أعلنت مجموعة في الجزائر سمّت نفسها quot;تنسيقية شباب الغد الأحرارquot; عن تنظيم quot;وقفات العرفانquot; مطلع الشهر المقبل، تقديرًا لعطاءات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فيما يقول عرّاب المبادرة أنّ العد التنازلي لوجود بوتفليقة في السلطة قد بدأ بسبب وضعه الصحي المقلق.

الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة

الجزائر: في خطوة يراها مراقبون إشارة قوية على تغيير سلس بدأت ملامحه تتضح في الجزائر، أعلنت مجموعة سمت نفسها quot;تنسيقية شباب الغد الأحرارquot; عن تنظيم quot;وقفات العرفانquot; مطلع الشهر المقبل، تقديرًا لعطاءات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (74 عامًا).

ويقول quot;الهادي كلكاليquot; عرّاب المبادرة إنّ الصورة التي بدا عليها الرئيس بوتفليقة في خطابه قبل 96 ساعة، كرّست انطباعًا أنّ العد التنازلي لوجود بوتفليقة في السلطة قد بدأ بسبب وضعه الصحي المقلق.

في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، يشير quot;الهادي كلكاليquot; إلى أنّ quot;شباب الغد الأحرارquot; هو منتدى الكتروني للشباب يضم نخبة الكوادر والباحثين والمثقفين من مختلف مناطق الجزائر.

وبشأن سببية الدعوة إلى quot;وقفات العرفانquot; يشرح كلكالي:quot;في الخطاب الذي ألقاه بوتفليقة، ليلة الجمعة، برزت ملامح التعب وطريقة الإلقاء أكثر من مضمون الخطاب، وهو ما أثرّ فينا كشباب جزائري، حيث شعرنا أنّ العد التنازلي لوجود بوتفليقة في السلطة قد بدأ بسبب وضعه الصحي، ومن واجبنا بعيدًا من السياسة والنفعية، أطلقنا صفحة خاصة على شبكة الفايسبوك عرفانًا بإنجازات بوتفليقة منذ وصوله إلى الحكم في ربيع العام 1999quot;.

ووسط جدل حول مستقبل حكم بوتفليقة للجزائر ومدى قدرته على إتمام ولايته الحالية الممتدة إلى العام 2014، كشف كلكالي صاحب الـ35 ربيعًا، عن تحضيرات حثيثة لتنظيم quot;وقفات العرفانquot; صبيحة الأحد الفاتح آيار/ مايو القادم أمام جميع مقار الولايات الجزائرية الـ48.

وسيتم بحسب كلكالي، رفع صور بوتفليقة والأعلام الجزائرية، على أن يسلّم ممثلو التنسيقية رسالة شكر وعرفان إلى الرئيس، يثمنون فيها كل الجهود التي بذلها في سبيل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية.

ويلفت كلكالي إلى أنّ الرسالة التي ستسلّم إلى مكتب الرئيس بعد أسبوعين، جار توزيعها على مواطنيه عبر كافة أرجاء القطر للتوقيع عليها، بالتزامن مع تقديم طلبات للسلطات بغرض الحصول على تراخيص تسمح بإقامة هذه الوقفات الوطنية.

كما يوضح كلكالي الذي يدير مؤسسة خاصة، إنّه لن تكون هناك مسيرات تجوب الشوارع، أو تجمعات، بل وقفات رمزية تقديرًا لمكانة الرئيس ومنجزاته، ويعزو محدثنا عدم السير أو التجمهر إلى حتمية تجنب حدوث أي حالات اختراق أمني قد تؤدي إلى نشوب فوضى.

الهادي كلكالي عراب مبادرة وقفات العرفان

وإذ يصف الفكرة بـquot;النبيلةquot;، يركّز كلكالي على أنّ شباب الغد ومؤيدوهم لا ينتظرون شكرًا من الرئيس بوتفليقة أو من باقي مؤسسات الدولة، ملاحظًا أنّ الوقفات ستكون منظمة من طرف الأمن (..) لحماية منشطي الوقفات.

وتحاشى كلكالي ربط quot;وقفات العرفانquot; بالضجيج المحتدم حول ترتيبات رحيل هادئ للرئيس الحالي في غضون الفترة القليلة القادمة، وذهاب البعض إلى حد تصنيف خرجة بوتفليقة الأخيرة على أنّها quot;خطاب وداعquot;.

ويعلّق كلكالي بنبرة قوية:quot;نحن مع انتقال سلس للسلطة، وليس إشعال فتيل الصراعات، ونتمنى للرئيس كمواطن كل الصحة والعافية لإتمام كل المشاريع التي بدأها ولم تنجز بعد، لكن قد يكون القضاء والقدر مانعًا من مواصلته مهامهquot; (..).

ويردف كلكالي:quot;نرغب في تحسيس الرئيس بأنّ الجزائريين ليسوا ناكرين للجميل، وندين لبوتفليقة بالكثير من الأفضال، في صدارتها ردّه الاعتبار لمواطنيه، بعدما كانوا يعاملون كإرهابيين غير مرغوب بهم في المطارات العربية والأجنبيةquot;.

ويدافع كلكالي بحماس عن حصيلة بوتفليقة، فقد تمكن خلال ولاياته الرئاسية الثلاث من مسح كل ديون الجزائر الخارجية، مثلما بنى مدارس وجامعات ومطارات ومستشفيات وشبكة من الطرقات السيارة، إضافة إلى إسهامه في حل مشكلة السكن من خلال مشروع المليوني وحدة الذي دخل أطواره الأخيرة.

ويشيد كلكالي بإقرار بوتفليقة قروضا إمتيازية لصالح الشباب العاطل، ما أسهم بشكل كبير في بروز مستثمرين جدد في الجزائر استطاعوا فرض أنفسهم في الساحة الاقتصادية المحلية.
وعلى الرغم من بعض الإخفاقات كمحاربة الفساد الذي ينخر جسد المنظومة الجزائرية، إلاّ أنّ كلكالي يؤمن أنّه من المنطقي أن يصيب بوتفليقة ويخطئ، طالما أنّه ليس نبيا، والرسول محمد قال:quot;لا نبي بعديquot;.

كلكالي الذي ينفي عن شخصه صفة الناشط السياسي أو الموالي للحاكم، يستغرب تعامي قطاع من مواطنيه عن الايجابيات، ويتساءل عما فعل الرئيس حتى يهاجم بكل هذه الحدة منذ فترة ليست بالقصيرة.

وعما إذا كان يتوقع تجاوبًا واسعًا لمواطنيه مع نداء وقفات العرفان، يبدي كلكالي تفاؤلا كبيرا، لا سيما مع إمكانية التجاوب من لدن عموم المنظمات الطلابية والتنظيمات الجمعوية والأطياف السياسية وكل القوى الخيّرة المحبة للوطن، على حد تعبيره.

وإزاء موقع المعارضين في الوقفات المرتقبة، واحتمال إفسادهم quot;العرسquot;، يرحب كلكالي بانضمام مناوئي السلطة لأنهم جزائريون ولهم الحق أن يقولوا ما يشاؤون، لكنه يحذر من أنّه ليس لهؤلاء الحق في خلق الفوضى وإشعال نار الفتنة خدمة لأجندات خارجية يدركها الشارع المحلي جيدًا.

ويقول كلكالي إنّ دعوة الرئيس في آخر فقرة من خطابه للشباب للإسهام في بناء وطنهم، تدفع إلى الاستنتاج بأنّ الجزائر ستدخل مرحلة جديدة تحت مظلة quot;الجمهورية الثانيةquot; التي سيؤدّي فيها شباب اليوم دورًا محوريًا في بناء وطنهم الأمّ.

وينتهي المتحدث باسم شباب الغد، إلى اتجاه المنتدى لإنضاج تصورات سياسية اقتصادية تخدم مصالح الوطن، فالجزائر بمنظوره دفعت ثمنا باهظا إبان العشرية السوداء، والجزائريون سئموا من العنف والإرهاب وإراقة الدماء وحالة اللااستقرار التي كابدوها طيلة عشرية كاملة، وتجاوزوها بفضل خطتي الوئام المدني والمصالحة الوطنية اللتين حقنتا الدماء.

تفاعلات وانقسامات

استقطبت صفحة quot;وقفات العرفانquot; على الفايسبوك، اهتمام الكثير من الشباب الجزائري الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لخطوة يقرؤها خبراء الشأن الجزائري على أنّها تدعم خروجًا مشرفًا لبوتفليقة من قصر الرئاسة.

وفي ظل الوضع الذي يعيشه الشارع العربي على إيقاع ثورات التغيير التي تشكّل حديث العام والخاص في الجزائر، اتهمّ فريق من الفايسبوكيين مجموعة quot;شباب الغدquot; بالعمالة والمحسوبية للنظام ومحاولة قطع الطريق أمام ثورة التغيير، بينما ذهب فريق آخر إلى اتهامهم أيضا بالعمالة لكن لقوى خارجية تعمل على خلق الفوضى داخل الشارع الجزائري، على حد قولهم.

وأشعلت الدعوة إلى وقفات العرفان حرب تصريحات، ولا سيما بعد تأكيد شباب الغد على أنّ الجزائر ليست بحاجة إلى أي ثورات، لأنّ التغيير نفذته الجزائر في مناسبتين، أولاها في الفاتح تشرين الثاني/نوفمبر1954 برسم ثورة التحرر من الاحتلال الفرنسي، وفي الخامس تشرين الأول/أكتوبر 1988 فيما اصطلح عليها بـquot;ثورة الديمقراطيةquot;.

وشدّد شباب الغد على أنّ الجزائر ليست بحاجة إلى استيراد ثورات، لأنها مصدّرة لها، حيث أنّ التاريخ يشهد بأنّ الجزائر ساهمت في تحرير العديد من شعوب العالم من الاستعمار والعبودية بشكل أحادي أو متعدد الأطراف.

وعلى نقيض تأييد quot;مصطفى قاسمquot; تكريم بوتفليقة لقاء عمله الجبار في الداخل والخارج، انتقد المحلل السياسي quot;عابد شارفquot; وقفات العرفان، ورأى ساخرًا أنّ متزعمي الائتلاف الحاكم أولى بها.

وبينما أشهر quot;كمال بلقاضيquot; معارضته للرئيس وما سماها quot;إنجازاته المحتملة والغير محتملةquot;، وطالب بوقفات (كفران) بدل (عرفان)، اعتبر من أطلق على نفسه quot;ويكليكس الصحافة الجزائريةquot; المبادرة فرصة راقية لبوتفليقة كي يتنازل عن السلطة بشكل محترم وراقٍ يختلف عما حدث ويحدث في باقي الدول العربية.