فيما تستعد بعثة من الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي الدخول الى سوريا لتقييم الموقف في المناطق التي عانت من أعمال العنف،هز انفجاران العاصمة السورية وأسفرا عن مقتل 27 شخصًا. واتهمت المعارضة النظام بتدبير هذين التفجيرين بهدف خلق حالة من الفوضى قبيل وصول الفريق التابع لكوفي آنان إلى سوريا.
دمشق: في quot;سيناريوquot; مشابه للتفجيرات التي استهدفت العاصمة السورية قبل بدء مهمة المراقبين العرب، هز انفجاران في دمشق أمس قبل وصول بعثة كوفي آنان اليها التي ستبحث في إرسال مراقبين. ورأت المعارضة أن النظام أراد أن يتكرر سيناريو المراقبين العرب مع الدوليين.
وأعلن المتحدث باسم كوفي آنان لوكالة الأنباء الفرنسية أن اعضاء البعثة المفوضة من آنان سيتوجهون الاثنين الى دمشق. واوضح أن أعضاء البعثة سيغادرون في الوقت نفسه من جنيف ونيويورك الى العاصمة السورية. وكان آنان اعلن الجمعة من جنيف أن البعثة ستغادر quot;نهاية هذا الاسبوع لمواصلة المشاورات والاقتراحات التي طرحناهاquot;، مضيفاً: quot;آمل في أن يتم تسهيل مهمتهاquot;.
وكان المتحدث باسم الموفد الدولي قال الجمعة إن quot;آنان قرر ايفاد بعثة الى دمشق لمناقشة تفاصيل آلية مراقبة ومراحل أخرى عملية لتنفيذ (...) بعض اقتراحاته على أن يشمل ذلك وقفاً فورياً للعنف والمجازرquot;.
وأسفر الإنفجاران في دمشق عن مقتل 27 شخصاً واصابة 140 آخرين بجروح من بينهم مدنيون ورجال أمن، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الرسمية سانا عن وزارة الداخلية. وقال التلفزيون السوري الرسمي إن أحد التفجيرين quot;استهدف إدارة الأمن الجنائي في دوار الجماركquot;، بينما quot;استهدف الانفجار الثاني في المنطقة الواصلة بين شارع بغداد وحي القصاع ادارة المخابرات الجويةquot;.
وقد نفى العقيد مصطفى عبد الكريم، الناطق الرسمي باسم quot;الجيش السوري الحرquot;، في مقابلة مع راديو بي بي سي مسؤولية الجيش عن هجومي دمشق. واتهم عبد الكريم السلطات بتدبير هذين التفجيرين بهدف quot;خلق حالة من الفوضى قبيل وصول الفريق التابع لكوفي آنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا يوم الأحد.
وقال الناشط في تنسيقيات دمشق أبو مهند المزي لوكالة الأنباء الفرنسية إن quot;الانفجار الاول وقع عند السابعة والنصف (5:30 ت غ) السبت وبعد دقائق وقع الانفجار الثاني وهو الاضخمquot;. وأضاف: quot;شاهدنا الدخان ينبعث من اتجاه ساحة الجمارك القريبة من ساحة الامويينquot;، في وسط دمشق.
وبث التلفزيون السوري في وقت لاحق صوراً لأشلاء وسيارات محترقة ودمار في الابنية ودخان ينبعث من محيط موقعي الانفجارين. وبث مشاهد من مستشفى الهلال الحمر ويظهر فيه جرحى مدنيون اصيبوا في الانفجار. وقال أحد الاطباء للتلفزيون: quot;تلقينا نحو أربعين اصابة بين جروح وكسور ورضوضquot;.
واظهر التلفزيون مواطنين في مكان الانفجار ينددون بـ quot;العملية الارهابيةquot;.يذكر أنه كانوقع انفجار في دمشق في السادس من كانون الثاني/يناير أدى الى سقوط 26 قتيلاً على الاقل و46 جريحاً معظمهم من المدنيين.
كما استهدف هجومان بسيارتين مفخختين مقرين أمنيين في دمشق في 23 كانون الاول/ديسمبر الماضي وأديا الى سقوط أكثر من ثلاثين قتيلاً.
ودان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في بيان لهالانفجارين، وقال إن quot; فرنسا تدين كل الاعمال الارهابية التي لا يمكن تبريرها في أي ظرفquot;. وأضاف جوبيه أن quot;فرنسا تعرب عن تعازيها الحارة لعائلات وأقارب الضحايا وتعاطفها مع الجرحىquot;.
من جهته، ندد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالانفجارين. وقال في بيان مقتضب إنه quot;يوجه مواساته وتعازيه الى العائلات المفجوعة للضحايا والى الشعب السوريquot;، داعياً الى quot;الوقف الفوري للعنفquot;.
وفي طهران، أفادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية أن ايران تدين التفجيرين. وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست في بيان لهإن quot;المسؤولية عن هكذا اعمال تقع على الذين يسعون الى تسليح مجموعات مسلحة وتحريضهاquot;.
في المقابل، اعلنت الحكومة العراقية السبت أنها أبلغت ايران بعدم سماحها باستخدام اراضيها واجوائها لمرور اسلحة او مقاتلين الى سوريا، وذلك غداة اعراب واشنطن عن قلقها بشأن نقل أسلحة لقمع الاحتجاجات هناك.
وأعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين أوغلي عن إدانته للتفجيرات. وشدد أوغلي في تصريح صحافي على موقف منظمة التعاون الإسلامي المبدئي الداعم لإيجاد حل سلمي للأزمة في سوريا مطالباً الحكومة السورية بالوقف الفوري لسفك دماء المواطنين الأبرياء.
كما جدد دعوته للحكومة السورية بتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد في نطاق وحدة سوريا وأمنها واستقرارها.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ إن quot;الحكومة العراقية تؤكد أن أي شحنات سلاح أو ذخيرة من أي طرف أو دولة، لم تمر عبر اجواء أو حدود العراق الى سوريا وأنها لا تسمح بمرور أي شحنات أو مقاتلين لأي طرف في سورياquot;.
واكد الدباغ أن quot;الحكومة العراقية قد ابلغت الحكومة الايرانية من خلال مبعوثين ومن خلال سفيرها في العراق بأنها لا تسمح باستخدام اجوائها واراضيها لمرور أي شحنات سلاح الى سورياquot;.
في هذه الاثناء، وفيما تشهد مناطق حمص وادلب quot;هدوءاً نسبياًquot; في العمليات العسكرية للقوات النظامية بحسب ناشطين في المحافظتين، تواصلت التظاهرات المعارضة للنظام السبت في عدد من المناطق السورية، بحسب ما اظهرت مقاطع بثها ناشطون على الانترنت.
ففي الرقة (شمال شرق) التي بدأت تدخل بقوة على خط الاحتجاجات، خرجت تظاهرة حاشدة لتشييع قتلى سقطوا برصاص الامن خلال التظاهرات الكبرى التي جابت شوارع المدينة الجمعة.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن ثلاثة اشخاص قتلوا السبت quot;إثر اطلاق النار من قبل قوات الامن السورية على مشيعي مواطنين اثنين استشهدا يوم امس برصاص قوات الامن السورية بعد تظاهرة حاشدة حاول على إثرها بعض الشبان ازالة نصب تذكاري للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد تبعتها اشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة منشقةquot;.
كما اعلن المرصد وفاة ثلاثة اشخاص في الرقة، كانوا جرحوا الجمعة، متأثرين بجراحهم. وافاد المرصد ايضا أن مواطناً قضى في الاعتقال في ريف ادلب، وقتل شرطيان في حلب quot;برصاص مجهولينquot;.
واعلن المرصد مساء السبت مقتل شخص في الرستن في محافظة حمص، ومقتل آخر في مدينة القصير quot;برصاص حاجز امني عسكري مشتركquot; كما quot;استشهد مواطنان في حيي باب السباع وباب هود برصاص عشوائي من الشبيحة والامن في مدينة حمصquot;. اعلن المرصد ايضاً أن quot;شخصاً توفي في الرستن متاثراً بجراح اصيب بها قبل ايام كما قضى آخر داخل المعتقلquot;.
وفي محافظة الحسكة (شمال شرق)، اظهرت مقاطع بثها ناشطون على الانترنت تظاهرة في مدينة عامودا ذات الغالبية الكردية، ردد المشاركون فيها هتاف الحرية باللغة الكردية quot;ازاديquot; وهتفوا للجيش السوري الحر.
وفي درعا (جنوب)، خرجت تظاهرة حاشدة في مدينة الحراك رفع فيها المتظاهرون لافتة كتب عليها quot;أطفال درعا أول مسمار في نعش النظامquot;، في اشارة الى انطلاق الحركة الاحتجاجية في سوريا من محافظة درعا قبل عام.
واظهرت المقاطععلى الانترنت مئات المتظاهرين في دير البخت ردد المشاركون فيها quot;يا الله تاخد بشارquot; ورفعوا لافتات quot;منكرهكquot; رداً على عبارة quot;منحبكquot; التي يرفعها الموالون للنظام. وفي دمشق التي هزها انفجاران عنيفان صباحاً، خرجت تظاهرة quot;خاطفةquot; في حي الميدان شارك فيها رجال ونساء هتفوا للجيش السوري الحر.
وفي ادلب (شمال غرب)، خرجت تظاهرة في بلدة معرشمشة في الريف، وتظاهرة في قرية البشيرية في جسر الشغور ردد فيها المتظاهرون quot;السوري يرفع ايده، بشار ما منريدهquot; وشعارات متضامنة مع مدينة ادلب التي اقتحمها الجيش السوري قبل ايام، وغيرها من المناطق والمدن المحاصرة، ورفعوا اعلام الثورة السورية، ولافتات quot;لا نريد مساعدات نريد السلاحquot;.
وفي ريف حماه (وسط)، خرجت تظاهرة حاشدة في كفرنبودة رفعت فيها لافتات quot;كل عام وانتم احرارquot;. وانتظم المتظاهرون في صفوف وتمايلوا على وقع أغانٍ تتغنى بسوريا وتهاجم النظام. كما خرج عشرات المتظاهرين في السلمية مرددين quot;ما نركع الا للهquot;، وquot;سوريا... ثورة عز وحريةquot;، بحسب ما اظهرت مقاطع بثتها لجان التنسيق المحلية على شبكة الانترنت.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فإن قمع الاحتجاجات في سوريا أسفر عن سقوط تسعة آلاف قتيل على الاقل منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد النظام في اذار/مارس 2011.
وفي اسطنبول، أعلن السبت تأسيس ائتلاف معارض جديد يضم خمس مجموعات هي الحركة الوطنية للتغيير (ليبرالية) والحركة من اجل الوطن (اسلامية) وكتلة التحرير والبناء (برئاسة الزعيم العشائري السوري النافذ نواف البشير) والكتلة الوطنية التركمانية والحركة من أجل حياة جديدة (كردية).
وفي بيروت، تظاهر مئات الاشخاص من بينهم نواب حاليون وسابقون في المعارضة اللبنانية، وكتاب وإعلاميون وناشطون لبنانيون وسوريون في ساحة الشهداء احياء للذكرى السنوية الاولى لاندلاع الاحتجاجات في سوريا.
وشهدت العاصمة الاميركية تظاهرة كبيرة ضمت نحو أربعة آلاف شخص دعت الولايات المتحدة الى التدخل لـquot;وقف المجازر في سورياquot;، كما شهدت جنيف في سويسرا تظاهرة مماثلة بمناسبة الذكرى الاولى لاندلاع الانتفاضة ضد النظام في سوريا.
وفي صوفيا دعت وزارة الخارجية البلغارية quot;كافة المواطنين البلغار في سوريا الى مغادرة هذا البلد فوراًquot; معتبرة أن quot;الوضع مستمر في التدهور وسجل اطلاق نار وانفجارات في العاصمة دمشقquot;.
ومنذ منتصف اذار/مارس 2011، اسفر قمع النظام السوري للحركة الاحتجاجية المناهضة له عن مقتل تسعة آلاف شخص على الأقل معظمهم من المدنيين وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
التعليقات