زيباري والعربي خلال مؤتمر صحافي في مقر الجامعة العربية في القاهرة

يتوجه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي يوم الخميس إلى بغداد في زيارة هي الأولى منذ توليه هذا المنصب. وسيجري هناك مباحثات مع كبار المسؤولين حول استضافة العراق للقمة العربية المقبلة وحول العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.


لندن: في زيارة هي الاولى منذ توليه منصب الأمين العام للجامعة العربية يجري نبيل العربي في بغداد بعد غد الخميس مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين تتعلق باستضافة بلدهم للقمة العربية المقبلة في آذار/ مارس المقبل، والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية فيما أطلق عليها بالربيع العربي ومواقف العراق المعارضة لقرارات الجامعة بفرض عقوبات على سوريا.

ومن المنتظر ان يجتمع العربي مع رؤساء الجمهورية جلال طالباني، والحكومة نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إضافة الى وزير الخارجية هوشيار زيباري، لإجراء مباحثات خلال الزيارة التي تستغرق يومًا واحداً، والتي وصفها العربي في تصريحات أدلى بها في القاهرة قبيل مغادرته الى بغداد أنها quot;زيارة مهمة للغاية باعتبار العراق دولة مؤسسة للجامعة العربية وسيتم خلالها التشاور مع القيادات هناك في ما يتعلق بالترتيبات الخاصة بالقمة العربية المقبلة المقرر عقدها في بغداد خلال آذار/ مارس المقبلquot;.

واستضاف العراق القمة العربية لمرتين، الأولى في دورتها التاسعة عام 1978 والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد، والثانية في دورتها الـثانية عشرة عام 1990 والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة، وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991، فيما ستكون هذه القمة العربية الثالثة والعشرين في حال انعقادها.

وتهدف الحكومة العراقية من خلال إصرارها على استضافة القمة في آذار المقبل بعد أن تأجل انعقادها في العاصمة العراقية في آذار الماضي بسبب الانتفاضات الشعبية التي تشهدها دول عربية، تهدف الى إيصال رسالة تؤكد انتماء العراق إلى الأمة العربية. وتصف الحكومة عقد القمة العربية في بغداد بالانجاز الوطني ودليل على عودة العراق إلى الحاضنة العربية والإقليمية.

وأكد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن الحكومة العراقية متمسّكة بعقد القمة العربية في بغداد quot;ولن نتنازل عنها كجزء من حقنا في التواصل مع محيطنا العربي وأشقائنا العربquot;. وقال إن العراق ليس لديه خيار إلا أن يكون جزءاً من الأمة العربية. ودعا جميع الدول العربية إلى تحمل المسؤولية والمشاركة في القمة المقبلة لنقل رسالة للشعب العراقي تؤكد أنه جزء من الأمة العربية.

ومن جهته، قال مصدر رسمي عراقي ان اللجان المشرفة على تحضيرات القمة العربية قطعت أشواطا متقدمة في مهماتها، واشار إلى ان هذه اللجان الثلاث المنبثقة من اللجنة العليا وهي الأمنية والخدماتية والاعمارية، قد حققت نتائج متقدمة وأنجزت الكثير من الأعمال المناطة بها كما ابلغ quot;ايلافquot;. وأشار الى ان الحكومة قد خصصت مبلغ 300 مليون دولار لإعادة تأهيل أكبر ستة فنادق في بغداد استعدادا للقمة.

واللجنة الأمنية العليا التي شكّلها مجلس الوزراء العراقي والمنبثقة من قيادة عمليات بغداد والمكلفة بوضع ومتابعة التدابير الامنية التي سيجري تنفيذها خلال انعقاد القمة في بغداد، انجزت لحد الآن تنفيذ خطط أمنية واسعة. وأوضح ان وزارة الداخلية تقوم حاليا بنصب 200 كاميرا مراقبة للحيلولة دون وقوع أية اعمال تخريبية من شأنها أن تعكر أجواء انعقاد القمة.

ومن جانبه قال الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي في وقت سابق ان اللجنة الامنية العليا التي تضم ممثلين عن وزارات الداخلية والدفاع وجهاز المخابرات وقيادة عمليات بغداد وأمانة بغداد ومحافظة بغداد، تعمل للتنسيق بين أجهزة هذه الوزارات والمؤسسات الأمنية والخدماتية للتنسيق في ما بينها بهدف توفير الحماية اللازمة للقمة العربية.

وكان مندوب العراق في الجامعة العربية، السفير قيس العزاوي قد أكد في حديث لـquot;إيلافquot; مؤخرا أن بلاده متمسكة بحقها في استضافة القمة التي قال انها تشكل تحديًا للعراق وإعلانا جديدا بأن هذا البلد quot;يقف على قدميهquot;. وأشار الى ان الحكومة العراقية تجري استعدادات هائلة للتحضير للقمة وهناك لجنة عليا في رئاسة الوزراء وعضوية أغلب الوزارات هدفها الاعداد وتهيئة الاجواء لاستقبال الرؤساء العرب.

ومن جهته قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في وقت سابق إن العراق مصمم على استضافة القمة، واشار الى ان بلاده بدأت استعدادات مبكرة في جميع المجالات لاستضافة قمة عربية ناجحة.

وكانت القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في ليبيا في آذار عام 2010 قد اتخذت قراراً بعقد القمة التالية في العراق على الرغم من ان البروتوكول المعمول به في الجامعة العربية يقر باستضافة مؤتمرات القمة بحسب الترتيب الأبجدي، حيث كان من المفترض عقد تلك القمة في بغداد طبقا لهذه القاعدة الا انها عقدت في مدينة سرت الليبية بسبب المخاوف الأمنية في العراق الذي تنازل عن استضافتها لليبيا.

مباحثات حول الاوضاع العربية وفي مقدمتها العقوبات على سوريا

ومن المنتظر أن تتناول مباحثات نبيل العربي مع المسؤولين العراقيين تطورات الأوضاع في سوريا على ضوء الانتفاضة الشعبية التي تشهدها منذ آذار الماضي وموقف العراق الرافض لقرارات الجامعة بفرض عقوبات إقتصادية وسياسية وتنظيمية على النظام السوري.

ودخلت العقوبات الإقتصادية العربية على سوريا حيز التنفيذ اعتباراً من أمس الإثنين وقال العربي إن الأمانة العامة للجامعة العربية تلقت الأحد رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أوضح فيها أن سوريا مستعدة للتوقيع على بروتوكول بعثة مراقبي الجامعة وquot;لكنها وضعت شروطاً وطلباتquot;، وأشار الى أن هذه الشروط والطلبات يتم دراستها حاليا بالتشاور مع وزراء الخارجية العرب. وأضاف quot;إنه لا توجد مُهَل أخرى لسوريا، والمقاطعة الاقتصادية تقرَّرت بقرار من الإجتماع الوزاري العربي وهي سارية ولم تتوقفquot;. وقال quot;إن الشروط السورية تتضمن أموراً جديدة لم نسمع بها من قبلquot;.

وتأتي هذه الزيارة بعد يومين من تحذير المالكي من أن مقتل الرئيس السوري بشار الأسد قد يتسبب بحرب أهلية وأبدى استعدادَه للوساطة بين المعارضة والنظام. وقال إن quot;الوضع في سوريا شديد الخطورة ما يستدعي التعامل معه بوسائل مناسبة بما لا يسمح بتحول ربيع سوريا إلى شتاءquot;. وأضاف أن حقوق المواطنين السوريين يجب أن تصان مؤكداً أن بلاده أبلغت السلطات السورية بأن حكم الحزب الواحد والطائفة الواحدة انتهى إلى غير رجعة. وكشف عن أن عدداً من أفراد المعارضة السورية طلبوا زيارة العراق وأن حكومته يمكن أن تستقبلهم لكنه أبدى بالمقابل رفضه لدعوات إسقاط الرئيس الأسد مؤكداً أن ذلك سيلقي بسوريا في أتون حرب أهلية.

وأشار الى ان quot;قتل أو إزاحة الرئيس الأسد سيتحول إلى صراع داخلي بين فئتين وهذا من شأنه أن ينعكس على المنطقة برمتهاquot;. وأضاف quot;رأيي وأنا عشت في سوريا أكثر من 16 عاماً أن ذلك سينتهي إلى حرب أهلية ستترك أثرها على المنطقة ونظراً لأننا عانينا اقتتالاً أهلياً على خلفية طائفية فإننا نخشى على مستقبل سوريا والمنطقةquot;.

بدورها عبّرت المعارضة السورية عن رفضها لما اعتبرته تدخل المالكي في الشأن السوري وأعلنت رفضها لعرضه استضافتها والوساطة بينها وبين النظام. وأعلن رئيس مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة أن المجلس تلقى دعوة من قبل الحكومة العراقية لزيارة بغداد مضيفاً أن المجلس يدرس حالياً إمكانية قبول هذه الدعوة.

وقال المالكي يوم الجمعة الماضي ان بلاده تدعم المطالب الشعبية نحو التغيير والتحرر التي تشهدها المنطقة لكنه اكد أن فرض العقوبات الاقتصادية على شعوبها مرفوض مهما كانت الأسباب، في اشارة الى سوريا موضحاً ان هذه العقوبات تلحق الأذى بالشعوب لا بالأنظمة.

الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي

ومن جانبه اعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني الاسبوع الماضي، ان اي تدخل اجنبي في سوريا سيكون أمرا مرعبا وأكد تخوف بلاده من بديل متطرف يخلف نظام الرئيس بشار الأسد واشار إلى ان مبادرة الجامعة العربية يمكن ان تكون حلا مناسبا للأوضاع هناك.

وينتظر أن يبلغ المالكي وطالباني مواقفهما هذه الى نبيل العربي خلال اجتماعه بهما الخميس المقبل حين يقوم بزيارته الاولى للعراق منذ تسلمه لمنصبه أمينا عاما للجامعة العربية في السادس عشر من ايار/ مايو الماضي.