أعضاء في حركة الوفاق العراقي في النجف يعلنون عن انشقاقهم عنها

تواجه وحدة القائمة العراقية ضربات متتالية من نواب وأعضاء مجالس محافظات جنوبية شيعية ينتمون للقائمة العراقية بزعامة علاوي، بما يتركها على طريق تمثيل المكون السني وحده. اعتبر مراقبون ذلك تكريسا للمشهد الطائفي في مرحلة ما بعد اكتمال الانسحاب الأميركي.


لندن: يوجّه نواب وأعضاء مجالس محافظات جنوبية شيعية ينتمون إلى القائمة العراقية بزعامة علاوي، ضربات متتالية إلى وحدة القائمة وقوتها وبما يتركها على طريق تمثيل المكون السني وحده، برغم اتهامات مسؤوليها للسلطة بالوقوف وراء هذه الانشقاقات بالترهيب والترغيب، فيما اعتبر مراقبون ذلك تكريسًا للمشهد الطائفي في مرحلة ما بعد اكتمال الانسحاب الأميركي، وأنه يقوي من شكيمة المالكي في مواجهة خصومه السياسيين، حيث يستعد لمحاكمة الهاشمي غيابيًا.

انشقاق عشرات الاعضاء عن العراقية والوفاق

واليوم الأحد، أعلن 42 من نواب وممثلين عن القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي في محافظة البصرة، و4 في محافظة بابل، انشقاقهم عن القائمة بسبب ما قالوا إنها عمليات تهميش يتعرّضون لها، وتوجّه طائفي لقيادتها.

وأكد النائب عن العراقية وإحدى شخصياتها المعروفة في محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) هو اسكندر وتوت وثلاثة أعضاء آخرين ممثلين للعراقية ولحركة الوفاق العراقي بزعامة علاوي انسحابهم من العراقية، احتجاجًا لما قالوا إنه خروج للقائمة quot;عن مسارها الطبيعي وتبنيها مشروع الأقاليم وإرباك المشهد السياسي، وتعطيل عمل مجلس النواب، الذي انعكس سلبًا على تقديم الخدمات للمواطنينquot;.

وقال وتوت، وهو نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي في مؤتمر صحافي في مدينة الحلة عاصمة المحافظة، إن انسحابه من العراقية جاء بسبب quot;عدم تنفيذها للمشروع الوطني، الذي كنا نطمح ونسعى إليه قبل الانتخاباتquot;.

وأوضح أن المنسحبين معه من أعضاء القائمة هم عامر المرشدي محمد ماكول وأمل سلومي وعلي حسين مستشار محافظ بابل. وأشار أيضًا إلى أن الانسحاب جاء نتيجة سيطرة كتل داخل العراقية على قراراتها. وقال إن علاوي لا يدير العراقية، وإنما أشخاص من كتل منضوية تحت القائمة.

وفي محافظة البصرة (550 كم جنوب بغداد) قال عضو حركة الوفاق غالب الأسدي في مؤتمر صحافي إن 42 من أعضاء الحركة والقائمة العراقية قرروا الانسحاب منهما، والانضمام إلى حركة أبناء العراق للتغيير، التي تأسست في محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) الاثنين الماضي من أعضاء أعلنوا عن انشقاقهم عن العراقية أيضًا.

وأضاف إن الانسحاب يأتي نتيجة لما يتعرّضون له أعضاء العراقية في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط، من التهميش والإقصاء من قادتهما في العاصمة بغداد وعدم منحهم المناصب العليا في الحكومة ومعارضتهما لإنشاء إقليم البصرة، إضافة إلى الانسحاب من الحكومة ومجلس النواب.

تأتي هذه التطورات بعد يوم من انسحاب أعضاء العراقية والوفاق الوطني في النجف (160 كم جنوب بغداد) وانضمامهم إلى حركة أبناء العراق للتغيير، بسبب ما وصفوه بسياسة التهميش والإقصاء، والتوجّه الطائفي، الذي تتبعه القائمة مع فروعها في محافظات الجنوب، وفقدان التوازن في التعامل مع الأمور العالقة، منها قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

وعلى مدى الشهرين الماضيين، شهدت العراقية انشقاقات مماثلة عندما أعلن أعضاء في حركة الوفاق أحد مكونات القائمة في محافظة واسط (160 كم جنوب بغداد) في أيلول (سبتمبر) الماضي عنانشقاقهم عن الحركة، وتشكيلهم تجمعًا جديدًا، فيما أعلن النائب عن محافظة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) محمد الدعمي في آب (أغسطس) الماضي عن انسحابه من القائمة العراقية، والانضمام إلى كتلة العراقية البيضاء، التي شكلها في آذار (مارس) الماضي ثمانية نواب، انشقوا عن العراقية، ثم تبع ذلك انشقاق نائب آخر هو زهير الأعرجي.

العراقية تتحول إلى ممثل لمكون واحد

واعتبرت مصادر عراقية تحدثت إلى quot;إيلافquot; هذه الانشقاقات التي يعلن عنها نواب وأعضاء في مجالس المحافظات الجنوبية الشيعية، انعكاساً للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد في أخطر تطور بعد اكتمال الانسحاب الاميركي، حيث يواجه أحد قادة العراقية، هو نائب الرئيس طارق الهاشمي، اتهامات بالتحريض على القتل والإرهاب، وصدور مذكرة اعتقال بحقه، والإعلان اليوم عن حجز أمواله المنقولة وغير المنقولة، تمهيدًا لمحاكمته غيابيًا، إضافة إلى تعرّض نائب رئيس الوزراء القيادي في العراقية صالح المطلك، وهما سنيان، للإقالة إثر وصفه لرئيس الوزراء نوري المالكي الشيعي بالدكتاتور. ومع توقعات بأن تمتد المواجهات إلى وزير المالية القيادي في العراقية رافع العيساوي المهدد بالإقالة أيضًا.

وعلى الرغم من تأكيد العراقية أن انسحابات أعضائها هؤلاء تأتي نتيجة تعرضهم quot;لأساليب الترويع والترهيب، التي تمارسها ضدهم بعض الجهات النافذةquot;، في إشارة إلى الحكومة، إلا أن المصادر اعتبرت أن انشقاق نواب وأعضاء مجالس محافظات من الشيعة، بمثابة ترك القائمة لمكون واحد، هم السنّة. وأشاروا إلى أن هذا التطور هو بمثابة تكريس للطائفية في المشهد السياسي العراقي، بشكل يمكن القول معه إن القائمة قد أصبحت بذلك أولى ضحايا الانسحاب الأميركي من العراق.

وتساءلت المصادر عن مصير الزعامة الحالية للقائمة، التي يقودها الشيعي اياد علاوي، وفيما إذا كانت ستبحث عن زعيم آخر لها من قياداتها السنية، مثل رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي.

وتؤكد العراقية أن جهات نافذة، في إشارة إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، تقوم بترهيب وترغيب عناصر تدّعي انتماءها إلى القائمة لإعلان انشقاقها وسط ضغوط كبيرة وتهديدات بالقتل لعناصر القائمة في محافظات الجنوب، في استهداف واضح للمشروع الوطني العراقي.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الانشقاقات عن القائمة العراقية وحركة الوفاق تصبّ في مصلحة المالكي، الذي يقود معركة ضد معارضيه في قيادة العراقية، وتمنحه قوة في هذه المواجهة وإفشال محاولاتهم لإسقاط حكومته أو إضعافها في أحسن الأحوال عن طريق تعليق مشاركة نواب القائمة ووزرائها في اجتماعات مجلس النواب والوزراء.

العراقية تتهم quot;جهات نافذةquot; بتشويه سمعتها

قالت الناطق الرسمي باسم القائمة العراقية النائبة ميسون الدملوجي، إن العراقية تتعرّض لحملة إعلامية، تنظمها جهات معلومة، للمسّ بمشروعها الوطني ورموزها وقياداتها، وتهدف إلى تشويه السمعة عبر تسريب الأكاذيب تارة، واستخدام شخصيات من أصحاب النفوس الضعيفة وبعض ممن لم يفز بالانتخابات طورًا آخر.

وأكدت الدملوجي في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot;، أن العراقية متمسكة بالمشروع الوطني، الذي يجمع العراقيين في ظل الدستور والقانون، وأن أبوابها مفتوحة لكل من يسعى إلى بناء عراق مدني ديمقراطي، بعيداً عن كل أشكال التمييز، وأنها لا تجبر أحداً على البقاء في العراقية، بل تدعو له بالخير والتوفيق إذا تخلى عنها.

وأشارت إلى أنه quot;مما يدعو إلى الاستغراب أن تعلن بعض القوى انشقاقها عن العراقية، وهي لم تكن يوماً جزءًا منها، وهذا يثير شكوكاً حول لهاثهم في إشغال حقائب وزارية إذا انسحبت العراقية عن الحكومةquot;.

وأضافت الدملوجي إن بعض القوى تسعى منذ اليوم الأول إلى شقّ صفوف العراقية، وبوسائل مختلفة من الترغيب والترهيب، وهي الأطراف نفسها التي تستغل وسائل الإعلام الموالية لها من فضائيات ومواقع إلكترونية، للترويج لأكاذيب لا أساس لها من الصحة.

وأكدت أن المواطن العراقي أصبح واعياً لمثل هذه الأساليب في التسقيط، وأن جمهور العراقية لا تنطلي عليه مثل هذه الطرق البائسة، التي لا تنمّ إلا عن إفلاس من يقوم بها وسعيه إلى التخريب بدلاً من البناء.

أما الناطق الرسمي باسم حركة الوفاق الوطني العراقي هادي والي الظالمي، فقد أشار إلى أنهفي الوقت الذي يعيش فيه ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر، وتتسوّل مئات الآلاف من الشباب -في أغنى بلد نفطي- فرصة عملفي ظروف مذلةعند أبواب الدوائر والمؤسسات الرسمية، فإن جهة سياسية نافذةتستحوذ على الكثير من المال العام، وتبدده في شراء ذمم النافخين في بوق السلطان، أو البلطجية استعدادًا لقمع أصوات الحرية، كما حدث في ساحة التحرير.

وقال الظالمي في بيان صحافي أرسلت نسخة منه إلى quot;إيلافquot; إنه عوضاً من أن تنشغل تلك الجهة السياسية ـ النافذة ـ في الشأن العام، والعمل على المصلحة الوطنية بما يمليه الواجب، فإنها كرّست انشغالاتها في التأسيس لدكتاتورية كارتونية، غافلة عن أنها تنسج عالمًا من الوهم، لاوجود له إلاّ في وعيها الظلامي.

وأضاف أنه في الآونة الأخيرة دأبت هذه الجهة على استدراج بعض من استهوته الأضواء الخادعة أو من شرع أبوابه أمام ريح الخيانة، ممن حسب على المشروع الوطني، فأعدّت لهم المؤتمرات الصحافية في القاعات الفخمة للمزادات السياسية الرخيصة، ليزايدوا على حركة الوفاق الوطني العراقي وأمينها العام علاوي وتاريخهما النضالي في مقارعة الدكتاتورية وبناء الدولة الوطنية المدنية.

وشدد بالقول على quot;أن تلك الأكاذيب الهزيلة لن تنطلي على أحد، فالحركة قد اجتازت مؤامرات أكثر شراسة، وخرجت منها أصلب عودًا، وهي تنسج في ضمير العراقيين ووجداناتهم في الوقت عينهالذيتبني تنظيماتها على الأرضquot;.

وزاد quot;إننا إذ ننصح تلك الجهة بالركون إلى التنافس الشريف، من خلال الانتماء إلى الوطن الواحد الكبير وشعبه الواحد المتعايش بسلام على مر العصور، فإننا نذكرها أيضًا بالتزامها الأخلاقي والدستوري في صون وحماية التعددية السياسية، والكفّ عن أساليب إذكاء الكراهية والإيذاء التي اتبعتها إزاء كل شركائها السياسيين والوطنيين من دون استثناء، وإلاّ فإنها ستجد نفسها في عزلة من الجميع، وهي تنسف كل أسس الثقة والتآخي، التي تفرضها وحدة العمل السياسي والوطنيquot;.

وأكد الظالمي أن حركة الوفاق الوطني العراقي، التي تقود اليوم مشروع الدولة المدنية الديمقراطية بقوة أكبر وثقة أعظم بتلاحم صميمي مع كل العراقيين، تلفت أنظار شعبنا الكريموجمهورها الوفي إلى التنبه للأساليب الرخيصة،التي تهدف إلى الإيهام بضعف الحركة أو حصول انشقاقات فيها، من خلال تكرار عرض الوجوه نفسهاممن ارتضوا المتاجرة بأنفسهم بثمن بخس في سيرك متنقل، بما يظهر إفلاس الجهة الراعية لهذا التهريج، وانهماكها بالتآمر على الاخرين بدلاً من خدمة العراقيين والسهر على وحدتهم وتحقيق الديمقراطية الناجزة لهم.

وكان مرجع شيعي عراقي كبير قد أرجع الخميس الماضي سبب الأزمة، التي تضرب العراق حاليًا، إلى المحاصصة السياسية التي تؤجّج الصراعات بين الكتل، ودعا العراقيين إلى الوقوف في وجه الفتن الطائفية، وأن لايكونوا ألعوبة في يد هذه الكتلة أو تلك.

وقال المرجع الديني الشيعي آية الله السيد حسين إسماعيل الصدر quot;إن الأيام الماضية حملت صورًا عديدة لخلافات الكتل السياسية، التي تتصدى لقيادة البلاد وللمسؤولية عن القرار السياسي والرسمي.. وليس أبلغ من أن نطلق على ما يجري أنها طائفية سياسيةquot;.

وأضاف في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;إيلافquot; أن quot;هذه الأفعال لن تجد لها أي أرض أو جذر بين أبناء الشعب العراقي، والذي لابد له في ظرف مثل هذاإلا أن يكون في غاية بمثل هذا المسعى المحموم، الذي يريد وحدة الشعب وتماسك أبنائه وحمايته من كل أذى وسوءquot;.

ودعا المرجع الفقيه الصدر أبناء الشعب العراقي quot;بكل انتماءاتهم وأديانهم ومذاهبهم وأطيافهم وقومياتهم إلى أن يتيقظوا ويتنبهوا، ولا يتركوا ثغرة في جسم العراق الواحد لينفذ منها الشر، وأن يبقى العراق وشعبه واحدًا موحدًا في وجه المحاولات الطائفية والفتن المذهبية المقيتة، وأن لا يكون ألعوبة في يد بعض الكتل السياسية أو بعض الجهات الخارجية التي تريد لبلدنا السوءquot;.