بدأت تُثَار موجة من التكهنات بشأن مدى جاهزية القادة الجدد في ليبيا لإدارة دفة البلاد في مرحلة ما بعد القذافي.

وفي الوقت الذي تعامل فيه هؤلاء القادة بشكل جيد مع أزمة المياه التي نشبت مطلع الشهر الجاري، إلا أن المشكلة ما زالت تلوح في الأفق حتى الآن.

فمع ارتفاع درجات الحرارة هناك فوق 105 درجة فهرنهايت، ونجاح الثوار في فرض هيمنتهم على العاصمة طرابلس خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، بدأ يلجأ مناصرو ديكتاتورية معمر القذافي المنهارة إلى سلاح أخير، هو العطش. حيث أفادت في هذا السياق اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية بأن القوات الموالية للقذافي قامت بإغلاق الآبار والمضخات التي تمد ثلث سكان ليبيا العطشى بمياه من خزانات المياه الجوفية الصحراوية، التي تعد جزءً من مشروع النهر الصناعي الضخم الذي تم شقه تحت الأرض، وأطلق عليه القذافي الأعجوبة العالمية الثامنة.

وقد تفاقمت الأوضاع في البلاد، لدرجة أن الأمم المتحدة دخلت في سباق مع الوقت من أجل توفير 11 مليون زجاجة مياه إلى سكان طرابلس براً وبحراً وجواً. لكن الصحيفة شددت على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات في سبيل مواجهة تلك الأزمة.

وتابعت الصحيفة حديثها بالقول إن الطريقة التي يتعامل من خلالها الليبيون مع الأزمة تبين الطريقة التي قد تتعامل من خلالها البلاد مع التحديات المتعلقة بتحويل الثورة إلى نظام حكم ذي مصداقية خلال الأشهر المقبلة. ولفتت إلى وجود بعض العلامات الدالة على وجود طائفية وتخطيط غير مؤكد وكذلك علاقات مشكوك فيها بين بعض قادة البلاد الجدد، وهي العلامات التي أثارت انتقادات وربما تعيق إحراز التقدم.

وفي الإطار عينه، قال بانوس مومتزيس، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لليبيا: quot;نحن أمام سيناريو أشبه ما يكون بالكابوس .. حيث يموت الناس من الجفافquot;. وقامت منظمة اليونيسيف كذلك بإنشاء محور طوارئ في تونس للتعامل بشكل منفرد مع أزمة المياه. ونوهت ساينس مونيتور في نفس السياق إلى الكلمة التي ألقاها مؤخراً مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، في الأمم المتحدة بخصوص ليبيا، والتي أكد فيها أن الطريق لا يزال طويلاً أمام الليبيين، وأن هناك الكثير من التحديات التي تجابههم على عدة مستويات، على المدى القريب والبعيد.

كما لفتت الصحيفة إلى التصريحات التي أشاد من خلالها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بنجاح مجهودات الليبيين في الخروج من الظلام والسير في شوارع خالية من طاغية. وفيما يتعلق بأزمة المياه، أرسل المجلس الوطني الانتقالي بهدوء فرقاً إلى الصحراء الجنوبية، من أجل التفاوض مع القادة القبليين، لإعادة تشغيل مراكز تجميع المياه الأربعة، التي تُسَخِّر تدفق المياه من 580 بئراً، وتلعب دوراً هاماً بالنسبة لطرابلس.

ومع هذا، فإن مشكلة المياه هذه ليست المشكلة الوحيدة التي تواجهها البلاد في تلك المرحلة، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الانقسامات الحاصلة بالفعل بدأت تظهر بين قادة البلاد الجدد المدنيين والعسكريين؛ بين القبائل الشرقية الذين يستحوذون على شرق البلاد وبين القبائل المتواجدة في المنطقة الغربية وطرابلس التي انضمت للقتال لاحقاً.

وأوردت الصحيفة الأميركية في الإطار ذاته أيضاً عن رجل الأعمال الليبي المتواجد حالياً في طرابلس، حسني بي حسني، والذي كان ممنوعاً من السفر خلال فترة الصراع مع القذافي التي امتدت على مدار 6 أشهر، قوله quot;يخوض كل مواطن ليبي حربه الخاصة مع النظام .. وتشعر أن الجميع هم المجلس الوطني الانتقاليquot;. ثم تحدث عن الصعوبات التي تواجههم الآن بشأن التخطيط والإدارة خلال المرحلة المقبلة. وختم بقوله quot;هذا عار .. فهذا ليس ما نرغبه .. لكننا وقعنا في ذلك الفخ القديم الخاص بالمحسوبية والقبلية. وهو الأمر الذي يمكن معالجته. فالليبيون يدفعون ثمن ذلك غالياً من دمائهم، ولا يمكن لأحد أن يستمر في خداع الليبيين أكثر من ذلكquot;.