ثوار سوريون عند إحدى نقاط التفتيش في منطقة إدلب

يبدو الاختلاف واضحا بين المجلس الوطني السوري الذي يعتبر نفسه ممثلا للانتفاضة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام، وبين الثوار الحقيقيين الذين يضحون بحياتهم لإسقاط الدكتاتورية، في وقت تتنافس فيه فصائل المعارضة للظفر بالمناصب دون الاكتراث لما يحصل.


القاهرة: في وقت يقول فيه المجلس الوطني السوري إنه الجهة المنوطة بتمثيل الانتفاضة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عام، فإنه وفي الوقت الذي مازال يتعرض فيه الثوار للموت على أيدي قوات الرئيس بشار الأسد، تتنافس فصائل المعارضة المختلفة في المنفى من أجل الاستحواذ على المناصب والظفر في الوقت ذاته بالنفوذ.

وقد أبرزت في هذا الصدد مجلة دير شبيغل الألمانية تلك الواقعة التي جاءت لتسلط الضوء على حقيقة الفجوة الكبيرة الحاصلة على أرض الواقع بين الثوار الحقيقيين، الذين يضحّون بأرواحهم داخل سوريا في نضالهم ضد الرئيس بشار الأسد، وبين مسؤولي المجلس الوطني السوري، وهي الواقعة الخاصة بذلك الرجل السوري القروي الذي دخل تركيا مؤخراً بصورة غير شرعية (بعد أن اختبأ في القمامة خشية قوات النظام)، من أجل شراء أدوية وكاميرات من اسطنبول، وسمع هناك عن مؤتمر أصدقاء سوريا، وقرر المجيء إلى مقر انعقاد المؤتمر على أمل السماح له بالدخول والتحدث إلى الوفود المشاركة. وبعد نصف ساعة من المفاوضات، سمح له رجل مسن بالدخول إلى قاعة المؤتمر وأذن له بالمشاركة.

وأضافت المجلة أن تلك الواقعة جاءت لتبيّن مدى البعد القائم بين المجلس الوطني السوري وبين الناس الذي يزعم أنه يمثلهم، وهم الثوار في سوريا، الذين كانوا يتظاهرون ضد دكتاتورية، بشكل سلمي في البداية، ليلجأوا بعدها بشكل متزايد إلى السلاح.

ومع تنامي حركة الاحتجاج في سوريا، أكدت المجلة أن المعارضة السورية في الخارج أخفقت في إقامة تمثيل موحد ولم تتفق على مطالب متبادلة، لتتزايد بينها الانقسامات.

ولرغبتهم في تقديم مزيد من الدعم للمقاومة المسلحة في سوريا، انفصل مؤخراً المعارض المخضرم والبارز هيثم المالح وغيره من الناشطين المهمين عن المجلس الوطني السوري، الذي يعتبر أكبر جماعات المعارضة. مع العلم أن الهدف من وراء مؤتمر اسطنبول الأخير كان توحيد صفوف ولم شمل الجماعات المنقسمة. وقد نجح المؤتمر في هذا الجانب، على الأقل بالنسبة إلى هؤلاء الذين حضروا واتفقوا على تأييد دعوة المالح لدعم الجيش السوري الحر، الذي يتألف بشكل كبير من الجنود الذين انشقوا عن الجيش السوري النظامي لدعم الانتفاضة الشعبية.

ثم أعقبت دير شبيغل بقولها إن الفصائل المختلفة، تنظر بغيرة إلى بعضها البعض، وتشكو من النفوذ الذي باتت تحظى به جماعة الإخوان المسلمين وكذلك من نقص الشفافية داخل المجلس الوطني السوري. وعلى الرغم مما يتم بذله من جهود، والتي كان آخرها ما حدث في مؤتمر اسطنبول، إلا أن المجلة لفتت إلى عدم وجود حلول ملموسة.

وأضافت أن أعضاء المعارضة في المنفى والعدد القليل من المنشقين كبار السن في دمشق لم يكونوا من أوائل الأشخاص الذين بدأوا الانتفاضة. كما سبق لهم أن قللوا من شأنها لفترة طويلة وحتى يومنا هذا، وهم الآن لا يدركون مدى أهمية وضرورة الانتقام.

وختمت المجلة الألمانية بإشارتها إلى الدور الحيوي والمهم الذي تلعبه تلك اللجان التي تعرف بـ quot;لجان التنسيق المحليةquot; بالنسبة إلى حركة الاحتجاجات. وأوردت عن أحد العاملين في تلك اللجان وهو شاب يدعى عبد الرحيم، ويبلغ من العمر 29 عاماً، قوله إن ابن عمه واثنين من أقرب أصدقائه قد لاقوا حتفهم على يد قوات بشار الأسد، وأنه قام بتصوير اللحظات التي قتلوا فيها، لكن أحداً لا يريد أن يهتم بتلك اللقطات الهامة. وتابع بقوله: quot; يضفي المجلس الوطني صفة الشرعية على عمليات القتل حين يعمل كناطق باسمنا، ولا يحرك ساكناً من جانبه إزاء ما يحدث للثوار في غضون ذلك. ويمكنني القول إن الناس في قريتي غاضبون من أداء المجلس الوطني السوري. لكن ماذا بوسعنا أن نفعل ؟ وما الذي يتبقى لدينا سوى الأمل ؟quot;.