صنعاء: يتمسك الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي عاد الى صنعاء الجمعة بعد غياب ثلاثة اشهر بالسلطة غير مبال بحركة الاحتجاجات الشعبية والضغوظ التي يمارسها المجتمع الدولي لكي يتنحى عن الحكم.

وامضى صالح منذ مطلع آب/اغسطس فترة نقاهة في السعودية حيث تلقى علاجا اثر اصابته بهجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي في صنعاء مع مسؤولين كبار. وقد ظهر في مقابلة تلفزيونية مصابا بحروق خطرة انعشت امال المعارضة في ان تكون مغادرته للبلاد بشكل نهائي. لكن صالح يرفض تخويل نائبه عبد ربه منصور هادي الصلاحيات اللازمة.

وهذا السياسي المحنك (69 عاما) يتهمه خصومه بالفساد والمحاباة، فنجله البكر احمد واقاربه يتحكمون باجهزة الامن ويعارضون اي نقل للسلطات اثناء غيابه. ويراس صالح الذي يقول غالبا ان حكم اليمن مثل quot;الرقص على رؤوس الثعابينquot;، الجمهورية الوحيدة في شبه الجزيرة العربية منذ العام 1978.

ولكي يتمكن من حكم هذا البلد المعقد جدا، تماشى صالح مع التركيبة القبلية والتقليدية للبلاد التي تفتقر للثروات الطبيعية ويتمتع فيها شيوخ القبائل ورجال الدين بنفوذ كبير. لكن اندلاع حركة الاحتجاجات الشعبية في كانون الثاني/يناير الماضي حشرته في الزاوية بمواجهة مكونات المجتمع وخصوصا القبائل الشديدة التاثير بعد ان كان يؤلبها على بعضها لكي يحتفظ بالسلطة.

وكانت الضربة الاقسى انشقاق اللواء علي محسن الاحمر في اذار/مارس الماضي وكان يعتبر الرجل الاقوى في البلاد بعد صالح.وتتواجه قوات الاحمر مع تلك المؤيدة للرئيس في شوارع صنعاء حاليا. وقبل حركة الاحتجاجات، كان صالح يسعى الى ولاية اخرى بعد العام 2013.

وتكشف برقيات دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس ان صالح اصبح سلطويا اككثر فاكثر خلال الاعوام الاخيرة. وتنقل احداها عن ابن عمه محمد القاضي قوله في 31 آب/اغسطسس 2009 quot;لقد قرر منذ العام 1994 بانه الوحيد القادر على اتخاذ قرارات (...) لا يصغي لاحدquot;.

دخل صالح معترك السياسة في 1962 خلال الانقلاب الذي اطاح بآخر الائمة الذين حكموا اليمن، وشارك في اقامة جمهورية اليمن العربية في مناطق معزولة وقاحلة، وتحكمها الاعراف القبلية. وفي اعقاب ذلك، اندلعت حرب اهلية دعمت فيها مصر بقيادة جمال عبدالناصر العسكريين في الحكم، بينما دعمت السعودية، الجار الشمالي الكبير، القادة القبليين الموالين للامام. انتهت هذه الحرب في 1970.

وفي نفس الوقت، كانت مناطق جنوب اليمن الحالي تحت سيطرة البريطانيين خصوصا عدن والواجهة البحرية للبلاد. وغادر البريطانيون جنوب اليمن تحت وطأة انتفاضة واسعة النطاق في 1967، وقامت بعد ذلك جمهورية اليمن الشعبية الديموقراطية وعاصمتها عدن، واصبحت هذه الجمهورية تدور في فلك الاتحاد السوفياتي.

وفي 1978، اختير صالح الذي كان حينها في رتبة مقدم، من قبل هيئة تاسيسية ليحل مكان رئيس اليمن الشمالي احمد الغمشي الذي قتل في عملية دبرت في الجنوب. وصالح الذي ولد في 21 اذار/مارس 1942، يعتمد على حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم.

وينتمي صالح لقلبية سنحان، وهي جزء من قبائل حاشد الاكبر والاقوى في اليمن، والتي خاض في الاسابيع الماضية مع مناصري شيخها صادق الاحمر معارك طاحنة. وعمل صالح في البداية على الوحدة مع الجنوب، وقد تحققت هذه الوحدة في 1990 بالتزامن مع سقوط الامبراطورية السوفياتية. وتحول صالح بعد ذلك الى اول رئيس لليمن الموحد، ولكن بعد اربع سنوات، استخدم الحديد والنار لقمع محاولة انفصالية في الجنوب.

صالح متزوج واب لسبعة ابناء، وهو ينتمي الى الطائفة الزيدية التي تعتبر جزءا من الشيعية ويشكل اتباعها 30% من اليمنيين. ويشكل الزيديون غالبية السكان في شمال البلاد. الا ان صالح خاض منذ 2004 ست حروب مع متمردين زيديين في شمال البلاد، آخرها انتهى في شباط/فبراير 2010.

وتمكن صالح، وهو براغماتي بامتياز، من اجتياز عدة ازمات صعبة في الماضي، لاسيما الازمة التي نجمت عن اجتياح الكويت من قبل العراق بقيادة صدام حسين في 1990. وعاقبت السعودية اليمن لانه وقف الى جانب العراق، وقامت بطرد 700 الف عامل يمني ما حرم اليمن من مصدر مهم للدخل.

وواجه صالح ايضا تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن الذي تتحدر اسرته من اليمن. الا انه استخدم خطر هذا التنظيم من اجل تعزيز موقعه ازاء الولايات المتحدة التي يحصل منها على دعم ب150 مليون دولار سنويا.