باتت المعادلة في ليبيا تقضي بأن يقابل كل انتكاسة للثوار، تصعيد للنشاط العسكري لقوات حلف الأطلسي من الجهة الأخرى. وحتى بعد أن تنتهي الحرب الدائرة، قد لا يكون بالإمكان معرفة التكلفة الخاصة بتلك الحملة.

الثوار مازالوا يواجهون معركة تحديد مصيرهم مع القذافي

القاهرة: صورة نمطية بدأ يشهدها الصراع الدائر حالياً في ليبيا، وهي أن كل انتكاسة يتعرض لها الثوار تتمخض عن تصعيد للنشاط العسكري من جانب قوات حلف شمال الأطلسي ( ناتو ). وتسببت أعمال القتال القذرة التي تشهدها في تلك الأثناء مدينة مصراتة في إجبار بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على أن تقوم كل منها بإرسال ما يقرب من عشرة مستشارين عسكريين إلى بنغازي. وقد قام الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بما عليه هذا الأسبوع، عندما أوفد طائرتان تعملان بدون طيار إلى الأجواء الليبية.

وبدا من الواضح الآن أن صنَّاع السياسة الغربيين الذين اختاروا من الوهلة الأولى التدخل عسكرياً في ليبيا بدؤوا يقللون من مرونة وتكيف القوات العسكرية الموالية للعقيد معمر القذافي. وبطريقة مماثلة، بالغ هؤلاء القادة الغربيين فيما يمكن أن تحققه القوة الجوية ضد القذافي. وكانت النتيجة ndash; في أفضل الأحوال ndash; هي الوصول إلى طريق مسدود من الناحية العسكرية، على افتراض أن مصراتة قادرة على الصمود.

أما الثوار، المدعومون بشكل علني الآن من جانب قوات الناتو، فهم بعيدون عن إمكانية تحقيق الهدف الفعلي للحملة، وهو طرد عائلة القذافي من ليبيا. وكان يأمل الثوار والقادة الغربيون أن يلوذ القذافي بالفرار سريعاً أو أن يُطاح به عن طريق انقلاب من القصر أو بحدوث انتفاضة في طرابلس. وهي الاحتمالات التي رأت مجلة فورين بوليسي الأميركية أنها لا تزال واردة الحدوث، رغم هذا كله. لكنها مضت تقول إن تمني حدوث ذلك ليس بالإستراتيجية التي يمكن الارتكاز عليها في هذا الجانب.

ورأت المجلة أنه على افتراض أن القادة الغربيين قد استبعدوا إمكانية غزو ليبيا برياً، فإن النهج الآخر الذي يمكن لقوات الناتو أن تعد من خلاله خطة هو ذلك المتعلق بتحضير قوات الثوار في بنغازي لتلك المسيرة الطويلة الممتدة على طريق الساحل المؤدي إلى طرابلس. وسوف يمد مثل هذا النهج قوات الناتو بمفهوم تنظيمي ويمنح الحلف مبادرة. ورغم ذلك، أكدت المجلة أن هذا النهج سيكون طويلاً ومكلفاً وصعباً في ذات الوقت. وأردفت بالقول أنه بات يتعين على قادة حلف الناتو أن يتحملوا التكاليف اللازمة لتحقيق أهدافهم، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام طريق مسدود.

وقالت فورين بوليسي إن العملية الدائرة الآن في ليبيا ليست إلا تذكير غير سار آخر بعدم القدرة على التنبؤ بالحروب. وحتى بعد أن تنتهي تلك العملية، قد لا يكون بالإمكان معرفة التكلفة الخاصة بتلك الحملة. وعن الإستراتيجية التي قد يتمكن بموجبها جيش الثوار من سحق كل المدن التي يسيطر عليها القذافي بين بنغازي وطرابلس، أوضحت المجلة أن المخططين يجب أن يضعوا في حسبانهم احتمالية حدوث مقاومة كبيرة، وهو ما يتطلب تزويد الثوار بمركبات مدرعة ومدفعية ومشاة مدربين. ويتعين على المخططين كذلك أن يتوقعوا احتمالية حدوث خسائر أو ضحايا من جراء القتال في المناطق الحضرية ومهمة الدعم اللوجستي ونفقات الصيانة.

وقد يكون تقدير التكاليف الذي يشتمل على هامش معتدل من السلامة واحد على عشرة من برنامج تقديم المشورة والتدريب الذي سيطبق في أفغانستان: بما يعني نشر 15 ألف جندي من الثوار، وألف مدرب ومستشار أجنبي، بتكلفة قيمتها مليار دولار سنوياً.