عامل عراقي في إحدى محطات الكهرباء المتهالكة في بغداد

في تسارع لخطى حكومية عراقية تستجيب لاحتجاجات وتذمّر شعبي عامّ فقد أعلن في بغداد اليوم عن إحالة مشروع محطتي كهرباء الرميلة وشط البصرة الغازيتين للتنفيذ بمبلغ قدره 657 مليون دولار، وتأهيل محطة كهرباء المسيب الحرارية جنوب بغداد بمبلغ 434 مليون دولار من قبل شركات يابانية وكورية وألمانية ويونانية وسعودية.


قال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن مجلس الوزراء وافق على إحالة مشروع محطة كهرباء الرميلة الغازية في محافظة البصرة الجنوبية على شركة هونداي الكورية بكلفة 308 ملايين و64 ألف دولار، وبمدة تنفيذ 23 شهرًا، وإحالة مشروع محطة كهرباء شط العرب الغازية في محافظة البصرة أيضًا على شركة ميتكا اليونانية بكلفة 348 مليون و870 ألف دولار لينجز بفترة 24 شهرًا.

كما وافق المجلس على تأهيل محطة كهرباء المسيب في جنوب بغداد بمبلغ 434 مليون و275 الف دولار من قبل شركات هيتاشي اليابانية وسيمنس الالمانية وهونداي الكورية.

واضاف الدباغ في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;إيلافquot; أن مجلس الوزراء قرر الموافقة على إقرار توصيات لجنة شؤون الطاقة بشأن توقيع عقود تأهيل الوحدة الثالثة في محطة كهرباء المسيب الحرارية، وإحالة مشروعي محطة كهرباء الرميلة الغازي ومحطة كهرباء شط البصرة الغازية.

وأشار الى أن الموافقة على توصيات لجنة شؤون الطاقة بشأن طلبات وزارة الكهرباء الخاصة بمحطتي كهرباء الرميلة وشط العرب وتأهيل محطة المسيب تأتي حرصاً من الحكومة العراقية على دعم قطاع مهم وحيوي للشعب العراقي، الا وهو قطاع الكهرباء، من خلال إنشاء مشاريع إستراتيجية تخدم قطاع التوليد والتجهيز وكذلك تأهيل محطات التوليد لزيادة طاقتها الإنتاجية.

وقال الدباغ إن وزارة الكهرباء طلبت توقيع عقود القرض الياباني الخاص بتأهيل الوحدة الثالثة في محطة كهرباء المسيب الحرارية تأهيلاً شاملاً، وتأهيل جزئي للوحدة الأولى من المحطة، على أن يتم التسديد بالدفع الآجل على مدى 40 عامًا، موضحًا أن إتفاقية القرض قد وقعت في 25 كانون الثاني (يناير) عام 2008، وتم تفعيلها في 30 حزيران (يونيو) من العام نفسه، ووجّهت الدعوات المباشرة الى الشركات المصنعة.

وبعد جولتي التفاوض في شنغهاي وعمان، أصبحت عروض الشركات كالآتي هيتاشي اليابانية (المصنعة لمراجل المحطة) بمبلغ (16.273) مليار ين وسيمنس الألمانية (المصنعة لتوربينات ومولدات ومنظومة السيطرة في المحطة) بمبلغ (9.506) مليار ين وهيونداي الكورية (المصنعة للمنظومات المساعدة للمحطة) بمبلغ (8.880) مليار ين ليكون المبلغ الإجمالي بما يعادل (434.275.000) دولار أميركي.

وأضاف الدباغ أن وزارة الكهرباء قد طلبت إحالة مشروع محطة كهرباء الرميلة الغازية (295 5) ميكا واط بعهدة شركة هيونداي أنجنيرنك بأسلوب المفتاح الجاهز بطاقة إجمالية قدرها (1475) ميكا واط، حيث تم إستلام العطاءات في 20 تموز (يوليو) الماضي من ثلاث شركات، هي هيونداي انجنيرنك الكورية بمبلغ (308.064) مليون دولار أميركي بمدة تنفيذ أمدها 23 شهرا، ودايو الكورية بمبلغ 475.990 مليون دولار أميركي وبمدة تنفيذ أمدها 24 شهرا، واوراسكوم المصرية بمبلغ 375.990 مليون دولار أميركي وبمدة تنفيذ أمدها 21 شهرًا، وبذلك فإن عرض شركة هيونداي هو أوطأ العروض.

واشار في الختام الى أن وزارة الكهرباء طلبت إحالة مشروع محطة كهرباء شط البصرة الغازية (12510) ميكا واط بعهدة شركة ميتكا اليونانية بأسلوب المفتاح الجاهز بطاقة إجمالية قدرها (1250) ميكا واط، حيث تم إستلام العطاءات في السابع من آب (أغسطس) الماضي من مجموعة من الشركات المختصة في هذا المجال، ومن مختلف الجنسيات، وبعد دراسة العطاءات وجد أن عطاء الشركة اليونانية بمبلغ إجمالي مقداره 348.870 مليون دولار إميركي وبمدة تنفيذ أمدها 24 شهراً.

على الصعيد نفسه، أبرمت وزارة الكهرباء عقدين مع شركتين كورية وسعودية لتجهيز معدات أربع محطات تحويل وقابلوات ضغط كهربائية. وقال المتحدث باسم الوزارة مصعب المدرس في تصريح اليوم ان المديرية العامة لمشاريع نقل الطاقة الكهربائية التابعة للوزارة أبرمت عقدا مع شركة اي اي سي الكورية لتجهيز المعدات وتنفيذ أعمال الهندسة المدنية لأربع محطات تحويل بطاقة 132 كي في/ 33 كي في بطريقة الدفع بالأجل.

وأوضح ان توقيع العقد سيسهم في وضع حد لجزء من الاختناقات الحاصلة في الشبكة الوطنية. واشار الى ان العقد سيشتمل على تجهيز المعدات والإشراف على أعمال نصبها وتشغيلها في محطات كهرباء جصان وشمال الكوت وشيخ سعد في محافظة واسط ومحطة كهرباء الناصرية في محافظة ذي قار، لكنه لم يشر الى العقد مع الشركة السعودية.

وأضاف المدرس أن الكلفة الإجمالية للعقد تبلغ 30 مليون دولار، حيث سيجري دفع مستحقات الشركة على مدى أربعة أعوام بواقع 15% خلال السنة الأولى، مع فتح الاعتماد، و15% في السنة الثانية، و35% خلال السنتين المتبقيتين. واشار الى ان مديرية مشاريع نقل الطاقة تعتزم توقيع عقد مماثل مع شركة سيمنز قريبًا لتوريد معدات ست محطات تحويل من نوع 133 كي في/132، فضلاً عن تنفيذ أعمال الهندسة المدنية وإشرافها على أعمال النصب وتشغيل تلك المعدات.

كهرباء العراق... احتجاجات ووعود وإقالات لوزراء

وكان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني قد وعد خلال الاسبوع الماضي بحلّ أزمة الكهرباء في العراق نهائياً خلال عامين، مؤكداً أن وزارة الكهرباء وقعت عقوداً مع شركات عالمية لتجهيز العراق بأكثر من تسعة آلاف ميغاواط من الطاقة، كاشفًا عن سعيها إلى توقيع عقود جديدة خلال شهرين لتجهيز البلاد بنحو خمسة آلاف ميغاواط أخرى.

وقد استحوذ قطاعا النفط والكهرباء على 42% من الموازنة الاستثمارية للعام المقبل 2012 البالغة 40 مليار دولار، بسبب اعتماد العراق على الإيرادات النفطية وحاجته إلى الطاقة الكهربائية.

يذكر أن العراق يعاني نقصًا حادًا في الطاقة الكهربائية منذ عام 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003 في عموم المحافظات بسبب قدم الكثير من المحطات وعمليات التخريب التي تعرّضت لها المنشآت خلال السنوات الثمان الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى حوالى عشرين ساعة في اليوم الواحد، ما زاد من اعتماد السكان على مولدات الطاقة الصغيرة والأهلية، في وقت تسجل فيه حرارة الطقس ارتفاعًا مطردًا، إذ تتجاوز 51 درجة مئوية، ووصلت خلال أحد أيام الصيف الماضي الى 55 درجة مئوية، ما ارغم السلطات على تعطيل العمل في مرافق الدولة في ذلك اليوم.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أقال في اب (أغسطس) الماضي رعد شلال على خلفية الكشف عن عقود وهمية وقعتها الوزارة، وتصل قيمتها إلى مليار و700 مليون دولار.

وقالت تقارير محلية ان السفير العراقي في كندا ابلغ الحكومة أن الشركة المتعاقدة مع وزارة الكهرباء هي شركة وهمية. وقالت ان وزارة الكهرباء تعاقدت مع شركة quot;نيناquot; على نصب 25 محطة بواقع ألفين وخمسين ميكا واط، وتم إلغاء هذا العقد، ثم تعاقدت مع شركة quot;أكس أكسquot; الكورية، وتمّ إلغاء هذا العقد أيضاً، ثم بعدها تعاقدت مع شركة ألمانية على بناء 10 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية في العراق، مشيرًا الى ان السفير العراقي في كندا ابلغهم عن ان الشركات التي تعاقدت معها وزارة الكهرباء أخيرًا كانت وهمية.

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد، اأتهم النائب المستقل رئيس لجنة النزاهة سابقًا صباح الساعدي نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني بالتورط في العقود الوهمية التي أبرمتها وزارة الكهرباء، وقال ان وزير الكهرباء رعد شلال هو كبش فداء لمفسدين كبار، كان لهم إطلاع على عقود هذه الشركات، باعتبارها وهمية.

وكان وزير الكهرباء العراقي السابق كريم وحيد قد استقال من منصبه فيصيف عام 2010 على خلفية تظاهرات احتجاج عمّت العراق ضد فقدان الكهرباء، والتي ادت الى اشتباكات في بعض المحافظات مع رجال الامن، وخلفت قتيلين و20 مصابًا.

ويعاني العراقيون منذ الحرب الاميركية في بلادهم، والتي اسقطت النظام السابق، انقطاعًا فيالتيار الكهربائي، وعدم القدرة على استخدام اجهزة التكييف والمراوح فترات طويلة.

لكن في هذا العام تضافر ارتفاع الحرارة مع نقص المياه، لتصبح الحياة غير محتملة تقريبًا للكثيرين في شهر رمضان الحالي. ويتعرّض العراقيون لانقطاع الكهرباء ما يتراوح بين ست و14 ساعة يوميًا، ومما زاد الامور سوءًا ان بعض المحافظات العراقية تعرّضت لموجة من الحر الشديد على مدار الاسبوع الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 56 مئوية.

ويزيد الحر القائظ من الضغط على شبكة الكهرباء المتهالكة في العراق، ونظرا إلى تراجع امدادات الكهرباء من الشبكة الوطنية، يضطر العراقيون للاعتماد بدرحة اكبر على مولدات خاصة لتشغيل اجهزة تكييف الهواء والثلاجات.

ويحتاج العراق إلى أكثر من 15 الف ميغاوات من الطاقة تاطهربائية لتلبية الطلب في الصيف، فيما قال وزير الكهرباء في اذار (مارس) الماضي ان المتوقع ألا تتجاوز الإمدادات خلال الصيف الحالي 7000 ميغاوات.

وفي اجراء استهدف تخفيف حدة الغضب الشعبي المتزايد بسبب استمرار انقطاع الكهرباء، قررت الحكومة العراقية أخيرًا توفير الوقود بالمجان لمولدات الكهرباء في احياء المدن في انحاء البلاد، على أن تتولى هذه الاحياء تزويد السكان بالكهرباء فترة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا بأسعار معقولة.