يختتم مؤتمر الأحزاب والقوى الكردية السورية أعماله في أربيل عاصمة كردستان العراق اليوم الأحد باتخاذ قرارات بدعم الثورة السورية والانضمام إلى أي من فصائلها وتأييد حق تقرير المصير الذي يطالبون به، في تحول خطر في مسار الاحتجاجات، التي تشهدها البلاد منذ عشرة أشهر، حيث وجّهوا خطاباً إلى المعارضة العربية في سوريا، يقول إن quot;شكل العلاقة معكم يقرره مدى استجابتكم لحقوقنا القومية المشروعة في مستقبل سورياquot;.


ينتهي مؤتمر الأحزاب والقوى الكردية السورية، الذي بدأ أعماله في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أمس بمشاركة 11 حزباً سياسياً كردياً وحوالى 190 شخصية كردية، تمثل التنسيقيات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين والوجهاء، ينتهي اليوم من مناقشة خمس قضايا مهمة، تتعلق بتقرير المصير للأكراد في سوريا، وبناء سوريا على أساس ديمقراطي، والتعايش القومي في سوريا، ووضع دستور جديد للبلاد، ودعم المؤتمر للثورة السورية.

يناقش المؤتمر 15 بحثًا تتعلق بأوضاع الأكراد في سوريا، والمعارضة السورية والثورة في سوريا، ومستقبل هذا البلد والأكراد، وملامح السلطة المقبلة، وكيفية تثبيت حقوق الأكراد، ودور المرأة في الثورة السورية.

ويوجد في سوريا 12 حزبًا كرديًا محظورًا، كلها علمانية، وأكثرها تاثيرًا حزب يكيتي والحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (بارتي) وحزب يزيدي الكردي والاتحاد الديمقراطي (القريب من حزب العمال الكردي).

وحاولت السلطات السورية استمالة الأكراد في بداية موجة الاحتجاجات في آذار (مارس) الماضي، حيث تم إصدار مرسوم في نيسان (إبريل) ينص على منح الجنسية السورية للسكان الأكراد، الذين حرموا منها عقب إحصاء تم في عام 1962.

خلال افتتاح المؤتمر، أعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني دعم الإقليم للأكراد في سوريا، شريطة توحيد صفوفهم، مؤكدًا على أهمية منحهم حق تقرير المصير.

وقال بارزاني مخاطبًا منظمي المؤتمر إن quot;الملف السوري مهم لدينا، أولاً بحكم الجيرة، وثانيًا بسبب وجود مليوني كردي هناك، كانوا مجردين من حقوقهم على مر التاريخ، والآن يجبأن يحصلواعلىهذه الحقوق ضمن التغييرات الجارية وبطريقة ديمقراطية بعيدة عن العنفquot;.

وأضاف quot;يهمنا كثيرًا أن نعرف إلى أي منحى تتجه التغييرات، ونريد أن تقرروا أنتم كرد سوريا بحرية، وأن تضعوا العنف جانبًا، وسنقوم بدورنا بدعمكم، شريطة توحيد صفوفكمquot;.

وشدد بارزاني على المؤتمرين قائلاً quot;نحن بدون توحدكم، لا يمكننا التعاون معكم، ويتوجب عليكم وضع المشاكل الداخلية جانبًا، ليكون مستقبلكم واضحًا، وأعتقد أن مستقبلاً جيدًا ينتظركمquot;. وأضاف quot;الآن زمن فتح صفحة جديدة في قاموس الشعوب، ونريد أن نقول للترك والعرب والفرس إن نضالنا سيستمر بشكل سلمي، ونريد الحصول على حقوقناquot;.

وقال quot;يتوجب على الشعب الكردي في سوريا التهيؤ للتغيير، الذي سيشهده بلدهم لا محالةquot;. وأضاف أن quot;أي تغيير يطرأ على سوريا يتوجب مراعاة مصلحة وحقوق الشعب الكردي فيه، لكون ذلك الشعب عانى الحرمان منكل حقوقه الطبيعية والأساسيةquot;. وأشار إلى أن quot;الأحداث التي تشهدها سوريا ليست من تدبير أطراف أو جهات خارجية، وإنما هي من صنيعة الشعب السوري نفسهquot;.

وأشارت اللجنة التحضيرية في كلمة لها إلى أن quot;الهدف من عقد المؤتمر هو توحيد صفوف الكرد في سوريا، وإيصال الرسالة الكردية إلى العالمكله، ودعم حركة التحرر الكردية في سوريا ومجلسهم الوطني، وبناء بلد ديمقراطي تعددي فيدرالي علماني، يتم صياغة دستور جديد لهquot;.

من جانبه أشار المجلس الوطني الكردي في سوريا في كلمة ألقاها عضو المجلس إبراهيم برو إلى أن quot;جميع أطراف المعارضة السورية في الخارج لم تعترف بعد بحقوق الشعب الكردي في ذلك البلد، ولم تبادر نحو الكرد بالشكل المطلوبquot;، داعياً quot;قوى المعارضة السورية إلى التعامل مع الكرد بما يتلاءم وثقلهمquot;.

وقد رد عبد الحكيم بشار سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا، الذي شارك في المؤتمر، على دعوة بارزاني للأكراد إلى التوحد، قائلاً إن quot;وحدة الصف الكردي هدف استراتيجيquot;.

وأضاف إنه quot;يمكننا القول إن حقوق الشعب الكردي بدأت تتحقق، لأن سوريا في لحظة مفصلية، وهناك تغيير عميق سيحدث فيهاquot;. وأشار إلى أنّ quot;هذا التغيير بالنسبة إلينا ظرف تاريخي، يجب استثماره بأفضل صيغة ممكنة عبر تحقيق وحدة الصف الكردي في الداخل والخارجquot;.

في ما يتعلق بطبيعة علاقة أكراد سوريا بالمعارضة، قال بشار إن quot;شكل العلاقة يقرره مدى استجابة المعارضة السورية لحقوقنا المشروعة في مستقبل سوريا عمومًا أو بخصوص حقوقنا القومية المشروعةquot;. وخاطب المعارضة السورية قائلاً quot;من يريد تغيير هذا النظام في أقصر مدة ممكنة، ويجنب السوريين المزيد من القتلى والدمار الاقتصادي، يجب أن ينطلق من الشراكة في الوطن، ونحن شركاء في الوطنquot;.

بدوره قال شلال كدو، أحد ممثلي الأكراد السوريين في المؤتمر، إن quot;مؤتمرنا سيشدد على أهمية وحدة الصف الكردي وعلى أهمية الكتلة الكردية في إطار المعارضة السوريةquot;. وأكد أن المؤتمر على درجة عالية من الأهميةبالنسبة إلىالقضية الكردية في سوريا، لكونه أول تظاهرة سياسية وإعلامية لأكراد سوريا.

ويأمل الأكراد السوريون، الذين تعرّضوا لقمع شديد على يد القوات الحكومية في عام 2004، إثر انتفاضة شعبية في مناطقهم في شمال وشمال شرق سوريا بتأسيس نظام قائم على اللامركزية الإدارية في البلاد، يتمكنون من خلاله إدارة شؤونهم في نظام يعتمد الحكم الذاتي.

ويبلغ تعداد المواطنين الأكراد في سوريا حوالى مليوني نسمة، يشكلون القومية الثانية في البلاد، حيث يتطلعون إلى إزالة السياسيات العنصرية المطبقة بحقهم خلال العقود الماضية. ويعتبر الأكراد من أشد المناوئين لنظام الحكم في سوريا، ويتهمون حزب البعث، الذي يحكم البلاد منذ نصف قرن، بممارسة سياسيات عنصرية ضدهم في مناطق تواجدهم.

وكانت الأحزاب الكردية المنضوية في المجلس الوطني الكردي، وعددها 11، قد علقت عضويتها في أطراف المعارضة السورية الأخرى، ولاسيما المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية، للتخلص من ازدواجية العضوية، وتوحيد صفوف القوى الكردية، ثم الانضمام إلى أي فصيل معارض يدعم مطالبهم بتحقيق المصير.

وكان وفد برئاسة رئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون أجرى في أربيل في منتصف الشهر الحالي محادثات مع بارزاني ومع معارضين أكراد سوريين، تركزت حول دمج مختلف القوى الكردية المعارضة في المجلس الوطني للمعارضة.

وعقد المجلس الوطني الكردي في سوريا أولى مؤتمراته في مدينة القامشلي السورية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بمشاركة 254 عضواً يمثلون عشرة أحزاب رئيسة، وعدداً من التنسيقيات الشبابية والشخصيات الوطنية الثقافية والاجتماعية والنسائية، وانبثقت منه هيئة تنفيذية مكونة من 45 عضواً، معظمهم من المستقلين.

واتخذ المؤتمر جملة من القرارات، أبرزها ضرورة التواصل مع أطراف المعارضة السورية، والاتفاق معها على برنامج عمل مشترك للمرحلة المقبلة، والعمل معاً على تغيير النظام الدكتاتوري في سوريا، وتفكيك مؤسساته السياسية والأمنية والفكرية، وبناء نظام ديمقراطي تعددي، لا مركزي، يضمن دستوريًا الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا، ويفسح المجال أمامه ليقرر مصيره بنفسه ضمن إطار وحدة البلاد.