بيروت: اتسمت مناقشة النواب اللبنانيين للبيان الوزاري للحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي الاربعاء ببعض الحدة، لا سيما حول ثلاثة موضوعات خلافية اساسية هي: المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وسلاح حزب الله والموقف من سوريا.

بلغت الحدة ذروتها مساء مع قول النائب نهاد المشنوق من تيار المستقبل الذي يترأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري (معارضة)، ان quot;السلاح الذي هيمن على حياتنا الوطنية والسياسية (...) هو العنوان الكبير للمأزق الوطني في لبنانquot;.

وتابع ان quot;اختراق السلاحquot; لمؤسسات الدولة quot;هو الذي اتى بهذه الحكومةquot;. وسارع الوزير والنائب علي حسن خليل من حركة أمل، التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري (اكثرية) الى الرد بغضب quot;هذا الكلام مرفوضquot;.

وقال النائب نواف الموسوي من حزب الله (اكثرية) quot;هذا الكلام هو كلام فتنةquot;، فقال له المشنوق quot;هذا كلام يشبهكquot;، ورد الموسوي quot;انت عميل للمخابرات ومعروف سعركquot;. واعترض نواب من تيار المستقبل على توصيف quot;العميلquot;، بينما كان الموسوي يخرج من القاعة.

وكان التوتر بدأ خلال إلقاء النائب سامر سعادة من حزب الكتائب (معارضة) كلمته، التي قال فيها quot;كما لم نخف أبو عمار (ياسر عرفات) وسلاحه، لن نخاف السيد (حسن نصرالله) وسلاحهquot;. وفي الجلسة الصباحية، وقعت مشادة بين النائب خالد الضاهر من كتلة المستقبل والنائب عاصم قانصوه من حزب البعث العربي الاشتراكي المتحالف مع حزب الله.

فقد قال الضاهر quot;من منطلق إيماننا بان حرية الشعوب وكرامتها حق انساني مقدس، نتوجه بالتحية والتقدير الى الشعوب العربية المنتفض،ة وخصوصًا الشعب السوري الشقيق، الذي يناضل من اجل الحرية والكرامة والديموقراطيةquot;.

وقاطعه قانصوه سائلاً اياه عن سبب quot;تحديه لسورياquot;، لكن الضاهر تابع quot;ندعو الى احترام خيارات الشعب السوري، ونطالب بوقف زمرة الشتامين والمطبلين اللبنانيين عن المساهمة في قمع وأذية هذا الشعب الأبيquot;. ووقع تلاسن بينه وبين قانصوه، وارتفعت اللهجة واستخدمت نعوت نابية، وتدخل عدد من النواب للفضّ بينهما.

واوضح الضاهر في اتصال مع وكالة فرانس برس انه قصد في كلمته عن quot;الشتامينquot;، ان quot;النظام السوري وكدليل على عجزه ازاء التحرك القائم ضده، يلجأ الى مرتزقة من اعلاميين وشخصيات لبنانية لإقامة المحاضرات والظهور على التلفزيون السوري. كما يلجأ الى عصابات من مناطق لبنانية متاخمة للحدود السورية تقوم باعمال تشبيح في الداخل السوريquot;.

في موضوع المحكمة، واصل نواب المعارضة انتقاد خلو البيان الوزاري من اي كلمة تعبّر عن التزام الحكومة التعاون مع المحكمة التي سلمت السلطات اللبنانية الخميس مذكرات توقيف في حق اربعة عناصر من حزب الله. وقال النائب المشنوق في كلمته quot;الحمد لله ان رفيق الحريري استشهد قبل ان يسمع احدا يقرأ بيان اغتياله مرة ثانيةquot;.

في المقابل، قال النائب علي فياض من حزب الله (اكثرية) ان quot;ما يسمى بالعدالة الدولية كذبة كبيرة (...) وتنزيهها ينطوي على تبرئة لكل الذمة الدولية في التعاطي مع قضايانا على مدى عقود، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما شهدته من مجازر واعتداءات وحروب من قبل الاسرائيليينquot;.

وقال النائب حسن فضل الله من حزب الله quot;قيل لنا ان المكان الطبيعي لكل الاعتراضات يكون في المحكمة، هي دعوة تشبه ادعاء سلطات الاحتلال ان المعتقلين الفلسطينيين يستطيعون الدفاع عن انفسهم امام المحاكم الاسرائيلية لانصافهم. فمتى انصف الجلاد ضحيتهquot;؟.

ونبه نبيه بري مرارًا النواب الى ان كلامهم منقول مباشرة على الهواء على شاشات التلفزة، محاولاً تهدئتهم، وقال ان الاشتباكات الكلامية quot;تثبت ان البلد بحاجة الى مصالحة حقيقيةquot;، محمّلاً النواب quot;مسؤولية هذه المصالحةquot;.

وقال quot;هناك مراهنات على ان تنتقل الاشتباكات الكلامية الى الشارع، وهذا لن نسمح بهquot;. من جهة اخرى، رد عدد من نواب الاكثرية على دعوة قوى 14 آذار الى اطلاق حملة عربية ودولية لمقاطعة الحكومة، بالتأكيد ان هذه الدعوة تطاول الدولة بكاملها وتهدد الاستقرار الاقتصادي.

وقال النائب فياض ان دعوة quot;الحكومات العربية والمجتمع الدولي الى عدم التعاون مع الحكومة في حال عدم تنفيذها مندرجات القرار 1757quot; الذي نص على انشاء المحكمة الخاصة بلبنان، quot;خطوة خطرة غير مسبوقة، تتجاوز منطق المعارضة الطبيعي والديموقراطي الى منطق التأليب على الدولة وتهديد مصالحها الحيويةquot;.

واضاف ان هذه الدعوة quot;في ظل دقة الاوضاع الاقتصادية اللبنانية وهشاشتها المعروفة تأخذ صفة اللعب بالنار وتهديد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعيquot;. وقال النائب فضل الله انها quot;تحريض لحكومات العرب والغرب، وكأنه استدعاء لأساطيل الارض لحصار بيروت وحكومتها على ثقة محسومةquot;.

وسأل النائب آلان عون من التيار الوطني الحر برئاسة الزعيم المسيحي ميشال عون quot;هل خسارة السلطة تشرع وتحلل منطق تدمير الهيكل على رأس الجميع من خلال التحريض على مقاطعة لبنان؟quot;. وتستمر جلسات مناقشة البيان الوزاري حتى مساء غد الخميس، ويتوقع ان تنال الحكومة الجديدة الثقة.