يرى الدكتور بند بن محمد العيبان أن الإصلاحات التي انتهجتها السعودية أخيرًا ساعدت في القضاء على الفساد وترسيخ مبدأ الحوار الوطني وشملت مجالات متعددة.


جنيف: أكد رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية الدكتور بندر بن محمد العيبان أن الإصلاحات الشاملة والتطوير المستمر للأنظمة والقوانين في المملكة قد شملت العديد من المجالات التنموية، من أبرزها القضاء والسياسة والاقتصاد ومحاربة الفساد وترسيخ مبدأ الحوار الوطني وحقوق الإنسان.

وقال quot;إن التطورات النوعية التي تمسّ رفاه المواطن مثلت عناوين بارزة وعلامات مميزة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود، وشكلت قواعد وأسس لنهضة وطنية شاملة في إطار التدرج المعتدل المحقق لرغبات المجتمع والمنسجمة مع الشريعة الإسلامية ، وتبلورت من خلال الرؤية الواضحة في بناء مشروع وطني متكامل، ركزت على الإنسان باعتباره هدفاً أساسياً للتنمية والاصلاح quot;.

وأضاف في كلمة المملكة التي ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته السادسة عشرة المنعقدة حالياً في جنيف إن هذه الإصلاحات تسير حسب متطلبات واحتياجات المجتمع السعودي وتحقق نجاحًا ملموسًا مع الحفاظ على ثوابت المجتمع واجتناب مايخل باستقراره وأمنه، وفي هذا الإطار أصدر خادم الحرمين الشريفين مجموعة من القرارات التي تهدف الى دعم البرامج التنموية في المملكة، والتي تزيد قيمتها على 110 مليار ريال (مائة وعشرة آلاف مليون ريال) شملت برامج الإسكان والتعليم والضمان الاجتماعي وتوسيع فرص العمل، بما يؤدي الى رفع المستوى المعيشي لكل شرائح المجتمع، ومما يؤكد حرص الدولة على توفير أسباب الحياة الكريمة لجميع المواطنين.

وشدد رئيس هيئة حقوق الإنسان في كلمته أمام دول مجلس حقوق الإنسان الأممي على نهج المملكة المرتكز على التسامح والحوار، مبينًا أن المملكة تبنت منهجاً واضحاً يرتكز على التسامح والحوار بين مختلف أتباع الحضارات والثقافات لتعزيز التعايش والتفاهم في عالم متنوع الثقافات والمعتقدات. واتخذت العديد من المبادرات والسياسات العملية لتجسيد ذلك على أرض الواقع.

وقال quot;على الصعيد الوطني، تم إنشاء مركز وطني للحوار يشارك فيه جميع أفراد المجتمع وفئاته بهدف تعزيز الوحدة الوطنية وحرية التعبير المسؤولة، وبحث القضايا الوطنية. أما على الصعيد الدولي، فتأتي مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الديانات والثقافات والتي انطلقت من مكة المكرمة وما تلاها من مؤتمرات وملتقيات تجسيداً عملياً لرؤية ومنهج المملكة في البناء على المشترك الإنساني والقيم الإنسانية مع نبذ مظاهر الخلاف والعداء والكراهيةquot;.

لافتًا الاهتمام إلى أنه استمراراً لهذه الجهود يجري العمل حالياً على وضع الترتيبات النهائية لإنشاء المركز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في مدينة فيينا في النمسا، حيث سيعمل على إطلاق برنامج شامل للحوار تعزيزاً لمفهوم التعايش والتسامح والسلام بين المجتمعات.

وحول ما تشهده حالياً بعض الدول العربية والإسلامية من أحداث رافقتها أعمال عنف أوضح أن تلك الأحداث التي رافقتها أعمال عنف مؤسفة تستوجب تغليب الحكمة في معالجة تلك الأحداث، وبما يضمن الحفاظ على سلامة واستقرار هذه الدول ومصلحة ورخاء شعوبها، مؤكداً أهمية الوقف الفوري لأعمال العنف بأشكاله كافة،والاحتكام إلى الحوار الوطني حقناً للدماء وحفاظاً على أمن واستقرار هذه الشعوب ومكتسباتها.

وأبدى الدكتور العيبان ترحيب المملكة بحلقات النقاش التي ستعقد خلال هذه الدورة في عدد من الموضوعات، أبرزها مسألة إيلاء الاهتمام بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في مجتمعاتهم، وحقوق الطفل، مبينًا أن المملكة قدمت العديد من المبادرات التي تهدف إلى ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة، حيث انضمت في عام 2008 إلى اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري.

وصدرت العديد من التشريعات والبرامج الوطنية لرعاية هذه الفئة الغالية مثل نظام رعاية المعوقين، كما تمت زيادة إعاناتهم بنسبة 100%، ودعم مراكز الرعاية النهارية الأهلية والمراكز التابعة للجان الأهلية والجمعيات الخيرية بصرف إعانات سنوية لحالات شديدي ومتوسطي الإعاقة. واستشهد بما قالته المفوضة السامية بيلاي عند زيارتها المملكة، حيث وصفت جهود جمعية الأطفال المعوقين في المملكة بغير العادية، وأبدت إعجابها بما شاهدته.

وأوضح الدكتور بندر العيبان أن المملكة تولي حقوق الطفل اهتماماً كبيراً، حيث بذلت كل الجهود لإتاحة الفرصة للمؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة كافةلتوفير الرعاية الشاملة للأطفال وفقاً لخطط تنموية خاصة بالطفل تهدف إلى رعايته وتعليمه والحفاظ عليه، من أبرزها إنشاء اللجنة الوطنية السعودية للطفولة، إضافة الى انضمام المملكة إلى اتفاقية حقوق الطفل وإلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة.

كما أقر مجلس الشورى نظامًا خاصًا بحماية الطفل من الإساءة والإهمال يوفر الآليات المناسبة لحماية الطفل في المجتمع السعودي من أي نوع من أنواع الإساءة في إطار برنامج الأمان الأسري. ورغبة في حماية حقوق الطفل ورفع الوعي وتعزيز آليات الوقاية فقد تم إنشاء خط ساخن لنجدة الطفل، يهدف إلى حمايته من العنف والإيذاء الجسدي ومساعدة أسرته في كيفية التعامل معه.

ونبّه المجتمع الدولي بشأن ما شهدته السنوات الماضية من تصاعدً ملموسً في زيادة التحريض على الكراهية لأسباب دينية، حيث لم تخل السنة الماضية من أحداث طالت حقوق الأقليات الدينية، وخاصة المسلمة، في عدد من الدول، وشدد على أنه بالرغم من وجود اختلاف في وجهات النظر حيال صيغة قرار (مناهضة تشويه صورة الأديان) خلال الأعوام الماضية، إلا أن هناك قواسم مشتركة يتفق عليها الجميع، وهي أن أي أمر يقود إلى انتهاكات حقوق الإنسان ينبغي التصدي له، لذا فإن الحاجة ماسة إلى التوصل إلى توافق في الآراء حيال هذا الموضوع المهم.

وتطرق إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني من انتهاك لحقوقه وقال quot;إن المملكة العربية السعودية ترحّب بزيارة مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بيلاي الأراضي الفلسطينية، حيث اطلعت على الواقع الكارثي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال منذ أكثر من ستة عقود، وما شاهدته من انتهاك الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني، ومعاناته من الرعب الحقيقي الناجم من السياسات quot;الإسرائيليةquot; الجائرة، التي أكدت عدم شرعية الاستيطان والجدار العازل وضم القدس الشرقية المحتلة، وشددت على أن حقوق الإنسان في فلسطين غير قابلة للتفاوض والمساومات، وحثّت على رفع الحصار quot;غير القانونيquot; المفروض على قطاع غزةquot;.

وجدد الدكتور العيبان مطالبة المملكة العربيه السعودية بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتفعيل قرارات الأمم المتحدة وتطبيقها، وانتقد عدم تنفيذ بنود تقرير القاضي / جولدستون، حيث لا تزال إسرائيل تواصل حصارها غزَّة، وتطبّق سياسة العقاب الجماعي ضد مليون ونصف مليون فلسطيني في القطاع، مشددا على أن َّ تحقيق العدل ورفع الظلم يعد أمرا أساسيّا لمنع المزيد مِن انتهاكات القانون الدولي، وبخاصة قوانين حقوق الإنسان والقانون الدوليّ الإنساني، وإنصاف الضحايا هو الأساس لإقامة سلام عادل ودائم في المنطقة.

أخيرًاذكرquot;أن المملكة العربية السعودية تعرب عن شجبها استمرار اسرائيل في انتهاكات حقوق الانسان الفلسطيني وخاصة ما يتعلق بسياسة الاستيطان التي تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريفquot;.