ماذا بعد الفيتو الروسي في مجلس الأمن، هل يتحرك حلف الناتو بمعزل عن قرار يصدر عن مجلس الامن؟ أم تتجه الأمور نحو تسليم غربي بوجود النظام السوري والانطلاق بمسار تسوية ؟ ما وضع لبنان اليوم مع اعتماده سياسة النأي بالنفس؟هل يبقى بعيدًا عن خضات سوريا؟.
بيروت: يرى الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لإيلاف أن الفيتو الروسي معطوفًا عليه الفيتو الصيني حمى النظام في سوريا من مفاجآت ملحة، وأعطى الحكم في سوريا نوعًا من فرصة إضافية للبحث عن حلول للوضع المأزوم هناك، ولكن كل الاحتمالات أدَّت الى استبعاد اي حل عسكري على طريقة حلف الناتو، الذي اعتمد في ليبيا، الأمر الذي يشير الى استبعاد اي حل عسكري في الوقت الحاضر، ولكن الامور معرَّضة للكثير من التغييرات، اليوم علينا ان ننتظر الساعات القليلة المقبلة، لمعرفة ما امكن التوصل اليه بين الرئيس السوري بشار الاسد، وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، الروس قدَّموا تغطية سياسية كبيرة للنظام في سوريا، ولكن السؤال الى اي مدى يمكن للفيتو الروسي ان يؤمِّن الضمانة السياسية للنظام في سوريا، ليس مضمونًا بشكل مطلق الغطاء الروسي، ولكن في الوقت الحاضر شكَّل كسبًا للquot;نظامquot; في سوريا، وقوف قوتين كبيرتين، كروسيا والصين.
ويضيف مالك:quot; الامور تتحرك بسرعة، والامور العسكرية توسَّعت اكثر فأكثر في الايام القليلة الماضية، وانما في غياب حلّ حاسم عسكري، يبقى الوضع السوري معرَّضًا لاكثر من مفاجأة، اما الامر المؤكد من خلال معرفتنا لخصوصية الوضع السوري، فلن يكون هناك اي حل بديل يأتي ببديل عن الرئيس بشار الاسد، اي تغيير في سوريا لن يقتصر على سوريا فقط، بل سيشمل دول الجوار المرتبطة بخصوصية الدور السوري، لذلك الكلام عن حلول سياسية او حوار يجري ما بين النظام والمعارضين، لعله الحلّ الافضل لكنه ليس الحل الممكن وسط وجود معارضات سورية وانشقاقات ما بين معارضة الداخل والخارج تعطي المزيد من الوقت للنظام كي يبحث عن تعزيز سلطته وسيطرته رغم الأثمان الباهظة والكبيرة التي زُهقت حتى الآن، عبر تصعيد القصف العسكري للعديد من المدن السورية.
هل يمكن القول اليوم إن الامور تتجه نحو تسليم غربي بوجود النظام السوري والانطلاق بمسار تسوية تحت هذا السقف؟ يتبنى مالك هذه النظرية، ويقول حتى الآن، وهو امر يمكن ان يحدث، باعتبار ان الحلول المتاحة ليست كثيرة في ارض الواقع، ولكن لافروف قدم للاسد بعد اجتماعه اليوم الحل التالي:quot; ان يكلف الرئيس الاسد الموفدين عنهم بارسال وفد الى موسكو مقابل اقتناع بعض الاطراف المعارضة ببناء عملية حوار سياسية مع النظام السوري ايضًا وهو الحل الوحيد المتاح، ولكن مما لا شك فيه ان الفيتو الصيني والروسي أربك الاميركيين، والآن لا تستطيع الولايات المتحدة الاميركية ان تتحرك في مجلس الامن نظرًا للفيتو الروسي، وفي نهاية الامر مع الدور المتنامي لروسيا لن يكون هناك حل للازمة في سوريا بمعزل عن مشاركة فاعلة للجانب الروسي.
في غضون ذلك هل يستمر الوضع على ما هو عليه على قاعدة المراوحة الميدانية في سوريا؟ يجيب مالك :quot; لن يطول الوضع كما هو عليه، نظرًا للتفعيل الكبير انما النظام الآن يجب ان نعلم انه يأخذ كل الخيارات للدفاع عن نفسه، ويخوض معركة تنازع في اقصى تجربة لمدى استمرارية النظام يواجهها منذ 40 سنة حتى الآن، وهذا اكثر وجه تحد يواجهه النظام في سوريا، وليست الحلول المتاحة كثيرة امامه، انما quot;الدفاع عن النفسquot; والغاية تبرر الوسيلة بالنسبة اليه وهذا العدد الكبير من الضحايا لا يمكن ان يستمر طويلاً.
فيتو..وحرب باردة تعود
ماذا عن عودة انقسام العالم الى معسكرين بعد الفيتو الروسي والحديث عن عودة الحرب الباردة، هل تحاول روسيا اليوم من خلال هذا الفيتو استعادة دورها السابق؟ يؤكد مالك هذه النظرية ويضيف :quot; نشهد اليوم عودة بشكل من الاشكال الى فصول الحرب الباردة التي كانت سائدة الى مرحلة ما قبل التسعينات، اي انهيار الاتحاد السوفياتي، اليوم مادييديف وبوتين في موسكو عشية اجراء انتخابات يحتاجان الى انتصار سياسي في الشرق الاوسط، وهو الآن يخوض هذه الورقة للقول ان النفوذ الروسي عاد الى ساحة الحرب الباردة مع الغرب من البوابة السورية.
محليًا كيف يتأثر لبنان مع استمرار الوضع على ما هو عليه في سوريا؟ يجيب مالك:quot; لبنان يعتمد في الوقت الحاضر كما نعلم سياسة النأي بالنفس، ولكن هذا لا يكفي باعتبار ان هناك اكثر من طرف لا يتبنون المدرسة عينها او النهج ذاته، اذ نشهد على الحدود اللبنانية السورية في شمال عكار بوادر ازمات ناشئة عن تدفق بعض اللاجئين السوريين هربًا من جحيم المعارك العسكرية، هذا امر ولَّد وسيولد الكثير من التفاعلات داخل الاطراف اللبنانية، ولا يجب الاستهانة به على الاطلاق والوضع الداخلي في لبنان هش الى ابعد الحدود.
التعليقات