت لضربة من إسرائيل أو أميركا، فسيكون الرد هذه المرة قاسياً، وفق المسؤولين الإيرانيين، إذ سيطال حتى الدبلوماسيين الأميركيين في العراق، الذي يعتبر اليوم حديقتها الخلفية، ولن تكون تل أبيب والعواصم الغربية في أمان عن مدى صواريخها البالستية، ناهيك عن تسريبات نحو دول الخليج، التي تقول إيران إن الوجود الغربي فيها سيكون هدفاً لحربها أيضاً.

يبدو أن إيران تدرك عدم جدية التهديدات الأخيرة لها، فحسب وجهة نظر اللواء جمال سعيد الخبير الإستيراتيجي فإن توجيه ضربة إسرائيلية أو أميركية ضد إيران صعب جداً.

وأوضح لـquot;إيلافquot; أن إسرائيل لا تمتلك القدرات العسكرية لضرب المحطات النووية الإيرانية إنطلاقاً من أراضيها، فيما تمتلك إيران قدرات تمكنها من توجيه ضربات مؤلمة لإسرائيل إنطلاقاً من العراق، أو بإستخدام حزب الله في لبنان، إضافة إلى معارضة العديد من الدول الكبرى، مثل روسيا والصين وألمانيا، لتلك الخطوة.

وأضاف سعيد أن هناك حسابات كثيرة تجعل أميركا أو إسرائيل أو كلاهما لا يقدمان على تلك الخطوة، منها إمتلاك إيران مفاتيح سياسية، وتمتعها بنفوذ في محور إقليمي مهمّ في العراق وسوريا ولبنان، وغزة، وأفغانستان، فضلاً عن ولاء غالبية الشيعة في دول الخليج لها، مما يهدد بإشعال منطقة الشرق الأوسط ضد المصالح الأميركية في حال تعرّضها لضربات عسكرية.

الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، الذي سخر من تقرير وكالة الطاقة الذرية، قال ما حاجة إيران إلى رأس أو رأسين نوويين مقابل عشرات الرؤوس النووية لدى إسرائيل، من دون أن ينفي بشكل قاطع سعي بلاده إلى هذه الرؤوس، التي يرى فيها كبار قادة إيران حصناً حصيناً لدولتهم، التي تريد أن يعترف بها الجميع كلاعب أكبر في المنطقة ووسادة صغرىوسطى في قضها وقضيها.

وكانت إسرائيل دعت المجتمع الدولي في الأسبوع الماضي إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، حيث قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان له إن quot;مؤدى تقرير الوكالة الذرية هو أنه يجب على المجتمع الدولي وضع حد لسعي إيران إلى امتلاك أسلحة نووية، وهو ما يعرّض السلام في العالم والشرق الأوسط إلى الخطرquot;.

من جانبه، استبعد عبد الحليم خدام المعارض الحالي للنظام السوري وأحد أركانه السابقين جديّة الضربة العسكريّة لإيران في الوقت الراهن، فقال خلال حوار مع إيلاف quot;سمعنا كثيرًا عن الضرب والتلويح إلى آخره، لا أعتقد أنه سيحدث، إلا في حالة أصبحت فيهاإيران خطرًا على المنطقة،أي أنتمدّ سيطرتها على النفط. فإنتاج الشرق الأوسط للنفط يتجاوز 60% من الإنتاج العالمي.

وعندما أقدم النظام العراقي على اجتياح الكويت سنة 1990 شنّت الولايات المتحدة حربًا عالمية على العراق لإخراجه من الكويت، لأنه تجاوز المنطقة الحمراء. الآن قد يكون شعور أو قناعة بأن إيران أصبحت قريبة من السيطرة على المنطقة الحمراء، في هذه الحالة تكون الضربة محتملة. أما في غيرها فأعتقد أن هذه الضربة لا تكون ممكنةquot;.

تزامن كلام خدام مع تراجع واضح في التصعيد الغربي باحتمال توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مع عدم ضمان الفيتو الروسي والصيني، الذي بات قصبة النجاة، ومحل المساومات الكبرى اليوم خاصة.

فبعد اجتماع ضم الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، ناقشا خلاله الأوضاع في أفغانستان وإيران وسوريا على هامش اجتماع قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (آبك) في الأسبوع الماضي، قال أوباما للصحافيين إنه والرئيس الروسي quot;أكدا نيتهما العمل وصياغة رد مشترك حتى نستطيع دفع إيران إلى تنفيذ تعهداتها الدولية في ما يتعلق ببرنامجها النوويquot;.

ولم تبد الحكومة الروسية حماسة بشأن أي عقوبات جديدة يفرضها مجلس الأمن الدولي على إيران.

ويرى الدكتور نبيل عبد الفتاح نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستيراتيجية أن الحملة ضد إيران تهدف بالأساس إلى حملها على تقديم تنازلات سياسية بشأن برنامجها النووي.

وأضاف خلال حديث لـquot;إيلافquot; إن أميركا حصلت على معلومات تفيد بقرب إمتلاك إيران أول قنبلة نووية في خلال فترة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة، وتخشى إسرائيل كسر إحتكارها للسلاح النووي، لمصلحة دولة إسلامية، مما يفقدها أهم وأخطر سلاح ردع في مواجهة دول المنطقة.

وأشار عبد الفتاح إلى أن هناك أهدافًا أخرى، تتمثل في محاولة التأثير على الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد في سوريا، حتى تؤتي الضغوط الدولية ثمارها في إجباره على الجلوس مع المعارضة، وإيقاف القمع ضد الإحتجاجات الشعبية، فضلاًعن إضعاف مصادر الدعم السياسي والعسكري لحزب الله في لبنان.

تراجع حدة التصريحات والتهديدات ضد إيران كان قرّاء إيران عزوها خلال مشاركتهم في استفتاء الأسبوع الماضي الخاص إلى احتمال حرب وشيكة على إيران، حيث استبعد ما نسبتهم 64.28% (4882) قرب شنّ حرب على إيران، بسبب برنامجها النووي. فيما رجّح 35.72% (2713) من القراء هذه الحرب. وقد شارك في الإجابة عن سؤال استفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعي7595 من القراء.