أشرف أبوجلالة من القاهرة: تبددت الآمال الغربية بإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار، المفترض أنه قائم منذ أربعة أسابيع في سوريا، في الوقت الذي أثارت فيه تقويمات جديدة موجة من الشكوك بشأن احتمالات التوصل إلى اتفاق تدعمه الأمم المتحدة، وفرص التخلص من قيادة البلاد القمعية في المدى القريب، على حسب ما ذكره دبلوماسيون ومسؤولون استخباراتيون.

وأضاف المسؤولون أن هناك تقارير من داخل سوريا تشير إلى عزم الرئيس بشار الأسد، الذي يبدو أقل وطأة، سحق جيوب المعارضة المتبقية، في تحدٍّ للاتفاقات الدولية.

اشتملت تلك الجهود، التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية، على محاصرة المئات من طلاب الجامعة في مدينة حلب، أكبر مدن البلاد، وقتل العديد من الشخصيات، التي يتشبه في انتمائها إلى المعارضة عن طريق الطعن، من قبل أطقم موالية للرئيس الأسد.

كما أشار ناشطون مناهضون للحكومة إلى تجدد عمليات القصف من جانب الدبابات الحكومية يوم الجمعة الماضي في مدينة دوما، قرب دمشق، إضافة إلى العمليات التي يقوم بها القناصة ضد المتظاهرين من فوق أسطح البنايات. في غضون ذلك، أظهرت تقويمات استخباراتية إحراز تقدم ضئيل من جانب الأسد تجاه تنفيذ أي من الخطوات الست المدرجة في خطة سلام الأمم المتحدة، التي قبلها بشكل مبدئي في آذار/مارس الماضي.

بموجب هذا الاتفاق، كان يفترض أن تقوم الحكومة السورية بسحب القوات والأسلحة الثقيلة من المدن السورية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في المناطق الأكثر تضرراً. وأوردت في هذا الصدد صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية مطلع على التقديرات الأميركية الداخلية للانتفاضة الشعبية المستمرة في البلاد منذ أربعة عشر شهراً، قوله: quot;لم يُرَحَّب بأي من النقاط الست. وحقيقة انخفاض أعداد القتلى على ما يبدو خلال الأيام القليلة الماضية هو أمر جيد، لكن ذلك لا يزال بعيدًا عن النجاح حتى الآنquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن رفض الأسد الإيفاء بتعهداته يأتي بالاتساق مع التحول الملحوظ الذي طرأ على الموقف الذي تتعامل من خلاله إدارة أوباما مع خطة السلام خلال الأيام الأخيرة. فبينما توقفت عن وصف الاتفاق بـ quot;الفاشلquot;، بدأ مسؤولو البيت الأبيض يتحدثون سراً وعلانيةً عن أن الوقت قد حان للتفكير في طريقة جديدة.

وفي تصريحات أدلى بها للصحافيين يوم الخميس الماضي، قال جاي كارني، المتحدث الصحافي باسم البيت الأبيض، متحدثاً عن استمرار العنف من جانب القوات الموالية للنظام: quot;إذا استمر عناد النظام، فسيتعين على المجتمع الدولي أن يقرّ بالهزيمة. وهذا واضح، ونحن لن ننكر من جانبنا أن الخطة لم تنجح حتى الآنquot;.

وقد تعارضت تصريحات كارني هذه مع تقويم أكثر إيجابية أعلنه مسؤولون أمميون يوم الجمعة، بتأكيدهم أن خطة السلام التي وضعها كوفي أنان ما زالت تمضي في طريقها.

في هذا الصدد، قال أحمد فوزي ناطق باسم أنان ضمن تصريحات أدلى بها للصحافيين في جنيف: quot;الأزمة المستمرة منذ أكثر من عام لن تُحَلّ في يوم أو في أسبوعquot;. وتابع فوزي حديثه بالقول: quot;لا توجد علامات كبرى دالة على الامتثال على أرض الواقع. بل إن هناك علامات ضئيلة تدل على الامتثال. فقد تم سحب بعض من الأسلحة الثقيلة، بينما لا تزال هناك بعض الأسلحة الثقيلة الأخرى. وكذلك العنف، نجده قد تراجع في بعض الأماكن، ولا يزال مستمراً في أماكن أخرى. وهذا ليس مُرضياًquot;.

في هذا السياق، اتهم مسؤولون أميركيون وأوروبيون الرئيس الأسد باستخدام اتفاق وقف إطلاق النار كتكتيك للتأخير، بغية منحه المزيد من الوقت لاستئصال المعارضة وإعادة تجهيز قواته.

كما قال مسؤولون استخباراتيون من دولتي جوار مسلمتين، لم تسمهما الصحيفة، إنهم يرون الأسد الواثق من نفسه على نحو متزايد وهو يوطد انتصاراته العسكرية الأخيرة، ويتحضر للاستمرار، وهو متوقع تماماً أن بمقدوره التفوق على الثوار وعلى خصومه الدوليين.

وختمت الصحيفة بقولها إن العقبة التي قد تواجه الأسد في مساعيه المستميتة إلى البقاء في السلطة هي محدودية المعروض من العملة. ونقلت عن مسؤول استخباراتي من إحدى دول الجوار قوله: quot;سوف يرحل الأسد في النهاية، لكن ذلك سيأخذ مزيداً من الوقت ومزيداً من الدماءquot;.