بعد تبادل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس مؤسسة المدى للصحافة فخري كريم الاتهامات بالكذب، لجأ المالكي إلى القوة العسكرية، إذ يتهمه كريم بحصار منزله، ليكف عن الوقوف بوجه اغتصابه مرافق الدولة.
تصاعد الخلاف بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس مؤسسة المدى للصحافة فخري كريم من تبادل اتهامات إلى استخدام للقوة العسكرية، حيث اتهم الاخير المالكي بحصار منزله لدفعه إلى الكف عن الوقوف ضد ما يفعله quot;من اغتصاب لمرافق الدولة.. وصولاً إلى متاهات الدكتاتورية والاستبدادquot;، على حد قوله.. فيما عبر مرصد الحريات الصحافية عن بالغ قلقه على مستقبل حرية الصحافة في العراق وطالب بفتح تحقيق عاجل في الخروقات التي ترتكبها القوات الأمنية وهيئة الإتصالات والإعلام ضد وسائل الإعلام.
وأكد كريم أن رتلاً عسكرًيا تابعًا لمكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي نوري المالكي توجه إلى منزله في بغداد بهدف إخلائه فورًا quot;بحجة أنه من أملاك الدولة ويقع في المجمع الرئاسي بالقادسيةquot; وسط بغداد، معتبرًا ذلك جزءًا من ضغوط يمارسها زعيم ائتلاف دولة القانون (المالكي) لدفع مؤسسة المدى إلى الكف عن الوقوف ضد ما يفعله quot;من اغتصاب لمرافق الدولة.. وصولاً إلى متاهات الدكتاتورية والاستبدادquot;.
وقال كريم: quot;ضمن مسلسل المالكي لتكميم الأفواه يرسل مكتبه رتلاً عسكرياً بقيادة ضابط برتبة عقيد في عمليات إلى مجمع القادسية لإخلاء منزلي فوراً.. وفي تقدير المالكي أن مثل هذا الإجراء، أو كل اغراءات دولته التي جعلها بامتياز (لا دولة)، يمكن أن تحد من عزيمتي للوقوف ضد ما يفعله من اغتصابٍ لمرافق الدولة ومؤسساتها، وتسلط على السلطة السياسية وتفرد في ادارتها وتواطؤ مكشوف في نهب المال العام وحماية الفساد والمفسدين، وصولاً إلى ما يريده واهماً من دفع البلاد إلى متاهات الدكتاتورية والاستبدادquot;.
وأضاف كريم المستشار السابق للرئيس العراقي جلال طالباني في بيان الليلة الماضية وزعته وكالة quot;المدى برسquot; التي يملكها quot;أود أن أبين لأبناء شعبنا المغلوب على أمره، أنني لم اتجاوز على أي ملكية للدولة ولم أتلوّث بمفاسدها، سواء تعلقت بالمقاولات أو غيرها، كما أنني تطوعت بدافع الخدمة الوطنية المنزهة عن الغرض في الموقع الذي أرادني فيه الصديق الرئيس كممثل شخصي وكبير مستشاري سيادته، وقد قمت بما أراد، من دون أن أقبل المهمة كوظيفةquot;، لافتًا بالقول quot;كما أنني لم أتلقَ راتبًا عن ذلك المنصب أو أي امتياز من الامتيازات الرسميةquot;.
وقال كريم quot;لقد استعفيت عن المهمة بإرادتي الشخصية، لكي أرفع عن السيد الرئيس الحرج ومسؤولية مواقفي ضد تغوّل المالكي واستشراء مظاهر الفساد وخرق الدستور، والمحاربة المكشوفة للحريات والتعدي على المنتديات وممتلكات ومصالح الناسquot;.
واعتبر أن quot;المالكي بخطوته هذه قد تصرف ليعبر عن نفسه وقامته، كما هي في حقيقتها، مجرد مشروع حاكمٍ يعيد انتاج من وجدوا أنفسهم في لحظة غياب وعي في كرسي أكبر من حظهم في الحياة، ناسياً أن هذا الكرسي عبر التاريخ كان هزازاً ولم يستطع حماية أعتى الطغاة، فكيف مع أشباه مستبدين ومجرد هواة، سرعان ما سيكشفون المستور عن نواياهم او يفضحهم الشعب ويضعهم في المكان المناسب الذي يليق بهمquot;.
وأشار كريم إلى أنّه quot;يبدو أن المالكي لا يستذكر، أن حياتي كانت كلها مواجهة مع الاستبداد، وقد مارس صدام حسين كل وسائل البطش والاغتيال ومصادرة الاملاك ضدي من دون أن يثنيني ذلك عن مواصلة النضال ضد طغيانه والعمل على إسقاطه. وان مثل هذا الإجراء لا حظ له في تكميم أفواه المخلصين من ساسة البلد وإعلامييه، والنشطاء في الشأن العامquot;.
وأوضح قائلاً quot;لقد شغلت البيت العائد لرئاسة الجمهورية، وبأمرٍ من الرئيس، وعلى الرغم من تدخل الرئيس هذه المرة لإيقاف أمر الاخلاء، الا انني رأيت أن أخليه وأضعه تحت تصرف الرئاسة، إبراءً لذمتي، وتحللاً من مسؤولية استغلال اي عقار للدولة، مهما كانت مشروعية ذلك. وإذ افعل هذا، لابد أن يعرف الرأي العام أن املاك الدولة أصبحت مستباحة للمالكي واتباعه وحاشيته من دون وجه حق، بل أنها تباع بسعر بخس لمن يشاءquot;.
وقال فخري كريم في الختام quot; أخيرًا.. أن ما أفعله، انما هو تعبير آخر عن طلب مغفرة لما اقدمت عليه (بنية مخلصةمبرأة عن أي غرضٍ شخصي) من جهد سياسي وشخصي كانت وراء العودة غير المحمودة للمالكي إلى ولاية ثانية، ستضع البلاد إذا ما استمر فيها على شفى هاوية لا قرار لهاquot;.
وكان المالكي وكريم تبادلا في الرابع عشر من الشهر الحالي اتهامات بالكذب. فبعد مقال افتتاحي لكريم في المدى الاربعاء الماضي اتهم فيه المالكي بالدكتاتورية والفساد ومواقف ضد سنة البلاد، فقد رد المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء قائلاً في بيان الجمعة quot;إن مقال المدى تضمن اقوالاً كاذبةquot;.
وأضاف quot;اننا في الوقت الذي نكذب فيه هذه التقولات نؤكد أن مثل هذه المحاولات البائسة لا يمكنها حجب الحقيقة والتشويش على مواقف دولة رئيس الوزراء الوطنية كما ندعو جميع الكتّاب ووسائل الاعلام إلى الترفع عن اسلوب الدعاية المبتذل والارتقاء إلى المستوى المهني المسؤولquot;. ونفى أن يكون المالكي قد وصف سكان الموصل بأنهم quot;سنة أعداءquot; أو أن يكون المالكي قد دعا طالباني إلى التحرك لضم محافظة نينوى لإقليم كردستان كما قال كريم.
وعلى الفور رد فخري كريم مؤكدًا أن ما جاء في مقاله وعرض فيه تسجيلات لاتفاقات سياسية وقعها المالكي quot;مثبت وموثقquot;، ولم تكشف فيه كل الحقائق، واتهم مكتب المالكي بتوريطه في تكذيب اتفاقات سياسية سجلت بحضور القادة السياسيين. وقال إن تكذيب المالكي كان متوقعًا quot;لأنه مستعد لكل شيءquot;.
وأضاف كريم quot;إن ما نشره مكتب المالكي هو الكذب بعينه وورطه في هذا التكذيب.. ويبدو أن المالكي تعود أن يلوح بملفات إدانة للجميع من دون إظهار ادعاءاتهquot;. وشدد بالقول إن quot;ما ورد في مقالي مثبت وموثق والمالكي يعلم بأن رئيس الجمهورية لن يدخل على خط هذا الجدل من موقع الحرص والمسؤولية الوطنيةquot;.. وشدد بالقول quot;لكنني قادر على تأكيد الإدعاء الكاذب للمالكي ومكتبهquot;.
وأشار إلى أن بيان مكتب المالكي quot;لم يكن غريبًاquot; وقال: quot;كنت اتوقع قبل نشر مقالي أن يدلي المالكي بهذا التكذيب فهو مستعد لكل شيء ما دام تنصل من التزاماته المكتوبة والموقعة مع شركائه في العملية السياسية التي جاءت به إلى ولايته الثانيةquot;. وشدد كريم بالقول إن quot;المالكي يعرف أن ما كتبته هو جزء من الحقيقة ولم أسلط الضوء على حقائق أخرىquot;. وكان كريم نشر افتتاحية في جريدة المدى الاربعاء الماضي تحت عنوان quot;من يردع المالكي ويكبح جماحه ويضبط إيقاعه المختل؟..الرئيس حامي الدستور.. فماذا ينتظر؟quot;.
مرصد حريات قلق على مستقبل حرية الصحافة في العراق
عبر مرصد الحريات الصحافية في العراق عن بالغ قلقه على مستقبل حرية الصحافة في العراق وطالبرئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بفتح تحقيق عاجل في الخروقات التي ترتكبها القوات الأمنية وهيئة الإتصالات والإعلام ضد وسائل الإعلام العراقية ومن بينها قناة البغدادية وإذاعة المحبة ومؤسسات إعلامية أخرى.
وحمّل المرصد في بيان صحافي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم البرلمان العراقي مسؤولية الحفاظ على مستقبل الديمقراطية في العراق وحرية التعبير والحد من التجاوزات اللاقانونية التي تتعرض لها المؤسسات الإعلامية والصحافيون العاملون فيها. وعد المرصد الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية بغلق قناة البغدادية بإنها رسالة إلى وسائل الإعلام الأخرى للحد من دورها وقدراتها وأسلوب عملها الفاعل في كشف قضايا فساد ومواجهتها وتمكين القضاء منها.
وكانت قوات أمنية كبيرة طوقت مبنى قناة البغدادية وسط بغداد ظهر الجمعة الماضية، وطلبت من العاملين فيها ترك المبنى دون أن تتجاوز على أي موظف، فيما قامت قوة عسكرية بإقتحام مبنى إذاعة المحبة في منطقة الوزيرية وقطعت البث وأخلت المبنى من العاملين فيه بحجة أن الإذاعة لم تدفع الرسوم المالية المترتبة عليها من قبل هيئة الإعلام والإتصالات.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية عن إغلاق مكاتب قناة quot;البغداديةquot; الفضائية الخاصة في العراق، بناءً على أوامر قضائية. وقالت الداخلية في بيان إنه quot;إستجابة لأوامر قضائية صادرة من هيئة الإعلام والإتصالات، وبإعتبار الوزارة هي الجهة التنفيذية الواجب عليها تنفيذ أوامر السلطات القضائية، فقد نفّذت الوزارة أمرًا بغلق مكاتب قناة البغداديةquot;.
ولفتت الوزارة إلى أن quot;هذا الإجراء يأتي على خلفية مخالفة قناة البغدادية الفضائية ضوابط البث والإرسال وعدم توقيعها لائحة السلوك الإعلامي وعدم دفعها تكاليف ورسوم البث الخارجي، ما دفع هيئة الإعلام والإتصالات إلى إصدار هذا الأمر القضائي ومخاطبة وزارة الداخلية لتنفيذهquot;. وتزعم هيئة الإعلام والإتصالات أن قناة البغدادية لم تسدد رسوم البث وإنها تخرق لائحة قواعد السلوك المهني، وتنفي البغدادية هذه الإتهامات.
وطالبت وزارة الداخلية القناة quot;بتسوية أمور عملها الفني والقانوني والمالي مع هيئة الاعلام والاتصالات التي هي الجهة المسؤولة الوحيدة في العراق عن عمل الفضائيات لمعاودة ممارسة نشاطها الاعلاميquot;.لكن quot;البغداديةquot; نفت في بيان هذه الادعاءات، وأوضحت أنها quot;من اوائل القنوات العراقية التي وقعت على ضوابط السلوك الاعلامي وليس في ذمتها أية مستحقات مالية لهيئة الاعلام والاتصالات التي نطالبها بابراز أي كتاب رسمي موجه من قبلها إلى البغدادية بخصوص المستحقات المتأخرةquot;.
وتعرضت قناة البغدادية لمضايقات عدة ومنها الإغلاق التي تعرضت له في 31/10/2010 حيث أعلنت هيئة الأعلام والإتصالات ، عن إغلاق مكاتب قناة البغدادية في أنحاء العراق، بناءً على قرار صدر عن الهيئة.
ونشطت الفضائية التي يملكها رجل اعمال عراقي مؤخرًا في بث برامج مثيرة يقدمها الاعلامي انور الحمداني تركز على فضح ملفات الفساد في الدولة بالوثائق. واتاح البرنامج لعدد كبير من السياسيين المتخاصمين اظهار وثائق سوء ادارة وملفات فساد، من ابرزها قضية البنك المركزي وصفقة السلاح الروسي اللتان اتهم بالتورط فيهما سياسيون وبرلمانيون.
... ووقف بث إذاعة محلية
ومن جهة أخرى، قال كمال جبار مدير إذاعة المحبة التي تبث من العاصمة العراقية، إن قوات عسكرية تابعة لعمليات بغداد دخلت محطته الإذاعية أمس وأوقفت بثها. وأضاف أن ضابطًا وعددًا من الجنود دخلوا لإذاعته وأوقفوا بثها دون أن يمتلكوا أي ورقة رسمية أو إذن قضائي بذلك، quot;لكن هيئة الإعلام والإتصالات تزعم أننا خالفنا شروط البثquot;.
واستغرب مدير راديو المحبة المتخصص بشؤون المرأة، تخوفه من هذه التوجهات لهيئة الاتصالات و الاعلام، واصفًا اياها quot;بدكتاتوريات جديدة تؤسس الآن في العراقquot;. مستغرباً من التعامل الذي تبديه السلطات العراقية مع المؤسسات الإعلامية والتي quot; تكلف الجيش العراقي بإغلاق المحطاتquot;.
يذكر أن هيئة الإعلام و الإتصالات قد ألزمت في أوقات سابقة، المؤسسات الإعلامية بالتوقيع على لوائح تضمنت ضوابط، وصفتها المنظمات الدولية في وقتها بالقيود المشددة، لأنها منحت الهيئة سلطات غير محدودة في وقف البث الإعلامي وإغلاق المؤسسات الإعلامية ومصادرة معداتها، فضلاً عن سحب تراخيص العمل وفرض الغرامات المالية على المؤسسات الإعلامية، وإحكام السيطرة على تحرك وسائل النقل الخارجي (SNG) وبالتعاون مع السلطات العسكرية في جميع محافظات العراق.
كما فرضت هيئة الإتصالات والإعلام المختصة بتنظيم البث وتراخيصه في العراق، مبالغ مالية كبيرة، كأجور لإستخدام الطيف الترددي، إستهدفت المؤسسات الإعلامية، المستخدمة لذلك الطيف، والمتمثلة بالإذاعات والتلفزيونات المحلية.
وتراوحت المبالغ المالية المفروضة في حدها الأعلى، ما بين مليار و 600 مليون دينارعراقي أي ما يعادل مليوناً ونصف المليون دولار أميركي، وفرضت على قناة الفرات الفضائية التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي، فيما كان المبلغ الأقل هو 180 ألف دولار أميركي، تم فرضه كأجور إستخدام للترددات على إذاعة ديموزي. وتفاوتت تلك الأجور من مؤسسة إلى أخرى و بأثر رجعي، لكنها شملت جميع وسائل البث بالعراق، خلافاً للدستور العراقي.
وكان مرصد الحريات الصحافية قد حصل على وثيقة رسمية في حزيران الماضي تفيد، بأن قوات الأمن في العراق تلقت أوامر من السلطات بوقف عمل 44 وسيلة إعلام بينها محطات تلفزة وإذاعات بارزة محلياً مثل قناتي البغدادية والشرقية، وأخرى معروفة على نطاق دولي مثل البي بي سي وراديو مونت كارلو وراديو سوا وإذاعة صوت أميركا.
والوثيقة صادرة عن هيئة الإتصالات والإعلام وموقعة من قبل مديرها بالوكالة صفاء الدين ربيع الذي قام بتوجيهها إلى وزارة الداخلية توصيها بمنع 44 مؤسسة إعلامية عراقية وأجنبية بارزة من العمل في مناطق متفرقة من البلاد بما فيها إقليم كردستان. كما تضمنت الوثيقة أوامر بمنع عمل مصوري ومراسلي فضائية الديار والبابلية وإذاعة نوا وإذاعة المربد ووسائل إعلام أخرى مختلفة.
وطالب مرصد الحريات الصحافية البرلمان العراقي بالعمل على إصلاح نظام هيئة الإتصالات والإعلام التي قال إنها قامت منذ تعيين أعضائها الجدد ومديرها التنفيذي من قبل السلطة التنفيذية بإرباك العمل الصحافي وعمل المؤسسات الإعلامية، وهذا بدوره أثر على استقلاليتها وجعلها تابعة للحكومة، وللهيئة صلاحيات واسعة تمكنها من إلغاء التراخيص حتى مع ارتكاب مخالفات محدودة لشروط الترخيص وكل هذا دون الرجوع الى السلطة القضائية، وإذا ما قيل بأن أعضاء لجنة الإستماع هم قضاة معينون من قبل السلطة القضائية فالرد هو أن تعيين قضاة في السلطة التنفيذية مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث.
التعليقات