مصراتة: يتردد الصوت الانثوي عبر الراديو على متن السفينة: quot;هنا سفينة حربية لحلف شمال الاطلسي. اي علم ترفع؟quot; وفي قمرة قيادة خروبة، سفينة الصيد القديمة التي انطلقت قبل ثلاثة ايام من بنغازي محملة بالاسلحة والذخائر والمواد الغذائية والمقاتلين، اجاب القبطان عبد الفتاح: quot;ثورة ... ثورة ليبيةquot;.

كانوا ثمانية وثلاثين، وجميعهم من المتطوعين، يقتربون على مهل، في بحر هادىء صباح الثلاثاء من مرفأ مدينة مصراتة المحاصرة. وقد استغرقت الرحلة ثلاثة ايام، بسرعة بلغ متوسطها خمس عقد عبر خليج سرت، وشارك فيها خمسة صحافيين منهم مراسل وكالة فرانس برس.

في العنابر وعلى الجسر الخلفي، وضعت صناديق احتوت على حليب للاطفال واغطية وفرش. وخصوصا اسلحة. كميات كبيرة من الاسلحة: مسدسات رشاشة ورشاشات ثقيلة وصواريخ وذخائر من كل العيارات.

ومن ناحية البحر فقط، لانهم يسيطرون على المجمع الواسع للمرفأ، يتسلم المتمردون الليبيون المؤن، وهم يدافعون عن مصراته منذ حوالى الشهرين في مواجهة قوات العقيد معمر القذافي. وتربط المدينة ببنغازي عاصمة الثوار، رحلات منتظمة لسفن تجارية او للصيد او سفن قاطرة.

ويقول عبد السلام الذي يرفض على غرار جميع الاخرين الكشف عن اسم عائلته: quot;وصلت الى بنغازي قبل ثلاثة ايام لحماية زوجتي واولادي. ثم عدت ادافع عن مدينتيquot;. وبات عبد السلام الذي كان مهندسا ميكانيكيا في بداية الانتفاضة، مسؤولا عن الدفاع عن المرفأ. وقال quot;في بنغازي، اعطانا المجلس الوطني الانتقالي كل الذخائر التي كنا نريدها. وقدم لنا بعض السكان اسلحة، لكن آخرين باعونا اياها ...quot;.

وبواسطة الاموال التي جمعت في مصراته، اشترى ركاب السفينة خروبة ايضا هواتف متصلة بالاقمار الصناعية وتوكي-ووكي، وهي الوسائل الوحيدة للاتصالات في مدينة مقطوعة عن اي شبكة اخرى.

ويتحدر عبد القادر (28 عاما) ايضا من المدينة المحاصرة. وقال quot;ثمة كثير من الاسلحة في بنغازي لانهم استعادوا المخزن الكبير. نحتاج اليها كثيرا في مصراتةquot;. واضاف quot;جنود القذافي يقتلون عائلاتنا ويجب ان نقاتلهمquot;.

ووضعت على الجسر الخلفي خيمة مليئة بالاغطية وقضبان حديد تم تلحيمها. واضطجع على الفرش عشرون شابا. ولا يعتبر اي منهم جنديا محترفا. قبل quot;الثورةquot; كانوا يعملون في القطاع المصرفي والمعلوماتية والهندسة في بنغازي وسواها في شرق ليبيا.

وكان جلاد (25 عاما) الذي يرتدي بنطلونا مرقطا ويرخي لحية سوداء كثيفة، طالبا. وقال quot;اني انتظر منذ اسبوعين في مرفأ بنغازي حتى اجد سفينة متوجهة الى مصراتةquot;. واضاف quot;عائلتي خائفة، نعم. لكنهم فخورون ايضا لاني اذهب الى الجهاد ضد مرتزقة القذافي. لقد تعاونوا لشراء اسلحتيquot;.

وفي المياه الليبية التي تجوبها السفن الحربية للحلف الاطلسي، تلفت خروبة انتباه فرقاطة للبحرية التركية. تقترب، وتقطع الامواج، تتصل بالراديو وتعود. وفي السماء طائرة للتزويد بالوقود تتبعها مقاتلتان.

والكابتن عبد الفتاح ضابط سابق في البحرية الليبية، وقد تحول الى الصيد قبل سنوات. ويحدق في البوصلة. وبلغة انكليزية ركيكة، ومع اولى اشعاعات الفجر في القناة 72، يؤكد انه ينقل quot;مواد غذائية ومؤنا لسكان مصراتةquot;.

quot;حسنا، خروبة، انتظري ...quot; يجيب الصوت النسائي. ثم quot;هنا سفينة حرب للحلف الاطلسي. خروبة، سمح لك بالوصول الى مصراتةquot;. وبعد ساعتين، وعلى هتاف quot;الله اكبر!quot; ترسو خروبة على رصيف مهجور في مرفأ مصراتة. سيارات بيك آب مسلحة تقترب، ويتعانقون. quot;اهلا وسهلاquot;. تصل شاحنتان لنقل الصناديق الخضراء الثقيلة.