القاهرة: تخطط الولايات المتحدة واستراليا لتوسيع نطاق علاقاتهما العسكرية بشكل كبير، لتنطوي تلك الخطوة على احتمالية إطلاق هجمات جوية آلية من جزيرة مرجانية في المحيط الهندي وزيادة تفاعل القوات البحرية الأميركية مع الموانئ الاسترالية، في الوقت الذي يتطلع فيه البنتاغون لتحويل قواته بحيث تصبح على مقربة من منطقة جنوب شرق آسيا، وذلك بحسب ما ذكره في هذا السياق مسؤولون من كلا الدولتين.

وستأتي تلك الخطوات، التي لا تزال تخضع للمناقشة واجتذبت بالفعل اهتماماً كبيراً من كلا الجانبين، كتتويج لاتفاق أعلنه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد بخصوص نشر ما يصل إلى 2500 جندي بحرية أميركي إلى داروين التي تقع على الساحل الشمالي لاستراليا.

وقالت في هذا الصدد اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية إن تلك المحادثات هي أحدث مؤشر على الطريقة التي تحول من خلالها إدارة أوباما بشكل سريع انتباهها الاستراتيجي لقارة آسيا، في الوقت الذي بدأت تقدم فيه على إنهاء عِقد الحرب المكلف الذي عاشته الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق.

ولفتت الصحيفة كذلك إلى أن الحكومة الأميركية تضع الآن اللمسات الأخيرة على اتفاق يعني بوضع أربعة سفن حربية في سنغافورة، ودخلت في مفاوضات بالفعل مع الفلبين بشأن تعزيز تواجدها العسكري هناك. وبدرجة أقل، يسعى البنتاغون أيضاً لتحسين وتطوير العلاقات العسكرية مع تايلاند، فيتنام، ماليزيا، اندونيسيا وكذلك بروناي.

ورغم تأكيد مسؤولين أميركيين على أن المحور الإقليمي لا يستهدف أي دولة بعينها، إلا أن محللين أوضحوا في هذا الشأن أنها ردة فعل واضحة على تنامي قوة الصين، التي دفعت قوتها العسكرية المتزايدة بدول أسيوية أخرى إلى التواصل مع واشنطن.

وتابعت الصحيفة بقولها إن البنتاغون يجري الآن مراجعةً لحجم وتوزيع قواته في شمال شرق آسيا، حيث ينصب تركيزهم على قواعد حقبة الحرب الباردة الموجودة في اليابان وكوريا الجنوبية. والهدف من ذلك هو العمل تدريجياً على خفض التواجد العسكري الأميركي في تلك البلدان، والسعي لتعزيزه في ذات الوقت بمنطقة جنوب شرق آسيا، التي يوجد بها أكثر ممرات الملاحة ازدحاماً في العالم والتي تشهد منافسة دولية متنامية للاستفادة من حقول النفط والغاز الضخمة الموجودة تحت البحر.

وقال في هذا الصدد مسؤول استرالي رفيع المستوي، بعد رفضه الكشف عن هويته لأنه غير مخول له مناقشة محادثات عسكرية :quot; من حيث النفوذ الشامل الذي تحظى به في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فقد بدأ يتجه الثقل الاستراتيجي ناحية الجنوب. ولم تكن تحظى استراليا بكل هذه الأهمية أثناء فترة الحرب الباردة. غير أنها تبدو أكثر أهمية إذا كان الأمر متعلق بالجزر الواقعة في منطقة جنوب شرق آسياquot;.

ومضت الصحيفة تقول إن استراليا حليف منذ فترة طويلة للولايات المتحدة، وواحدة من أقرب شركائها في الأمور الاستخباراتية والعسكرية. وسبق ان تم إرسال أكثر من 20 ألف جندي استرالي إلى العراق في الفترة ما بين عامي 2003 و 2009. كما يتواجد الآن حوالي 15 ألف جندي استرالي في أفغانستان كجزء من ائتلاف الناتو.

وأفادت مراجعة داخلية رسمية أجريت مؤخراً لبنية استراليا العسكرية الأساسية بأن احتمالات تعرض البلاد لهجوم عسكري مباشر quot;غير واردة في الوقت الراهنquot;.

غير أن تلك المراجعة قد حثت الحكومة على تعزيز قواتها بطول السواحل الشمالية والغربية، بالقرب من الأماكن التي تتمركز بها معظم ثرواتها المعدنية وحيث تتضاءل دفاعاتها نسبياً. ونصحت تلك المراجعة الإستراتيجية الحكومة أيضاً بأن تقوم بضبط خططها المتعلقة بالقواعد من خلال النظر في مصالح الولايات المتحدة الأمنية.

وأشار مسؤول بارز من وزارة الدفاع الأميركية، بعد رفضه الكشف عن هويته، إلى أن استراليا هي الحليف الوحيد التي تمتلكه أميركا في المحيط الهندي، مضيفاً :quot; ونحن ننظر إلى المحيط الهندي باعتباره منطقة نحتاج لقضاء مزيد من الوقت بها، حيث يوجد لدينا عدد أقل من العلاقات المتطورة مع الدول مقارنةً بغرب المحيط الهادئquot;.

كما أكد مسؤولو البنتاغون على انبهارهم بالإمكانات التي لمسوها في العمل من خلال القواعد البحرية الموجودة في جزيرتي بيرث وكوكوس، وكذلك مقترح استرالي آخر لبناء قاعدة أسطول جديدة في بريسبان، على الساحل الشرقي. غير أن مسؤولين أميركيين نوهوا في هذا الخصوص إلى أن شيئاً لم يُتَّخذ قراراً بشأنه بعد. وأكدوا كذلك أن الجيش الأميركي مهتم بالعمل كضيف وأنه لا يسعى لتطوير قواعده الخاصة به.

وأضاف بيتر ليهي، رئيس الجيش الاسترالي الأسبق، أن الاتفاق على نشر قوات مشاة بحرية أميركية في داروين هي الخطوة الأولى على طريق تطوير الشراكة العسكرية. كما شدد هوغ وايت، مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأميركية، على أن الائتلاف الأمني الاسترالي مع الولايات المتحدة يعتبر ائتلافاً ضرورياً، لكنه نوه إلى أن بكين قد تنظر إلى تلك الخطوات على أنها خطوات عدوانية أيضاً.