تظاهرات للأكراد في أربيل |
إقرأأيضاً |
يبدو أن الأكراد أكثر المتضررين اليوم في فترة ما بعد الانسحاب الأميركي، إذا تحولت الفوضى السياسية إلى حرب أهلية، حيث نقل مسؤول كردي سعيهم لتحقيق الديمقراطية. وبدأ القلق العراقي منذ أسبوعين حيث أصدرت حكومة المالكي مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي.
القاهرة: رغم الأجواء الإيجابية التي بدأ ينعم بها المواطنون العراقيون في مدينة أربيل العراقية، على سبيل المثال، في مرحلة ما بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة هناك، وهي الأجواء التي بدأ يدرك معناها المواطنون الأكراد كذلك، إلا أنهم كانوا المستفيدين الأكبر من تلك الحرب، وقد يكونون أكثر المتضررين الآن إذا تحولت الفوضى السياسية التي تلت انسحاب القوات الأميركية إلى حرب أهلية.
ونقلت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن برهام صالح، رئيس وزراء الحكومة الكردية الإقليمية، قوله: quot;هل نحن قلقون؟ نعم، نحن قلقون. فمصلحتنا الوطنية كأكراد تكمن في عراق فيه الديمقراطية والوحدة والسلام. وهو الواقع الذي ما زال يتعين علينا أن نسير في طريق طويل كي ندركه ونحققهquot;.
وتابعت الصحيفة بقولها إن نهاية الدور العسكري الأميركي في العراق جاءت لتكون بمثابة نقطة التحول المقلقة بالنسبة للأكراد، الذين حمتهم الولايات المتحدة على مدار 20 عاماً، عقب حرب الخليج عام 1991، من خلال تقديمها معونات إنسانية وفرض منطقة حظر طيران، كانت سبباً في وقف آلة القتل الخاصة بالرئيس العراقي صدام حسين.
وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أن محاولات توطيد السلطة التي يقوم بها الآن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، تثير ذكريات مؤلمة لدى الأكراد الذين عانوا على أيدي الحكومة المركزية القوية في بغداد. كما أنها تضع الأكراد في ذلك الموقف الحساس المتعلق بالقيام بدور صناع السلام بين فصائل العرب السنة والشيعة المتقاتلين، وهي المعركة التي رأت النيويورك تايمز أن مستقبلهم يقف فيها على المحك.
وعاود صالح ليقول: quot;ما لا شك فيه أن كل كردي يتوق إلى وطن مستقل. لكننا قبلنا أيضاً العيش كجزء من وطن عراقي فيدرالي وسلمي وديمقراطي. وإذا توارت تلك الآمال، فلا أعتقد أن الأكراد سيرغبون في المجازفة بما لدينا من مكاسبquot;.
ومضت الصحيفة تقول إن الأزمة الراهنة، التي أوضح السياسيون أنها وضعت البلاد على حافة الدخول في حرب أهلية، قد نشبت قبل حوالى أسبوعين، مع مغادرة آخر قوات أميركية للبلاد. حيث أصدرت حكومة المالكي مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، ذلك السياسي السني البارز، بعد اتهامه بإدارة فريق اغتيالات. وهو ما جعل الهاشمي يلوذ بالفرار إلى الشمال، حيث المنطقة الكردية شبه المستقلة، للهروب من خطر إلقاء القبض عليه. وبدوره، حذر المالكي، ذو التوجه الشيعي، الأكراد هناك من المشكلات التي قد تنجم إذا لم يسلموا الهاشمي.
ولم يفرح الأكراد، الذين لا ينوون الرضوخ لطلب المالكي، بجرهم إلى ذلك النزاع الحاصل بين السنة والشيعة. وقال في تلك الجزئية مسعود بارزاني، رئيس الحكومة الكردية الإقليمية: quot;نحن لسنا جزءاً من المشكلةquot;. وتابعت الصحيفة بقولها إن مستقبل العراق في مرحلة ما بعد الحرب يراوح مكانه، خاصة وأن الأكراد غير قادرين على تجنب المشاركة في حل المشكلة. وقد سبق لدبلوماسيين أميركيين أن طالبوا القائد الكردي ورئيس العراق، جلال طالباني، بأن يعقد اجتماعاً للقيادة العراقية.
لكن لم يتم الاتفاق حتى الآن على المكان الذي يمكن أن يعقد فيه ذلك الاجتماع، فبينما يرغب الأكراد في عقده في الشمال، يضغط المالكي من أجل عقده في العاصمة بغداد. وفي مقابلة أجريت معه من قصره مترامي الأطراف الواقع خارج مدينة أربيل، قال بارزاني: quot;أرى أن تهديد المالكي بتشكيل حكومة جديدة تهيمن عليها أغلبية شيعية هي الخطوة الأكثر خطورة. فتلك الحكومة لابد وأن تكون شراكة بين الشيعة والسنة والأكراد. وأي شيء سيخالف ذلك سيرقى إلى درجة الأمر الكارثيquot;.
وعاود صالح مجدداً ليؤكد أن تكوين تحالف شيعي ndash; كردي من شأنه أن يُبعِد السنة سوف يعني quot;نهاية العراق كما نعرفهquot;. ولفتت النيويورك تايمز هنا إلى أن حرمان السنة من الصوت السياسي سوف يعمل ربما على تجديد أعمال التمرد من جانب السنة. ثم تحدثت الصحيفة عن ماضي العلاقات الدموي بين السنة والأكراد، حيث اتهمت الحكومة السنية إبان فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين بارتكاب إبادة جماعية ضد الأكراد. ومع هذا، فهم يفضلون دمج العرب السنة بصورة آمنة في حكومة لتقاسم السلطة عن المجازفة بتجديد أعمال العنف وبث حالة من عدم الاستقرار.
وختمت الصحيفة بلفتها إلى أن إقليم كردستان قد تحوّل في الآونة الأخيرة إلى ملاذ بالنسبة للسنة. فالهاشمي ما زال يقيم في دار ضيافة تابعة لطالباني في التلال الواقعة خارج السليمانية. كما لاذ بالفرار إلى هناك قادة سنة من محافظة ديالى بعد الحملة القمعية التي شنتها قوات أمن حكومية. هذا ويؤمن القادة الأكراد بالفيدرالية ويدعمون جهود باقي المحافظات، مثل ديالى والأنبار، للحصول على الحكم الذاتي، وهو ما يعترض عليه المالكي باعتباره تهديداً على الهيمنة الشيعية. ويرى الأكراد أن أفضل أمل لهم حتى الآن على الأقل هو الحفاظ على استقلالهم الذاتي ضمن وطن عراقي موحد.
التعليقات