السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد

قال السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد إنه إذا لم يغير الرئيس السوري بشار الأسد أساليبه في التعامل مع المتظاهرين فإن مشكلة العنف ستتفاقم، مقرا في الوقت ذاته بوجود محتجين سلحوا أنفسهم للدفاع عن عائلاتهم.


يقول السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد إن حركة الاحتجاج السورية سلمية في الغالب. ولكن كلما تمادى الرئيس بشار الأسد في حملته الشعواء لإخماد التحدي زادت احتمالات ما يؤكد ادعاءاته بمواجهة تمرد طائفي تقوده مجموعات مسلحة.

وتحدث فورد وهو دبلوماسي مخضرم عمل ثلاث فترات مختلفة في عراق ما بعد صدام ، لمجلة تايم في مقابلة هاتفية من دمشق منوها بأن الحركة الديمقراطية لم تلجأ الى العنف حتى الآن وان بعض المحتجين سلحوا أنفسهم للدفاع عن عائلاتهم وأحيائهم. وقال فورد quot;ان هناك إطلاق نار من المحتجين على قوى الأمن ، وهذا صحيح تماماquot;. واضاف quot;ان الحكومة تقول ذلك ولكن ما لا تقوله الحكومة أن اعمالها القمعية تفجر الكثير من العنفquot;.

وتابع فورد انه ما لم يغير الأسد أساليبه فان quot;مشكلة العنف من جانب المحتجين ستتفاقم ، مثلما ستتفاقم مشكلة النزاع الطائفي. وان سياسات الحكومة السورية هي التي تدفع الى ذلك ويجب ان تتوقفquot;.

ويرى مراقبون انه ليس هناك عمليا ما يشير الى نية الأسد في الاستماع إلى نصيحة فورد. فإن ستة أشهر من البطش اسفرت عن مقتل 2700 شخص على الأقل وأكثر من 20 ألف معتقل يُخشى ان يكون بعضهم لاقى حتفه في السجن. ويدعو بعض السوريين الآن الى حماية يوفرها المجتمع الدولي ، ولكن هناك خلافات بشأن ما يعنيه ذلك مثله مثل قضايا عديدة تختلف عليها المعارضة السورية المشتتة. ويغطي طيف الآراء كل الاحتمالات ، من التدخل الكامل لحلف شمالي الأطلسي على غرار ما حدث في ليبيا الى إيجاد ملاذ مماثل لمدينة بنغازي قرب الحدود السورية ـ التركية وحمايته أو نشر مراقبين دوليين أو الاكتفاء بزيادة الدعم السياسي.

وقال فورد في حديثه لمجلة تايم quot;ان أحد الأشياء التي قلناها للمعارضة إنهم ينبغي ألا يظنوا بأننا سنتعامل مع سوريا مثلما تعاملنا مع ليبيا. والأمر الرئيس الذي على المعارضة ان تفعله هو ان تجد طريقة تكسب بها التأييد ضد النظام لا ان تنظر الى الخارج في محاولتها حل المشكلة. فهذه مشكلة سورية وتتطلب حلولا سوريةquot;.

والخطوة الأولى نحو التوصل الى حل سوري هي تنظيم المعارضة في جبهة موحدة. ويهدف المجلس الوطني السوري الذي شُكل حديثا الى جمع خصوم الأسد تحت مظلة واحدة. وأبدت اللجان التنسيقية المحلية تأييدها للمجلس الذي يضم 140 عضوا رغم تحفظها على quot;طريقة تشكيله والقوى التي يمثلهاquot;. وانتقدت اللجان التنسيقية عدد الاسلاميين الممثلين في المجلس الوطني السوري وطريقة تعيين الأعضاء. وأيد الاتحاد التنسيقي للثورة السورية موقف اللجان ، بحسب مجلة تايم.

إحدى الركائز التي تستند اليها حركة المعارضة قوة الجماهير في الشارع. والركيزة الأخرى العسكريون المنشقون. ولا يُعرف عدد هؤلاء المنشقين. ولم يكن لدى السفير فورد رقم ، بحسب مجلة تايم. كما لا يُعرف مدى نفوذ الجيش السوري الحر بقيادة العقيد رياض الأسعد الذي يقول ان تنظيمه يعمل في الداخل. وهناك دلائل متداولة من خلال اشرطة الفيديو التي تُبث على الانترنت تشير الى تزاد عدد المنشقين وخاصة في محيط مدينة حمص وسط سوريا وفي حماة القريبة ومحافظة إدلب الشمالية ومدينة درعا في الجنوب.

ويقول المنشقون انهم ينفذون مهمات دفاعية لا هجومية ولكن هذا التكتيك قد يتغير إزاء حقيقة ان الكثير من السوريين يشكُّون الآن في جدوى الاحتجاجات السلمية والضغوط الدولية لخلع الأسد ، بحسب مجلة تايم. ويقدم مثال ليبيا الناجح نسبيا نفسه نموذجا لكن سوريا ليست ليبيا. فهي ذات تنوع قومي ومذهبي أوسع وتجاور دولا غير مستقرة ، مثل لبنان والعراق ، تشترك معها في هذه التركيبة المختلطة ، ناهيكم عن وجود اسرائيل. وان حربا اهلية تشتعل في سوريا يمكن بكل سهولة ان تمتد نيرانها الى الجيران.

وينصح السفير فورد الذي كان شاهد عيان على النزاع الطائفي في العراق ، المعارضة السورية بقوة ضد اللجوء الى السلاح. وتنقل مجلة تايم عن فورد قوله quot;ان ذلك سيكون خطأquot; لأسباب ليس أقلها quot;التوثق من أن تكون لديكم ، إذا كنتم تفكرون في ذلك ، طريقة تعرفون بأن ما ستفعلونه عسكريا ، اياً يكن ، سيكون فاعلا... وأنا أقول بكل صراحة انه ليس لديكم القوة الكافية لمنازلة الجيش السوري ، ولستم حتى قريبين من ذلك. إذ علينا ان نكون واقعيينquot;.

ويتابع فورد ان درس العراق يتمثل في ان على المعارضة ، الى جانب اعداد خطة انتقال ديمقراطي في وقت مبكر ، ان تكسب دعم المكونات المختلفة للمجتمع السوري بأسرها ، وخاصة العلويين.

وقال عضو المجلس الوطني السوري والأكاديمي رضوان زيادة إن قول ذلك أسهل من تطبيقه على ارض الواقع. ورغم ان ثلاثة من شيوخ العلويين ومراجعهم الدينية أصدروا بيانا شجبوا فيه quot;فظائعquot; الأسد ودعوا أفراد طائفتهم الى فك ارتباط مصيرهم بزمرة الرئيس فإن عددا صغيرا من العلويين انضموا بشكل سافر الى المعارضة. ويقول زيادة ان وجودهم مهم ليس لتحقيق صدقية في الداخل فحسب بل ليمكن البدء بعملية المصالحة ايضا. ولكن من الصعب التواصل مع افراد الطائفة العلوية في ظل حملة النظام المتواصلة. ويقول زيادة quot;ان هذا هو التحدي الكبير وخاصة عندما نرى التعذيب الذي يمارسه ضباط علويونquot;.

في غضون ذلك يعمل المجتمع الدولي على عزل النظام عن مؤيديه. وفُرضت عقوبات ضد عدد من اركان النظام الى جانب عقوبات اقتصادية. ورغم ان سوريا تصدر نحو 95 في المئة من نفطها الى اوروبا فان الأسد سخر من تشديد العقوبات الاوروبية قائلا انه سيتوجه شرقا إذا أغلق الغرب اسواقه مشيرا الى ان quot;البدائل متاحةquot; في عالم اليوم.

ولكن السفير فورد يختلف مع الرئيس الأسد لافتا الى ان النفط السوري ثقيل بالكبريت ويتعين تكريره. quot;وان بلدان الشرق التي لديها منشآت تكرير مثل الهند مرتبطة بعقود طويلة الأمد على امدادها ، فكيف سيتمكنون من بيع النفط الى مصافٍ لديها امدادات وعقود؟quot; واضاف ان السوريين لن يتمكنوا من التحويل بسهولة وطرح نفطهم في سوق أخرى.

كما أكد فورد ان دول الخليج quot;نفد صبرهاquot; مع الأسد مشددا على حقيقة ان المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى سحبت سفراءها. واستبعد فورد ان تتوسط الرياض في صفقة تُبقي الأسد في السلطة بعد إضعافه وتلقينه درسا ، شريطة ان يفسخ تحالفه مع طهران وحزب الله. وقال فورد quot;لا أرى انهم يتوجهون الى اعادة التواصل معه وجره بعيدا عن ايرانquot;.

كما قطع فورد تواصله مع المسؤولين السوريين. وقال لمجلة تايم انه لم يجر نقاشات عالية المستوى مع الحكومة السورية منذ اسابيع. واضاف quot;ليس لدينا ما نقوله. فهم يعرفون اننا نريد تغييرا على الأرضquot;.