لم ينجح الحوار الوطني الذي عقد في سوريا مطلع الأسبوع الجاري في إخماد شرارة الاحتجاجات التي تطالب بإسقاط النظام، وبخاصة مع ازدياد التوتر مع الولايات المتحدة ورفض المعارضة السورية المشاركة في اللقاء.


معارضون للحكومة السورية يتظاهرون بعد تعرض السفارة الفرنسية في دمشقللاعتداءات
وُصِفَ اللقاء الذي جمع مؤخراً مسؤولين سورين بناشطين معتدلين من صفوف المعارضة في أحد الفنادق الموجودة في غرب العاصمة السورية، دمشق، بأنه جلسة quot;حوار وطنيquot;، من شأنها أن تناقش قضايا لا يمكن تصورها في سوريا التي تعيش حالة من القمع خلال الأشهر القليلة الماضية، مثل الحريات الصحافية، وقانون الانتخاب الجديد، وسبل إنهاء ما يقرب من نصف قرن من حكم حزب البعث.
ورغم خروج المشاركين ببيان ختامي يوم أمس، إلا أنه لم يلب مطالب الأشخاص الذين أشعلوا المسيرات الاحتجاجية في جميع أنحاء سوريا من أجل الإطاحة بالنظام. ومع ذلك، ذهب البيان إلى حد المطالبة بتطبيق رزمة من الإصلاحات، بما في ذلك المراجعة الكاملة للدستور، إلى جانب إلغاء المادة رقم 8 التي تضمن لحزب البعث الهيمنة في النظام السياسي للبلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
لكن مع صدور إيماءات كثيرة من جانب الحكومة السورية منذ اندلاع التظاهرات المناهضة للحكومة في آذار/ مارس الماضي، رأت الصحيفة أن هذا الاجتماع الأخير ربما جاء متأخراً للغاية، ولن يحظى بأي تأثير يذكر على الأحداث الدرامية التي تشهدها الآن المدن السورية، وكذلك التي تحدث الآن بصورة متزايدة على الساحة الدولية.
وبينما كان يتناقش المشاركون بشأن الصيغة النهائية للبيان، قام متظاهرون غاضبون موالون للحكومة بمهاجمة وتخريب السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق.
ولفتت الصحيفة في هذا الإطار إلى ذلك التصريح المهم الذي لطالما انتظرته المعارضة السورية من جانب الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها، هيلاري كلينتون، حين قالت إن بشار الأسد quot;فقد الشرعيةquot;، وهي الجملة التي استخدمت من قبل كإشارة لسحب واشنطن دعمها للرئيس المصري حسني مبارك في آخر أيامه في السلطة.
وهو ما جعل سوريا توجه تحذيراً شديد اللهجة يوم أمس للولايات المتحدة كي تمتنع عن القيام بأعمال استفزازية. ومع انتهاء فعاليات الحوار الوطني، وبدلاً من أن تجد سوريا استحساناً لتلك الخطوة الأولى المترددة صوب الإصلاح، وجدت نفسها في مواجهة متصاعدة مع القوة العظمى في العالم.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن بثينة شعبان، مستشارة الرئيس بشار الأسد وإحدى الشخصيات التي أشرفت على مؤتمر الحوار الوطني، قولها :quot; هذا أمر مثير للسخرية. فما نحاول القيام به في سوريا هو الانتقال سلمياً للديمقراطية، وما نتوقعه من أميركا باعتبارها أكبر كيان ديمقراطي في العالم هو أن تدعمناquot;.
كما رفضت شعبان تلك المزاعم الأميركية التي تحدثت عن أن الحكومة السورية هي من قامت بالتحريض على أعمال التظاهر ضد سفارتها في العاصمة دمشق، وأن الأمن لم يحرك ساكناً أثناء قيام الحشود برشق مبنى السفارة بالحجارة وتجمعهم في الوقت ذاته بأعداد كبيرة أمام بواباتها. ومع هذا، لا تزال هناك شكوك حول ما إن كان المؤتمر الأخير هذا سيحدث فارقاً كبيراً بالنسبة إلى الأزمة التي تشهدها سوريا حالياً.
ورأى عمرو العظم، الأستاذ في جامعة ولاية أوهايو والناشط في صفوف المعارضة السورية، أن مقاطعة المعارضة للمؤتمر تمثل هوة من عدم الثقة، وأن مثل هذه الهوة بين الحكومة وأولئك الأشخاص الذين تحدوا خطر الاعتقال والموت لإسقاطها أظهرت أنه لم يعد هناك من شيء يمكنه الآن أن يقنع المتظاهرين بأن يعودوا إلى ديارهم.