يتهم سكان من مدينة زنجبار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتسهيل سيطرة القاعدة على مدينتهم.


الكثير من العائلات اليمنية نزحت هرباً من المعارك

شهدت الأيام الأخيرة من أيار/مايو الماضي نزول مسلحين من الجبال واقتحامهم مدينة زنجبار، مركز محافظة أبين، على بعد كيلومترات قليلة من ميناء عدن. وتمكن المسلحون من السيطرة على المدينة والقرى المجاورة بسهولة، كما أفاد يمنيون من سكان المنطقة قالوا إن الوحدة النخبوية لمكافحة الإرهاب التي تدربت على أيدي خبراء أميركيين، انسحبت من المنطقة قبل ساعات على الهجوم دونما سبب واضح.

وأعلنت حكومة الرئيس علي عبد الله صالح أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية سيطر على المنطقة. ومنذ هذا الإعلان شنت قوات الجيش اليمني غارات جوية واستخدمت المدفعية في قصف ما يُشتبه بأنها مواقع تنظيم القاعدة في المنطقة، ما دفع آلافا من سكان أبين إلى النزوح.

ولكن مراقبين لاحظوا أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية لم يعلن سيطرته على زنجبار، وأن كثيرا من اليمنيين المتأثرين بنظرية المؤامرة يعتقدون أن هناك تهويلا متعمدا لخطر الإرهاب إن لم يكن مفتعلاً اختلقه نظام صالح، ليؤكد أنه الوحيد القادر على التصدي لمخططات تنظيم القاعدة الرامية إلى تحويل اليمن قاعدة كبيرة تنطلق منها عمليات الإرهاب.

لا أحد يشك بوجود عناصر من تنظيم القاعدة ولكن حتى أعداء الداء للرئيس صالح مثل الحراك الذي يطالب بانفصال الجنوب، على اقتناع بأن خطر الإرهاب القادم من تنظيم القاعدة سيتلاشى، ولن يعود عاملاً في المعادلة ما أن يتنازل صالح عن السلطة.

وبصرف النظر عن الجهة التي تقف وراء المسلحين في زنجبار فان القتال في محافظة أبين أحدث أزمة إنسانية. وتقول بعثة تقصي الحقائق التي أرسلتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن محنة النازحين من أبين هي الأسوأ منذ نزوح آلاف اليمنيين من قراهم هربا من القتال في محافظة صعدة الشمالية العام الماضي.

واليوم تكتظ مدارس بنازحين من أبين يُحشرون في صفوف أصبحت مأوى عائلات يزيد عدد أفراد كل منها على عشرين شخصًا في غرفة واحدة حيث الحرارة شديدة والصغار يتناوبون على المراوح اليدوية للتخفيف من وطأة الحر على كبار السن.

ونقلت مجلة تايم التي زارت المخيم عن عبد الله فاضل القعود (55 عامًا) أن عائلته لم تجد ملجأ يحميها من القصف المتواصل ولم يكن لديها ماء للشرب. ولم يبق أمامها سوى محاولة الهرب إلى عدن. وحمد القعود ربه على وصول عائلته سالمة إلى حي كريتر في عدن الذي تحول إلى مأوى للنازحين والمهجرين.

وقال صالح مهدي حميد وهو نازح آخر من إحدى قرى أبين أن القصف المدفعي دمر منزل جاره فقرر أن يأخذ عائلته ويفر إلى عدن.

وتبدو أسباب النزوح غامضة لمن شردهم القتال من ديارهم. فهم ليسوا متأكدين من هوية الأشخاص الذين اقتحموا منطقتهم. ويتساءل القعود باستياء quot;مَنْ هم هؤلاء المسلحون؟ فالحكومة تقول إنهم من القاعدة، ولكن كيف عرفتْ ذلك؟ أنا رأيتهم. كانوا يرتدون ملابس نظامية ويتحدثون بلغة اعتياديةquot;. وقال إنه لا يفهم ما يجري فيما رفعت والدته العجوز يديها باستغراب قائلة quot;أنا شاهدتُ هؤلاء الرجال يهاجمون المدينة والجنود يفرون في الاتجاه المعاكسquot;.

وقال حميد إن النازحين جياع والماء الذي يشربونه ساخن يكاد يغلي في حر الصيف. وأكد القعود من جهته quot;أن نظام صالح أسوأ حكومة في العالم على الإطلاق. هم الذي فعل هذا بناquot;. وأضاف أن لا حل لهذا الوضع quot;إلا بنجاح الثورةquot;.

ولكن سكان المخيم خائفون أكثر مما يخبئه المستقبل. ونقلت مجلة تايم عن ياسين مخير الذي اختاره النازحون ممثلهم في الاجتماعات مع مسؤولي الحكومة اليمنية والمنظمات الإنسانية الدولية قوله إن لا احد يقف في طريق المسلحين إذا قرروا دخول عدن. وتساءل quot;أين سنذهب بعد ذلك، إلى الصومال؟quot;

عدن مسكونة بالخوف من هجوم يستهدف المدينة. وكثير من سكانها يستعدون للفرار أو البقاء والقتال للدفاع عن بيوتهم مدركين غياب قوات الجيش اليمني غيابا مريبا عن هذا الميناء الحيوي. وقال محمد قاسم نعمان رئيس المركز اليمني لدراسات حقوق الإنسان الذي يثقف النازحين من أبين بحقوقهم المدنية والاقتصادية والإنسانية أن الحكومة اليمنية تخلت تمامًا عن مدينة زنجبار.

وأشار إلى quot;أن هناك بعض المقاتلين من تنظيم القاعدة في هذه الجماعة المسلحة لكنهم قلةquot; مردداً الاعتقاد السائد بين عامة الشعب. وأضاف نعمان quot;أن الميليشيات ممولة ومدعومة من النظامquot;.

ويخاف سكان عدن على مدينتهم من قيام جماعات متطرفة بمحاولة السيطرة عليها، ولكنهم على اقتناع بأن رفض صالح نقل السلطة يخلق فراغا يتيح لهؤلاء المتطرفين إمكانية التحرك بحرية في جنوب اليمن.