عنصر من الجيش السوري الحرّ في الزبداني

تعتبر منطقة الزبداني السورية منطقة laquo;محررةraquo; بفضل وجود الجيش السوري الحر داخلها، غير أن هذه الحرية تبقى نسبية تحت حصار مستمر من قوات الأمن. وينظم أهالي الزبداني تظاهراتهم الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد تحت أعين الجيش السوري الحر.


على الرغم من أن الجيش السوري الحر يتمركز في الزبداني بعد أن أعلن quot;تحريرquot; البلدة، إلا أن هذه الحرية تبقى نسبية وتحت حصار مستمر من قوات الأمن السورية.

في ساحة البلدة التي تبعد 20 ميلاً عن العاصمة دمشق، تقف شجرة بلاستيكية طويلة تنيرها أضواء زرقاء، وبدلاً من الزينة الملونة، تحمل الشجرة صوراً وقطعاً من الورق المقوى تحمل أسماء قتلى الانتفاضة السورية. ويطلق سكان الزبداني على الشجرة quot;شجرة الحريةquot;.

وإضافة إلى أنها تحمل ذكرى قتلى الثورة السورية التي اندلعت منذ شهر آذار/مارس، تعتبر quot;شجرة الحريةquot; نقطة انطلاق للمئات من سكان البلدة الذين يجتمعون بعد الصلاة للانطلاق في مسيرة عبر المدينة، ملوحين بلافتات ومرددين هتافات ضد الرئيس السوري بشار الاسد.

وعلى الرغم من أن هذه التحركات تشكل خطورة كبيرة على حياة المتظاهرين الذين يتعرضون لأعمال القمع العنيفة من قبل النظام، إلا أن أهل الزبداني ينظمون مسيراتهم تحت أعين الجيش السوري الحر، وهو المدافع الوحيد عن متظاهري الزبداني ضد حكومة تقاتل من أجل بقائها.

quot;لا نريد بشار ولا ماهر ولا عصابتهماquot;، صرخ أهالي الزبداني بصوت واحد في ليلة باردة الاسبوع الماضي، وهم يرفعون أيديهم ويصفقون في الهواء هاتفين quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot;. تجمع الآباء والأمهات والأطفال امام الكاميرات التي يعتبرونها بمثابة شريان حياة للعالم الخارجي. وقفت النساء في مكان بعيد في البداية لكن سرعان ما انضممن إلى المسيرة.

ورفع صبي صغير أثناء مشاركته في التظاهرة لافتة تقول: quot;الجيش السوري الحر حمايتنا من عصابات الأسدquot;، فيما قال أمجد الخوصي، طالب يشارك في المسيرة إن quot;يوتيوب هو أهم سلاح لثورتنا، فالناس يعتقدون ان الصور والمقاطع المصورة تحميهمquot;.

وتبعد الزبداني 20 ميلاً عن دمشق، لكنها تبدو وكأنها على كوكب آخر. فمنذ شهر تقريباً، تعتبر هذه البلدة التي تقطنها اغلبية سنية من 40000 سوري، منطقة محررة على الرغم من أنها تحت الحصار. فالزبداني حرة من الداخل بفضل وجود الجيش السوري الحر، لكنها محاصرة بشكل مستمر من قبل القوات الحكومية التي شنت يوم الجمعة الماضي هجوماً واسع النطاق مدعوما بالمدفعية ونحو 50 دبابة.

ومن غير المحتمل أن يكون هذا الهجوم هو الأخير، فأفادت التقارير بأن بلدة الزبداني تعرضت للقصف مرة أخرى يوم الثلاثاء، كما أن الأحياء بالقرب من بلدة مضايا تعرضت للهجوم حيث ظهرت ظلال كثيفة من الدخان فوق المنطقة وقطعت المياه والكهرباء بعد أن فر العديد من السكان.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;غارديانquot; عن علي عبد الرحمن، أستاذ مدرسي، يشارك في مراسم الحداد لتشييع رجل قتل برصاص الامن السوري، قوله: quot;الزبداني بلدة محررة بنسبة 90 ٪ لكن نسبة الـ 10% المتبقية لا تزال تحت امرة أقوى جيش في الشرق الأوسطquot;.

وأشار عبد الرحمن إلى أن 14 شخصاً قُتلوا في البلدة منذ بدء الانتفاضة، مضيفاً ان quot;كلما ارتفع عدد الشهداء سنصبح أقوى وأكبر، وسيزداد عدد المتطوعين للدفاع عن البلدةquot;.

وقتل علي مصطفى برقان على يد قناص اثناء عودته الى منزله من التسوق مع زوجته في 8 كانون الثاني. لا تزال بقع الدم ظاهرة في المكان الذي نزف واحتضر فيه على جانب الطريق الذي يؤدي إلى خارج المدينة. ويجلس محمد، نجل علي برقان، بصمت وقد احمرت عيناه من البكاء. يحاول رجل مسن يشارك في التشييع مواساة الشاب ويقول: quot;في بعض الاحيان، يتلقى الجيش أوامر باطلاق النار على أي شيء يتحركquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن المدافعين عن بلدة الزبداني يتحلون بالانتظام، على الرغم من أنهم عمال بسطاء. أبو نضال، عضو رئيس في لجنة التنسيق المحلية في بلدة الزبداني، وهو رجل في منتصف العمر يعمل في مجال البناء، وهو من نظّم وقاد أول تظاهرة ضد الرئيس الأسد في مارس/آذار الماضي. أما أعضاء اللجنة الآخرون فهم من المزارعين والعمال المطلوبين من قبل المخابرات السرية، لكنهم يفتخرون بذلك.

ويتحلق النشطاء حول موقد لشرب القهوة بعد المسيرة، فيبدأ الحديث عن مراقبي الجامعة العربية الذين زاروا البلدة منذ وقت قصير. ويتحدث أحدهم عن رئيس بعثة المراقبين فيقول إن quot;محمد الدابي، هو نفسه مجرم حربquot;.

وعلى الرغم من أن نظام الأسد يتهم الجيش السوري الحر بأنه quot;عصابة ارهابية مسلحةquot;، لكن من الواضح ان هؤلاء المقاتلين هم الذين حموا الزبداني وحوّلوها إلى بلدة آمنة نسبياً بعد أن كانت مرتعاً للشبيحة والدبابات وناقلات الجند المدرعة.

ونقلت quot;الغارديانquot; عن أحمد، طالب هندسة تحول إلى صناعة الأفلام ويوثق أحداث الثورة، قوله: quot;إنه أمر لا يصدق كيف يعاملوننا. حتى الإسرائيليين يستخدمون الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع ضد الفلسطينيين، لكن نحن نتلقى الرصاص في صدورناquot;.

وفي الأوقات العادية، كان سامي يمضي وقته في أعمال البناء بين الحجار والاسمنت، أما اليوم، فيرتدي الجينز وقبعة بيسبول، حاملاً بندقية آلية روسية. يقول: quot;حصلت عليها بسعر 4000$ عن طريق بيع قطعة أرضquot;.

ومن جهته، يقول محمود، ناشط من بلدة الزبداني تعرض منزله للقصف، إن quot;الجيش السوري الحر في الزبداني ليس منظمة ارهابية. انه مجموعة من الناس المسالمين الذين يحاولون حماية اولادنا وعائلاتنا. انه رد فعل على العمل الوحشي الذي يمارسه نظام الأسدquot;.