كانت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تجربة عملية يمكن من خلالها محاكاة أي صراع محتمل قد ينشب مستقبلا مع إيران، وفق رؤية مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.
بدا من الواضح أن المعارك التي انتهت بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل هي الحلقة الأحدث في سياق مواجهة تتسم بطابعها الدوري. لكن بدأت تتكشف الآن أجندة استراتيجية ثانية، وفقاً لرؤية مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، وهي المتعلقة بأن المبادلة هي شيء متعلق بالممارسة العملية لأي مواجهة مسلحة مستقبلية مع إيران، تنطوي على صواريخ متطورة يمكنها الوصول إلى القدس وكذلك نظم جديدة مضادة للصواريخ يمكنها التصدي لتلك الصواريخ.
وإيران بالطبع هي التي تؤرق فكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، اللذين ورغم اختلافهما بشأن التكتيكات، فإنهما متفقان على أن الوقت محدود، وربما يقاس بالأشهر، لتسوية الأزمة بشأن برنامج إيران النووي.
صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أوضحت من جانبها أن من بين أبرز الأمور على صعيد لعبة الحرب القائمة هو السعي لتقليص قدرة إيران على توصيل الجيل القادم من الصواريخ إلى قطاع غزة أو لبنان، حيث يمكن أن تستعين بها حركة حماس أو حزب الله أو منظمة الجهاد الإسلامي، خلال أي أزمة نتيجة للعقوبات أو قيام إسرائيل بشن عملية هجومية تستهدف المنشآت التي تخدم مساعي إيران النووية.
وشبّه مايكل أورين، السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة والمؤرخ العسكري، عملية إدخال الصواريخ الإيرانية إلى قطاع غزة بأزمة الصواريخ الكوبية. وقال بهذا الخصوص :quot; في أزمة الصواريخ الكوبية، لم تكن تواجه الولايات المتحدة كوبا، بل كانت تواجه الاتحاد السوفيتي. وفي عملية quot;عمود السحاب quot;، التي شنتها إسرائيل مؤخراً ضد حماس في غزة، لم تكن تواجه إسرائيل غزة، بل كانت تواجه إيرانquot;.
لكن الصحيفة رأت أن هذا التشبيه غير دقيق، لأن ما أدخله الاتحاد السوفيتي لكوبا قبل 50 عاماً كان عبارة عن ترسانة نووية. أما الصواريخ وباقي القطع التي قَدِمَت إلى غزة من إيران فهي ذات طابع تقليدي وما زالت تحظى بمشكلات كبيرة على صعيد الدقة.
لكن هناك وجهة نظر تقول إن إسرائيل تستخدم معركة غزة حالياً للوقوف على حقيقة القدرات والإمكانات التي تحظى بها حركة حماس ومنظمة الجهاد الإسلامي ndash; التي ترتبط بعلاقات وطيدة بإيران ndash; وكذلك للسعي نحو تعطيل تلك الروابط والعلاقات.
ونوهت الصحيفة في هذا الإطار بالهجوم الذي استهدفت من خلاله إسرائيل مصنعاً لتطوير الأسلحة في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الـ 22 من الشهر الماضي، أي قبل حوالى شهر من بدء الصراع الذي استمر طوال 8 أيام بين إسرائيل وحركة حماس.
ومضت الصحيفة تؤكد أن الصراع، في حالة نشوبه مع إيران حال انهيار جهود إعادة بدء المفاوضات، سوف يبدو مختلفاً عما حدث للتو في قطاع غزة. وتابعت بلفتها إلى أن إسرائيل ستواجه ثلاثة أطر من التهديدات إذا دخلت في مواجهة مع إيران : الصواريخ قصيرة المدى في تلك الحملة، الصواريخ متوسطة المدى التي يطلقها حزب الله في لبنان والصواريخ طويلة المدى من إيران، وأخيراً صواريخ شهاب -3 التي تعتقد الولايات المتحدة وإسرائيل أنها قد تزود يوماً ما بسلاح نووي.
وقال ضابط دفاع جوي في الجيش الأميركي إن الجيشين الأميركي والإسرائيلي تعلما الكثير بالتأكيد من تلك الحملة التي قد تساهم في تكامل أكثر فعالية لكل تلك النظم ذات المستويات وتحويلها إلى نهج مكون من طبقات. وذكرت الصحيفة أن الهدف والتحدي في الوقت نفسه هو ربط أجهزة الاعتراض وأنظمة رادار الدفاع الخاصة بالصواريخ قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى بالتهديدات المختلفة التي قد تظهر في الصراع المقبل.
وبينما شدد خبراء على ضرورة التمييز بين الصواريخ التي تستهدف مناطق مأهولة بالسكان والأخرى التي تصل مناطق خالية من السكان، أشار خبراء آخرون إلى أن إيران تدرس أيضاً القصور الواضح للصواريخ التي تزود بها حماس لضرب أهداف في إسرائيل، ويتوقع أن تعيد فحص تصميم ذلك السلاح من أجل إدخال تحسينات عليه.
التعليقات