القاهرة: أنهت المعارضة السورية المنقسمة على نفسها الأربعاء جولة مباحثات في العاصمة المصرية انقلبت الى صراع وجدل بينها كاد يتحول إلى اشتباك في الوقت الذي كانت تسعى فيه الى صياغة رؤية مشتركة للانتقال السياسي في سوريا.

وقدم اكثر من 200 مشارك في المؤتمر من 30 حركة اضافة الى شخصيات مستقلة وممثلين للمجتمع المدني ومجموعات ناشطين الى القاهرة من اجل تشكيل جبهة موحدة ضد نظام الرئيس بشار الاسد. وبعد يومين من المباحثات برعاية جامعة الدول العربية، اتفق المشاركون على ان اي انتقال في سوريا يجب ان يعني رحيل الرئيس الاسد كما اتفقوا على دعم الجيش السوري الحر.

لكنهم فشلوا في تشكيل كتلة موحدة بحيث هيمنت خلافاتهم على نقاط الالتقاء وكاد الامر يصل حد الاشتباك بالايادي، بحسب مشاركين. وقال المعارض وليد البني الذي شارك في المؤتمر quot;للاسف كانت هناك الكثير من الخلافاتquot;.

واضاف لوكالة فرانس برس قبيل رحيله الى باريس للمشاركة في اجتماع اصدقاء سوريا quot;بعض المجموعات انسحبت من الاجتماعquot;. وانسحب المجلس الوطني الكردي السوري من الاجتماع في ساعة متأخرة الثلاثاء احتجاجا على عدم تضمين البيان الختامي اشارة الى quot;الشعب الكرديquot; ، بحسب ما ذكر مسؤول رفيع المستوى في الجامعة العربية لوكالة فرانس برس.

كما ثارت خلافات بشأن آلية متابعة الاجتماع حيث اتهم بعض المجموعات البعض الآخر بالسعي الى احتكار هذه الالية. وقال المسؤول quot;ان جمع هؤلاء الناس معا لا بد أن يؤدي الى خلافاتquot;. واضاف quot;لكنهم اتفقوا في البيان الختامي على إنهاء نظام الاسد ودعم الجيش السوري الحر واتفقوا على المبادئ الدستورية الاساسية، العدل والديمقراطية والتعدديةquot;.

ونظم اجتماع المعارضة في القاهرة بعيد اتفاق القوى الكبرى السبت في مؤتمر جنيف على خطة للمرحلة الانتقالية كانت موضع انتقاد ورفض المعارضة والاعلام الرسمي السوري. ولا تنص خطة جنيف على تخلي الاسد عن السلطة كما طلبت قوى غربية وذلك بعد إصرار روسيا والصين على ان كيفية سير العملية الانتقالية يجب أن يقرره السوريون انفسهم.

وقال شادي حامد مدير مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة quot;ان المعارضة في المنفى هي بطبعها منقسمة مع مجموعات مبعثرة في العالم كله، ويصعب بالتالي التوصل الى رؤية مشتركةquot;. واضاف لوكالة فرانس برس quot;علينا خفض سقف توقعاتنا والتوقف عن توقع ان تتحول المعارضة بين عشية وضحاها الى مجموعة موحدة غير طائفيةquot;.

وانسحبت الثلاثاء من الاجتماع الهيئة العامة للثورة السورية مشيرة في بيان الى quot;خلافات سياسيةquot;. وقالت انها ترفض quot;الدخول في التجاذبات السياسية التي تتلاعب بمصير شعبنا وثورتنا وفق رؤى وأجندات تسمح بوضع ثورتنا بين سندان التجاذبات والصراعات الدولية ومطرقة نظام الاجرام في سوريةquot;.

وقاطع اجتماع القاهرة الجيش السوري الحر الذي ندد بالاجتماع باعتباره quot;مؤامرةquot; تخدم اهداف حلفاء النظام في موسكو وطهران. وانتقد اجتماع القاهرة لرفض المشاركين فيه فكرة التدخل العسكري الاجنبي لحماية الشعب وتجاهلهم مطلب اقامة مناطق عازلة تحت حماية المجتمع الدولي وممرات انسانية وحظر جوي وتسلح المتمردين على النظام. وخلّف قمع نظام الاسد الاحتجاجات على نظامه منذ آذار(مارس) 2011 اكثر من 16500 قتيل، بحسب احصائيات المرصد السوري لحقوق الانسان.

سوريا تثمن الموقفين الروسي والصيني وترحّب بالبيان الختامي لمؤتمر جنيف

من جانب آخر، ثمنت سوريا الاربعاء موقفي الصين وروسيا الداعمين لها خلال مؤتمر جنيف ورحّبت بالبيان الختامي الصادر عن هذا الاجتماع والقاضي quot;بتبني حل سياسي للازمةquot; في سوريا، بحسب بيان لوزارة الخارجية تلقت فرانس برس نسخة عنه.

وذكر بيان الخارجية ان سوريا quot;تثمن عاليا الموقف الروسي والصيني الذي برز خلال الاجتماع والذي تميز بمبدئيته وانسجامه مع اهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ما أدى الى تبني الاجتماع للحل السياسي للازمة في سوريا ودعم مهمة المبعوث الدولي الخاص (كوفي انان) وخطتهquot;.

ورحبت سوريا بالبيان الختامي الذي صدر عن اجتماع مجموعة العمل حول سوريا التي شكّلها انان والذي عقد في جنيف السبت quot;ولاسيما النقاط الجوهرية التي تحدثت عن الالتزام بسيادة واستقلال وسلامة ووحدة أراضي سوريا، ووضع حد للعنف ولانتهاكات حقوق الإنسان، ونزع سلاح المجموعات المسلحة، وعدم عسكرة الوضع في سورية، وحماية المدنيين، وإطلاق عملية سياسية يقودها السوريون (...) ليكون القرار سورياquot;.

واشارت الخارجية الى quot;وجود نقاط غامضة في البيان الختامي تحتاج إلى إيضاحquot; الا انه اعتبرت ان كل المسائل قابلة للنقاش على طاولة الحوار الوطني quot;طالما اقر المجتمعون بأن الشعب السوري وحده هو صاحب القرار في تقرير مستقبله دون تدخل خارجيquot;.

وتضم مجموعة العمل حول سوريا وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، اي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وثلاث دول تمثل الجامعة العربية هي العراق والكويت وقطر، اضافة الى تركيا والامين العام للجامعة العربية والامين العام للامم المتحدة ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي.

وتمكنت المجموعة من التوافق على مبادئ خطة انتقالية لا تشير الى رحيل الرئيس بشار الاسد عن السلطة، وتلحظ خصوصا تشكيل حكومة انتقالية قد تضم اعضاء في الحكومة السورية الحالية.