استمرت شحنات السلاح والتكنولوجيا الصاروخية في الخروج من كوريا الشمالية إلى سوريا وميانمار، مبددة الآمال التي عقدها الغرب على انتهاج الزعيم الجديد في بيونغيانغ سياسة تحد من أنشطة كوريا الشمالية في انتشار الأسلحة.



لندن: قال مسؤولون أميركيون وآسيويون وعرب إن سفنًا أو طائرات كانت متوجهة إلى ميانمار أو سوريا محملة بمعدّات عسكرية من كوريا الشمالية أُجبرت على تغيير وجهتها أو مُنعت من الوصول اليها خلال الأشهر الماضية. وكانت الأمم المتحدة فرضت حظرًا على تجارة بيونغيانغ بالسلاح.
ويأتي الكشف عن ايقاف هذه الشحنات وسط مخاوف جديدة من تحضّر كوريا الشمالية للقيام بثاني تجربة تختبر فيها صاروخًا بعيد المدى منذ تولي كيم القيادة أواخر العام الماضي. وسجلت صور التقطتها اقمار تجسسية هذا الاسبوع نشاطًا متزايدًا في قاعدة اطلاق الأقمار الاصطناعية على الساحل الغربي لكوريا الشمالية.

أول الدكتاتوريين الشباب

كانت إدارة أوباما وحكومات الدول الحليفة تتطلع إلى فرصة لجس نبض الزعيم الجديد كيم جون أون بشأن التواصل مع واشنطن، وربما تحقيق قدر من الانفتاح لتخفيف العزلة التي تعيشها كوريا الشمالية. ويلاحظ مسؤولون اميركيون أن كيم الشاب أول زعيم كوري شمالي لم يعاصر الحرب الكورية بين 1950 و1953.
وبادر الدكتاتور الشاب، الذي درس في سويسرا ويُعتقد انه من مواليد 1983 أو 1984، إلى اجراء بعض الاصلاحات الاقتصادية وإعادة تنظيم المؤسسة العسكرية منذ أن ورث الزعامة من والده الراحل كيم جونغ ايل. لكن استمرار كوريا الشمالية في تصدير السلاح وإجراء تجارب صاروخية يشيران إلى أن ليس لكيم الصغير الرغبة أو القدرة لتغيير سياسة بيونغيانغ ومعها وضع كوريا الشمالية بوصفها دولة مارقة.
وقال مسؤولون اميركيون وآسيويون إن كوريا الشمالية تفتقر إلى الموارد المالية، وهي بأمس الحاجة إلى العملات الصعبة التي تحصل اليها من صادرات السلاح.

شريك سوريا

يقول المسؤولون الاميركيون إن كوريا الشمالية ظلت من أقرب شركاء الرئيس السوري بشار الأسد، وساعدت نظامه في تطوير الصواريخ وانتاج الأسلحة الكيميائية، حتى بعد اندلاع الانتفاضة وتطورها إلى حرب أهلية لم توفر منطقة من سوريا. ويعتقد مفتشو الأمم المتحدة أن بيونغيانغ تعاونت مع دمشق على بناء مفاعل سري في شرق سوريا، قبل أن تدمره الطائرات الاسرائيلية في العام 2007.
وقال مسؤولون عرب إن كوريا الشمالية استمرت في محاولاتها نقل قطع غيار ومعدات عسكرية إلى سوريا. واعلنت الحكومة العراقية انها منعت طائرة كورية شمالية من استخدام المجال الجوي العراقي في ايلول (سبتمبر) الماضي لنقل شحنة من الأسلحة إلى سوريا.
ونالت علاقات كوريا الشمالية بالنظام السوري اهتمامًا خاصًا من جانب مجلس الأمن الدولي، الذي يعكف على اعداد تقريره السنوي عن حظر السلاح الدولي المفروض على بيونغيانغ. ويتضمن التقرير تفاصيل عن قيام كوريا الجنوبية في ايار (مايو) الماضي بمصادرة شحنة كورية شمالية من اسطوانات الغرافيت كانت متوجهة إلى سوريا، بحسب مسؤولين غربيين اطلعوا على التقرير. ويُعتقد أن هذه الاسطوانات تُستخدم في البرامج الصاروخية التي ينفذها النظام السوري.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول في البنتاغون quot;لا يبدو أن كوريا الشمالية خفضت مستوى تعاونها مع سوريا على الاطلاقquot;.

شحنة إلى ميانمار

يحقق المسؤولون اليابانيون في شحنة ضبطتها على متن سفينة تايوانية كانت متوجهة إلى ميانمار، يُشتبه بأنها تحوي معدات يشكل نقلها انتهاكًا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على تجارة السلاح الكورية الشمالية.
وتدخلت أكثر من دولة لإقناع شركة النقل البحري التي تملك السفينة بتغيير وجهتها إلى اليابان، حيث صودرت الشحنة. ويشتبه المسؤولون اليابانيون بأن الشحنة تتضمن مواد ترتبط ببرنامج كوريا الشمالية لانتاج اسلحة نووية، فيما يقول المسؤولون الغربيون إن ميانمار يمكن أن تستخدمها للصواريخ.
وكانت الشحنة حُمّلت في الصين لحساب شركة بناء في ميانمار، على الرغم من تأكيد المسؤولين الصينيين التزام بكين بمعاهدات حظر الانتشار.
صودرت الشحنة قبل زيارة اوباما التاريخية إلى ميانمار، إذ قال مسؤولون اميركيون أن تقدمًا كبيرًا تحقق في الجهود الرامية إلى قطع علاقات ميانمار العسكرية مع بيونغيانغ، في ضوء المخاوف من تبادل التكنولوجيا النووية بين البلدين.
وتشجعت الولايات المتحدة بإعلان رئيس ميانمار ثين سين أن بلاده ستوقع اتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجيز تفتيش منشآتها.

معركة مستمرة

ما زال البنتاغون ووزارة الخارجية الاميركية متخوفين من محاولات كوريا الشمالية الحفاظ على تجارة السلاح مع جيش ميانمار على الرغم من تزايد دور المدنيين في إدارة البلاد.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول اميركي قوله: quot;محاولة ايقاف صادرات كوريا الشمالية من السلاح معركة مستمرةquot;.
واعترف مكتب الرئيس ثين سين بأن ميانمار استوردت اسلحة تقليدية من كوريا الشمالية، لكنها توقفت بعد الانتقال إلى حكم شبه مدني خلال العامين الماضيين. ونفى المكتب وجود أي تعاون نووي ثنائي بين ميانمار وكوريا الشمالية.
واعلنت بيونغيانغ في السابق أن العقوبات الدولية غير قانونية وان لكوريا الشمالية الحق في بيع السلاح اسوة بالولايات المتحدة مثلا. وامتنعت وزارة الخارجية الاميركية عن التعليق على الشحنة التي صادرتها اليابان.