رفض إبراهيم كالين مستشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للشؤون الخارجية إلحاق مدينة كركوك العراقية الشمالية بإقليم كردستان الشمالي الذي يحكمه الأكراد. وقال ان بلاده تأمل في ان يقود الرئيس السوري بشار الاسد الاصلاحات في بلاده، محذرًا من أن إطلاق النار على المتظاهرين لن يحقق هذا الإصلاح. وشدد على ضرورة تنحّي العقيد الليبي معمّر القذافي عن السلطة، وتسليمها الى شعبه. وقال ان تركيا تريد وقفًا فوريًا لاطلاق النار هناك، والمباشرة بتقديم المساعدات للمتضررين من المواطنين وبدء مرحلة سياسية لانتقال السلطة الى الشعب.


قالإبراهيم كالين مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون الخارجية ان الدول العربية تمر حاليًا بمرحلة ربيع تحول وتغيير شامل من أجل وصول القوى الديمقراطية، التي تستجيب لمطالب الشعب العربي، الى السلطة.

واشار الى ان الموقف التركي من هذه التحولات العربية يرى أن هذا التغيير حتمي، وكان يجب ان يحصل قبل هذا الوقت، وان تكون التغييرات تعكس مطالب الشارع العربي بشكل اساسي في تحقيق الديمقراطية ودولة القانون ومحاربة الفساد وضمان الحقوق الاساسية للمواطنين وإنجاز التطور الاقتصادي. وشدد على ضرورة حصول هذه التغييرات من دون عنف واسالة الدماء.

وقال خلال لقاء مع صحافيين عراقيين وعرب يحضرون اعمال المؤتمر الرابع للاعلام والصحافة التركمانية العراقية في أنقرة حاليًا إن العالم كله يتابع هذه الاحداث العربية ويراقبها عن كثب. واكد ان تركيا لا تريد ان تتدخل فيها، وانما تقديم النصح والمشورة، لان مصير الدول العربية تحدده شعوبها.

وعبّر عن أسف بلاده للاقتتال الدائر في ليبيا، واشار الى انها كانت تأمل ان يكون هناك تحول سلمي مثلما حدث في تونس ومصر. واوضح ان اسرائيل مرعوبة من هذه التحولات الديمقراطية في العالم العربي، ولهذا يجب ان تكون هناك مصالحة فلسطينية فلسطينية، مشيرا الى ان هذا الامر قضية داخلية، واذا لم تكن هناك رغبة حقيقية في انجاز هذه المصالحة فإن تركيا لن تستطيع المساعدة في هذا الامر.

واضاف ان التجربة التركية الراهنة يمكن ان تشكل نموذجًا للاصلاح في الدول العربية لانها حققت الكثير على هذا الطريق منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة عام 2002، ومن ذلك تعديل الدستور وتصحيح العلاقة بين المؤسستين العسكرية والمدينة، حيث كان المدنيون تحت سيطرة العسكر، لكن الحاصل الان هو العكس تمامًا، اضافة الى الانفتاح على الاقليات التي تعيش في البلاد، وكذلك الانجازات في القطاع الاقتصادي الذي شهد قفزة نوعية الى الامام.

واشار الى ان تركيا تسعى الان الى الاندماج في اقتصاديات المنطقة، لكنه اوضح ان هذا لن يتحقق من دون استقرار في المنطقة، لانه بدون ذلك لن يكون هناك استقرار في تركيا، التي تسير في خطى انفتاح خارجي واسعة.

تركيا والتدخل في الشؤون العربية
وحول الانتقادات التي توجه الى تركيا بانها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية التي تعاملها وكأنها محافظات تركية بهدف احياء امبراطورية عثمانية جديدة، قال مستشار اردوغان إن عهد الدكتاتوريات قد ولّى، ولم يبق من الامبراطورية العثمانية القديمة شيء. وأضاف quot;ليس لدينا طموح بإعادة بناء تلك الامبراطورية، لكن الحديث عن مشاكل المنطقة يهمّ تركيا، لأنه في زمن العولمة لا يمكن أن نبقى منعزلين عن بعضنا بعضًا في هذه المنطقة الحيوية من العالمquot;.

الموقف التركي من مشكلة كركوك
في ما يخص الموقف التركي من كركوك وما يقال عن تخلي تركيا عن قضيتها لحساب مصالحها التجارية مع القيادات الكردية العراقية التي قال احد رموزها الرئيس جلال طالباني أخيرًا ان quot;كركوك قدس كردستانquot;، نفى كالين ذلك بشدة، واشار الى ان بلاده ملتزمة بموقفها من قضية هذه المدينة في رفض الحاقها بالادارة الكردية في شمال العراق.

واضاف ان موقف هذه الادارة الساعية الى ضم كركوك موقف غير صحيح، وقد ابلغناها ذلك، وايضًا رفضنا التغييرات السكانية في المدينة لمصلحة الاكراد، وشددنا على ضرورة منحها وضعًا خاصًا تتعايش من خلاله مكوناتها الثلاثة الرئيسة: التركمانية والكردية والعربية بسلام ضمن ادارة مشتركة.

كما شدد على ان السياسة التركية بالنسبة إلى العراق تحرص على وحدة ارضه وشعبه واستقراره. وقال ان اردوغان اكد خلال مباحثاته مع القادة العراقيين في بغداد واربيل في الشهر الماضي على استقلالية كركوك، واكد انها لن تكون تابعة للادارة الكردية في شمال العراق، لان الحاقها سيخلق مشاكل كثيرة. وقال quot;ان هذا موقف لن نتخلى عنهquot;. وأكد استمرار تركيا في تأكيداتها على ضرورة منح كركوك وضعًا خاصًا quot;فهي ليست للاكراد، ولن نقبل بإلحاقها بادارتهمquot; كما قال.

ايران وتركيا .. تقاسم للنفوذ في العراق؟
ردًا على سؤال حول تناغم السياسة التركية مع الايرانية بالنسبة إلى الشأن العراقي من اجل تقاسم النفوذ فيه، اوضح مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون الخارجية ان ايران علاقات بلاده مع ايران تأخذ في الحسبان ان طهران تشعر بالعزلة بين دول المنطقة، نظرًا إلى ان سكانها من الشيعة وسط دول سنية، quot;لكن تركيا ترى أنه لا وجود لهذه العزلة ونحاول من خلال علاقاتنا واتصالاتنا معها تغيير هذه الذهنية الايرانيةquot;.

واكد ان تركيا لا تقبل بسياسات العزلة الغربية المفروضة على ايران، وكذلك ترفض العقوبات الدولية المتخذة ضدهاquot;. واوضح ان تركيا ترى ان العلاقات الشيعية السنية في المنطقة يجب ان تقوم على اسس من المصالحة quot;لان اي اقتتال شيعي سني سيكون كارثيًا على المنطقة برمتهاquot;. وقال إن إيران تتفهم الهواجس العربية منها،ولذلك فإن تركيا تحاول دمج ايران في المنطقة.

الاوضاع في سوريا
حول الاضطرابات التي تشهدها سوريا حاليًا، قال كالين إن رئيسها بشار الاسد تحدث عن ضرورة الاصلاح في بلده. لكنه بعد الاحداث التي شهدتها مدينة درعا وسقوط ضحايا في مظاهراتها، فقد اتصل اردوغان بالاسد، وارسل إليه مبعوثين خاصين، وكانت الرسالة الموجهة إليه: إن على الاسد ان يقوم بخطوات اصلاح في سوريا. واوضح ان هذا الاصلاح يمكن ان يشمل الغاء قانون الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين ومكافحة الفساد. وحذر من انه لايمكن معالجة هذه الاوضاع بفتح النار على المتظاهرين. وقال quot;نتمنى ان يكون الاسد قائدًا لهذه الاصلاحات، لان الشعب السوري ليس ضده، ولكنه يريد الاصلاحquot;.

أحداث ليبيا
في ما يخص الاحداث الدامية في ليبيا، اشار كالين الى ان اردوغان اتصل بالقذافي منذ بداية اندلاع الاضطرابات، وقال له صراحة: عليك ان ترحل. واشار الى الحكومة التركية تتواصل مع الثوار الليبيين، والتقت بممثليهم، كما تقدم مساعدات انسانية للمواطنين الليبيين، وتعالج جرحى العمليات العسكرية، موضحا ان هناك في تركيا الآن 400 ليبي مصاب يعالجون في مستشفياتها.

ورفض مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون الخارجية في الختام الانتقادات التي توجّه الى تركيا بأن مواقفها من السلطات الليبية ضبابية، وانها لا تريد ان تضحّي بمصالحها التجارية هناك، وقال إن في هذا الاتهام ظلم كبير. وشدد علىأن تركيا لن تساوم في هذا الامر، وهي مع الشعب الليبي وتطلعاته وضرورة التغيير في البلاد. واضاف ان تركيا تريد وقفًا فوريًا لاطلاق النار في ليبيا، والبدء بتقديم المساعدات للمتضررين من المواطنين الليبيين، وبدء مرحلة سياسية لانتقال السلطة الى الشعب.