في موازاة إعلان المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري قرارها بدء محاكمة المتهمين الأربعة من حزب الله غيابيًا، يعدّ الحزب لخوض معركة من أجل الحؤول دون تجديد البروتوكول بين لبنان والمحكمة الدولية في الشهر المقبل.
بيروت: في موازاة إعلان المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قرارها بدء محاكمة المتهمين الأربعة من quot;حزب اللهquot; في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري غيابياً خلال شهر، يؤكد سياسيون لبنانيون التقوا المدّعي العام في المحكمة، القاضي الكندي دانيال بلمار، أنه سيصدر قراراً إتهامياً جديداً أو أكثرفي جرائم اغتيال سياسية مرتبطة بقضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري خلال هذا الشهر أيضاً، قبل تركه منصبه، في حين يعدّ quot;حزب اللهquot; العدّة لخوض معركة شرسة من أجل الحؤول دون تجديد البروتوكول بين لبنان والمحكمة الدولية في الشهر المقبل.
ذكرت إحدى الشخصيات السياسية، التي اجتمعت مع بلمار لـquot;إيلافquot;، أن القاضي الكندي كما بدا لهواثق من متانة نتائج التحقيقات التي أجراها، والتي استند إليها في قراره الاتهامي الأول في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقد أكد للشخصية اللبنانية أنه سيصدر قرارًا اتهاميًا جديدًا قبل مغادرة منصبِه في نهاية شباط/ فبراير الجاري، وسيكون القرار الجديد بمثابة تدعيم للقرار الإتهامي السابق، الذي صدر في الصيف الماضي، وأشار إلى ضلوع المتهمين الأربعة من quot;حزب اللهquot; في تنفيذ الجريمة.
يربط القرار الجديد بين جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبين جرائم اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي ومحاولتي اغتيال كل من وزير الدفاع السابق إلياس المر ووزير الإتصالات السابق النائب مروان حمادة، على قاعدة أن الجهة المنفذة واحدة.
وسألت الشخصية اللبنانية بلمار عمّا إذا كان القرار الجديد سيتهم أشخاصاً غير لبنانيين، فكان الجواب أن لا أسماء لغير لبنانيين، ولكن التطورات في سوريا قد تسمح في المستقبل بكشف الكثير من الخيوط في جرائم الإغتيال التي شهدها لبنان.
وسيتوجب على بلمار أن يثبت في قراره الإتهامي الجديد ارتباط الجريمة أو الجرائم التي يتناولها بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ليتلاءم الإدعاء مع قرار مجلس الأمن المتعلق بإنشاء المحكمة، ما يعني أن المتهمين أو بعضهم سيكونون هم أنفسهم.
وترى جهات متابعة لهذه القضية أن مسألة التمديد للمحكمة ستصبح مجرد تفصيل بعد الضجّة، التي ستثور مجدداً في لبنان هذا الشهر، بفعل صدور القرار الإتهامي الجديد.
وتضيف أن بلمار تأكد على الأرجح أن من سيخلفه في منصبه سيكون من عداد فريقه الذي رافقه، سواء في لجنة التحقيق الدولية أو في مكتب الإدعاء العام، وذلك بالإستناد إلى معلومات موثوق بها، مفادها أن الرجل كان مصمماً على عدم إصدار قرار إتهامي ثان، إذا لم يكن خليفته من فريق الإدعاء العام، تفادياً لإحراج الخلف وتوريطه في قضية سيحتاج وقتًا طويلاً للإطلاع على ملفاتها وخفاياها الهائلة في تفاصيلها المتشعبة.
يسود الحكومة اللبنانية إنقسام حاد، ولكن غير معلن، حيال تمديد البروتوكول بين لبنان والمحكمة. فرئيس الحكومة نجيب ميقاتييرى أن تمديد البروتوكول مسألة تلقائية، لكن فريق 8 آذار/ مارس، الذي يقوده quot;حزب اللهquot;، يؤكد في مجالسه أن التمديد لن يمرّ بالبساطة التييتخيلها بعضهم، وأن تحرّك الحزب في اتجاه إسقاط المحكمة وصل إلى مرحلته الأخيرة، المتمثلة في عدم تمديد البروتوكول، على أن يكون الولوج إلى هذا الموضوع من باب طلب تعديل الاتفاق.
يشير رجال قانون يؤدّون دوراً إستشارياً لـquot;حزب اللهquot; في هذه القضية إلى ثمة ثغرة قانونية،يستطيع خصوم المحكمة النفاذ عبرها لتقوية أوراقهم وموقعهم، وهي مسألة التمديد للقضاة اللبنانيين الأربعة في المحكمة، إذ توشك ولايتهم على الانتهاء، وبالتالي يحتاجون قرارًا من مجلس الوزراء للتمديد لهم أو لتعيين سواهم. وإذا لم تقدم الحكومة على هذه الخطوة الإجبارية، والتي دونها حسابات وتعقيدات، فإن كل ما سيصدر من المحكمة لاحقاً سيكون قابلاً للطعن والإبطال.
في سياق آخر، يربط متابعون لمسار المحكمة بين ما تردد في الأيام الماضية في بيروت عن كشف محاولة لاغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن بسيارة مفخخة قرب منزله في الأشرفية، وبين الدور المهمّ والكبير الذي أدّاه فرع المعلومات في تزويده المحكمة بداتا الاتّصالات الهاتفية وتحليلها، والتي ساهمت في موازاة عناصر أخرى في إعادة تركيب عناصر جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومشهدها، ما أوصل إلى معلومات دقيقة ومتقدّمة، أفسحت في المجال أمام صدور القرار الاتّهامي، والاستعداد لبدء المحاكمات. علماً أن صانع ذلك الإنجاز الرائد المهندس في قوى الأمن وسام عيد اغتيل قبل أربع سنوات بسيارة مفخخة شديدة الإنفجار بسبب quot;إكتشافهquot;.
جديرة بالملاحظة هنا معلومات تكتسب صدقيتها من جدية أصحابها، وفحواها أن الإتفاق الذي سمّي quot;السين ndash; سينquot;، الذي حكم مرحلة حكومة الرئيس السابق سعد الحريري، كان قضى بأن توقف المملكة العربية السعودية تمويلها لقوى 14 آذار/ مارس، في مقابل أن يوقف النظام السوري أعمالالاغتيال في لبنان. في الإجمال، ورغم كل المتغيرات، لا يزال هذا الإتفاق محترماً.
المحاكمة الغيابية
أعلنت المحكمة الخاصة بلبنانفي بيان إعلامي أن غرفة الدرجة الأولى في المحكمة قررت محاكمة المتهمين الأربعة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وجاء في البيان quot;أن غرفة الدرجة الأولى نظرت في مستندات عديدة مقدّمة من المدعي العام لدى المحكمة والنائب العام لدى محكمة التمييز اللبنانية، تعرض بالتفصيل الخطوات التي اتخذتها السلطات اللبنانية لتوقيف المتهمين وإبلاغهم الإجراءات ذات الصلةquot;.
أضاف البيان: quot;شملت هذه الجهود محاولات عديدة قامت بها السلطات اللبنانية للعثور على المتهمين في آخر أماكن إقامتهم وعملهم المعروفة، وفي منازل عائلاتهم، وفي أماكن أخرى. وأخذت غرفة الدرجة الأولى أيضًا في الاعتبار أن قرار الاتهام وهوية المتهمين قد لقيا تغطية إعلامية واسعة في لبنانquot;.
واستنتجت غرفة الدرجة الأولى أنكل الخطوات المعقولة قد اتخذت لضمان ظهور المتهمين، وإبلاغهم التهم المُسندة إليهم. ومع أن المحكمة الخاصة بلبنان هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تستطيع محاكمة المتهمين غيابيًا، إلا أن المحاكمة الغيابية تُعدّ إجراءً أخيرًا لضمان ألا يعطَّل سَير العدالة من يختارون الفرار من وجههاquot;.
التعليقات