يرشح من جملة التصريحات الصادرة عن دبلوماسيين إيرانيين أن هناك انقساماً في ما يتعلق بالتعامل مع الأزمة السورية لا سيما مع تداعي النظام في دمشق وبدء تصدع في الدائرة المقربة من الأسد.


فتحت إيران نقاشاً علنياً بشأن الطريقة التي تنتهجها في التعاطي مع الأزمة السورية، في الوقت الذي بدأ يتساءل فيه بعض الدبلوماسيين علناً بشأن ما إن كان يتعين على طهران أن تستمر في دعم النظام السوري أم لا. وأظهرت تصريحات الدبلوماسيين، سواء الموجودة في المقابلات أو على الإنترنت، أن هناك انقساماً في الآراء داخل طهران، التي تعتبر أهم الحلفاء الإقليميين للرئيس السوري بشار الأسد.

كوفي انان يريد إشراك إيران في حل الأزمة السورية

وفي هذا السياق، أشارت اليوم صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الأميركية إلى أن سياسة إيران الخارجية ترتكز بشكل كبير على الحرس الثوري القوي والزعيم الأعلى، آية الله علي خامنئي، ومازالت تعتبر البلاد حليفاً وطيداً للرئيس بشار الأسد.

لكن الاختلاف بشأن دعم إيران للأسد قد بدا أنه يتزايد، لاسيما من جانب الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، وهو ما يشير لدى بعض المحللين أن طهران تفكر على الأقل في وضع خطة احتياطية، كالتواصل مع المعارضة ودعم الإصلاح ونقل السلطة بصورة سلمية، في حال سقوط الرئيس الأسد. وسبق لمحمد علي سبحاني، الدبلوماسي الحالي الذي سبق له العمل كسفير لإيران لدى لبنان والأردن، أن قال في تصريحات تم نشرها الأسبوع الماضي: quot;العالم كله ضد سوريا ونحن هنا نقف للدفاع عن سوريا، تلك الدولة التي تواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانيةquot;.

وأضاف سبحاني في السياق نفسهبقوله إن أيام الأسد في الحكم أضحت معدودة، كما هو واضح، وأن إيران سوف تفقد نفوذها وتأثيرها، إذا لم تغيّر مسارها ونهجها.

وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى اتضاح الانقسامات داخل دوائر السلطة الإيرانية، أثناء زيارة المبعوث الأممي كوفي أنان القصيرة لطهران، حيث التقى باثنين من المسؤولين المحسوبين على طرفين مختلفين من الطيف السياسي. وخلال محادثاته مع أنان، قال وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، إنه يتعين على كل الأطراف أن تبذل جهوداً للمساعدة في إيجاد أفضل طريقة يمكن الخروج بها من تلك المشكلة.

أما سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين، فلجأ لأسلوب أكثر حدة، بحثه أنان على وقف تدخل قوى مثل الولايات المتحدة في الشأن السوري ووقف نقل السلاح لإرهابيين يثورون داخل سوريا. ومع هذا، قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إنهم لم يلمسوا أي إشارات دالة على استعداد طهران للتخلي عن الأسد، وأنهم مازالوا يرون طهران وهي تقدم دعماً كبيراً لدمشق على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.

وألمح خامنئي إلى سوريا في كلمة كان يلقيها يوم أمس، حين قال إن إيران سوف تدافع وتقف بقوة إلى جوار أي دولة مسلمة تعارض إسرائيل والولايات المتحدة. وأشار دبلوماسيون دوليون إلى أن مسؤولين إيرانيين أجروا اتصالات بالمعارضة السورية، قبل بضعة أشهر، لكنهم اعتبروا ذلك شكلاً من أشكال التحوط السياسي. وذلك في الوقت الذي ترفض فيه إدارة أوباما حتى الآن خطة أنان المتعلقة بإعادة إيران إلى الدبلوماسية، لإنهاء الصراع السوري، نظراً لما تقدمه طهران من دعم للأسد.

ومع هذا، مضت الصحيفة تقول إن تعليقات بعض الدبلوماسيين الإيرانيين تشكل خروجاً حاداً عن سياسة الجمهورية الإسلامية الرسمية الخاصة بمناصرة ودعم الرئيس الأسد بأي ثمن. وأضاف محللون في هذا السياق كذلك أن إيران سوف تواصل على الأرجح دعمها العلني لنظام الأسد نظراً لمصالحها الإستراتيجية في سوريا.

وقال عباس ميلاني مدير قسم الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد: quot;إن هناك انقساماً واضحاً داخل النظام بشأن سوريا. ونهج خامنئي المتشدد تجاه سوريا قد لا يستمر لأن أناس بارزين من أمثال الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني يقولون علانيةً إنهم أضحوا منعزلين وفقدوا تحالفاتهم مع العرب وأن الوقت حان ليكونوا عقلانيينquot;.

كما بدأت وسائل الإعلام الرسمية في إيران، بعد التزامها الصمت طويلاً بشأن الانتفاضة السورية، في بث مشاهد من مذابح وضحايا مدنيين، كتلك التي ارتكبت في الحولة.