تشير صحافة ألمانيا إلى تسويات مرتقبة لإنهاء الأزمة في مصر ومن ذلك سفر الرئيس مبارك إلى المانيا لإجراء فحوصات طبية عاجلة ينقل بمقتضاها صلاحيات الحكم الي نائبه سليمان على أن تظل إقامته في ألمانيا غير محددة الأجل.
برلين: أشارت مصادر صحفية في جريدة ذي دويتشه تسايتونج الألمانية واسعة الانتشار، إضافة إلى ما سبق وذكرته جريدة نيويورك تايمز بالأمس إلى أن تسوية ربما يجري الأعداد لها الأن بين أطراف الحكم في مصر تضمن للرئيس المصري تنحيته عن الحكم بشكل يحفظ له الكرامة.
وتتلخص تلك التسويات في سفر الرئيس مبارك الي المانيا لإجراء فحوصات طبية عاجلة ينقل بمقتضاها صلاحيات الحكم الي نائبه عمر سليمان على أن تظل إقامته في ألمانيا غير محددة الأجل.
أما التسوية الأخرى ربما هي انتقال الرئيس الي الإقامة في شرم الشيخ وترك صلاحياته إلى نائبه.
كلا التسويتين في نظر المراقبين تبدو مقبولة لدي الكثير، إذا أن الرئيس مبارك يفضل دائما الإقامة في شرم الشيخ تلك المدينة التي دأب على الإقامة فيها طوال السنوات الماضية، حتي أن ذلك عرضه لإنتقادات كثيرة كأنه يعيش في إجازة دائمة علي الشواطئ المريحة في تلك المدينة السياحية الساحرة.
فكرة سفر مبارك الى ألمانيا تبدو هي الفكرة الأقرب، فهو في الفترة الأخيرة قد إعتاد السفر أكثر من مرة الى ألمانيا من أجل أجراء فحوصات طبية وهي أيضا قد تبدو صيغة مناسبة لرحيل مبارك إذ أنها ستحفظ للرجل كرامته بالتأثير في عواطف المصريين بارتباط رحيله بشأن أمر طبي.
من ناحية أخري قد تبدو المانيا وجهة مناسبة لإقامة مبارك سواء بالتنحي أو بإنقضاء مدة حكمه في شهر سبتمبر القادم خاصة بعد توارد أنباء كثيرة في تلك الأونة عن حجم ثروته التي تنحصر مابين 40 الي 55 مليار دولار وهي بذلك تفترب من ثروة اغني اغنياء العالم التي تصل الي 54 مليار دولار.
تقارير صحفية عدة أشارت الي ان ثروة مبارك وأولاده هي في أغلب الأحيان موجودة في بريطانيا التي يحمل أولاده جنسيتها أو في بنوك سويسرا، لذلك فإن الرحيل الي ألمانيا قد يبعد الشكوك عن تلك البلدان التي تتكدس فيها ثروة مبارك.
فساد الحزب الوطني
من جهة أخري كشفت ثورة الشباب في مصر عن يأس محاولة النظام الحاكم والحزب الوطني الذي كان السبب الرئيسي في تلطيخ نظام حكم الرئيس مبارك بالفساد في محاولة تميع الثورة وربطها بأيديولوجيات دينية كالإخوان المسلمين او غربية لم يفصح عنها النظام حتى الآن.
وبات واضحا أن ثورة المصريين هي من المصريين وإليهم وبات للداني والقاصي أنها نتاج طبيعي لتردي أوضاعهم في الفترة الأخيرة بشكل كبير، فكل من زار مصر في الفترة الأخيرة كان يعرف أن مصر باتت علي وشك الانفجار، لهذا السبب لا يوجد أب شرعي للثورة فالشعب هو قائدها وهو مفجرها فكل مصري مقهور ضاعت حقوقه وتم سلبها ونهبها علي يد الحزب الحاكم كان من أبناء تلك الثورة.
وكشفت الثورة المصرية من ناحية أخرى عن وجه آخر للنظام في تكوينه لجماعات البلطجية التي هي قريبة من الميلشيات المسلحة لاستخدامها في الأعمال غير المشروعة مثل تزوير الانتخابات او تفريق المتظاهرين وهي من أكثر الأمور التي تكشف عن مدى قسوة عقلية العصابات التي نمت وترعرعت في ظل الحزب الوطني الحاكم الذي ظل طوال الوقت مثار شبهات كثيرة جدا حول ضلوع أعضائه في فساد كبير حتى أنهم صنّفوا على انهم من عتاة الفاسدين والمخربين لاقتصاد البلاد بالنظر الى تمتعهم بعضوية المجلس النيابي المصري ومن ثم الحصانة التي تمنع ملاحقتهم
موقعة البغال والحمير
صور ميلشيات الحزب الوطني في موقعتهم الشهيرة بميدان التحرير عندما قدموا علي ظهور الجمال والحمير والبغال لغزو ميدان التحرير وفض المتظاهرين اثارت استياء الصحافة الألمانية بشكل كبير، فكلها وبلا استثناء علقت على تلك الغزوة الشهيرة ونشرت صور الجمال والحمير وهي تقتحم الميدان الشهير في صورة هزلية تعود بك الي عصور الجاهلية الأولي ـ وتلخّص مضمون تعليقاتها في أن قوات مبارك المستأجرة لم تفلح في اقتحام الميدان.
من جهة أخري قابل الألمان على المستوي الشعبي أو الإعلامي ثورة الشباب المصري بالإنبهار فشباب المصريين اثبت انه موجود رغم تجريف الحياة الثقافية في مصر في السنوات الأخيرة ورغم فساد الإعلام الذي حاول تغييب العقول، ورغم الصحافيين الفاسدين التابعين للحكومة الذين أضروا بشكل الدولة أمام العالم بشكل غير مسبوق مما أسفر عن سيادة عصر البلطجة في البلاد.
وكان أشبه بإعلام ينتمي الي العصر الحجري يخاطب العاملين فيه فقط ، كان إعلاما مزيفا منحاز إلى طبقة الفاسدين، انفصل عن الشعب تماما وغلف الحياة المعلوماتية بالضبابية مما ساعد شباب مصر إلى الهروب منه والبحث عن المعلومة بطرق أخرى، ولم يكن غير الانترنت الذي وجد فيها ضالته، فأثبت للعالم بأنه شباب ذكي ومثقف تواصل عن طريق الإنترنت وراح يبحث عن المعلومة والتكوين بشكل فردي بعيد عن الدولة الفاسدة مما ساعده في تنظيم تلك الثورة، وأثبت الي حد كبير انه يختلف عن جيل الحزب الوطني الذي لازال يفكر بمنطق عصور الجاهلية عندما أراد إخافة شباب فايسبوك وتويتر والتكنولوجيا الحديثة بالجمال والحمير والبغال.
الصحافة الالمانية اهتمت اهتماما غير مسبوق باحداث الثورة ومتابعتها يوميا فمصر كانت في حاضرة عبر المقالات وعلى كل الصفحات، الكاريكاتير الضاحك عن quot;فرعون مصرquot; لم تخلُ منه صحيفة واحدة وكان الإنحياز الي مطالب الشعب قوية وواضحة فهي مطالب مشروعة من أجل العيش الكريم، كما تقول تلك الصحف.
التعليقات