بعد أربعة أيام من إعلان المحتجين في محافظة الأنبار العراقية تخويل محافظها أحمد الدليمي للحوار مع الحكومة نيابة عنهم وعن المحافظات الست المحتجة، انطلقت في بغداد أول جلسة حوار بين الطرفين باجتماع مع رئيس الوزراء نوري المالكي والإعلان بأن بحث المطالب وتنفيذها سيسلك طريقين يمران عبر السلطتين التنفيذية quot;الحكومةquot; والتشريعية quot;البرلمانquot;، وهو ما يشير إلى احتمال ان تأخذ العملية وقتًا طويلاً.


لندن: أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال اجتماع مع محافظ الأنبار احمد الدليمي الذي فوضه المعتصمون والمتظاهرون في الأنبار والمحافظات المحتجة والذين دخل حراكهم الشعبي شهره العاشر بحمل مطالبهم إلى الحكومة الاتحادية والعمل على تحقيقها.. أكد quot;أن هناك مطالب مشروعة تم تطبيقها وأخرى سيتم تطبيقها مادامت مشروعة وتقع في صلاحيات الحكومة الاتحادية ورئيسهاquot;.

وأضاف أنه يعلم quot;أن الأكثرية الساحقة من اهالي الانبار وجميع محافظات العراق مع وحدة بلدهم واستقراره وضد الارهابيين والطائفيين الذين يسعون إلى تمزيق الصف الوطني وإعاقة ازدهار العراق وتطوره واستقرارهquot;.

ودعا إلى تضافر جميع الجهود من اجل تثبيت الامن والاستقرار وحشد الطاقات لمواجهة الارهابيين وكل من يسعى إلى الإخلال بأمن الناس وحمل السلاح خارج إطار الدولةquot;، كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي.

وقد جرى خلال اجتماع بحث موسع quot;لمختلف أوضاع الانبار وما تعانيه من مشاكل وحاجات ينبغي تلبيتها بأسرع وقتquot;.. حيث احتلت التحديات الامنية والسبل الكفيلة بمعالجتها جانبًا كبيرًا من المباحثات وتم الاتفاق على القيام بسلسلة خطوات لتعزيز الجانب الامني وفرض سلطة القانون في جميع أنحاء المحافظة.

وشدد المالكي على أنه على استعداد لتلبية جميع الحاجات والمطالب التي تؤدي إلى استقرار الامن وإطلاق حركة الأعمار، ودعا إلى حشد كل الامكانات لتحقيق الامن والاستقرار وتوسيع حركة البناء في المحافظة.

لجان مشتركة تعمل مع الحكومة

وخلال مؤتمر صحافي عقب الاجتماع تابعته quot;إيلافquot;، قال الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي الذي شارك فيه إن الحكومة جادة في حل المشكلة والاستمرار بالحوار لايجاد حل للازمة في الانبار وبقية المحافظات.

وأشار إلى أنّ اجتماع المالكي والدليمي كان مطولاً وبحثت فيه جميع النقاط العالقة بالشكل الذي يمكن من تسهيل عملية الحوار والتفاوض والاستجابة لمطالب الناس في المجالات الامنية والخدمية والاعمارية.

ومن جهته، وصف المحافظ الدليمي اجتماعه مع المالكي بالايجابي وأشار إلى أنّه بعد تخويله الحوار مع الحكومة فقد لبى دعوة المالكي للاجتماع، حيث تم بحث جميع المطالب التي هي من اختصاص الحكومة كسلطة تنفيذية موضحاً أن هناك اخرى من اختصاص مجلس النواب كسلطة تشريعية.

وقال إنه ناقش مع رئيس الوزراء جميع المشاكل الاجتماعية والامنية والاقتصادية التي يعاني منها اهالي الانبار.. موضحاً أنه سينقل إلى جميع المعتصمين في المحافظات الست تفاصيل ما تم طرحه خلال الاجتماع مع المالكي للاتفاق على رؤية موحدة للخروج من الازمة.

وحول طبيعة المطالب التي تنادي بها المحافظات الست الغربية والشمالية، أشار الدليمي إلى أنّها نفسها المعلنة من قبل المعتصمين، رغم أن هناك تشويشًا قد حصل عليها.. وقال: quot;أنا كمحافظ جزء من الحكومة ونسعى لانهاء الازمة في الانبار وبقية المحافظات لذلك يجب أن تكون جميع الاطراف امينة في الطرح.. واعتقد أن الامور ايجابية وسنمضي بإتجاه حل الازمةquot;.

وأضاف الدليمي أنه لم يتم تحديد سقف زمني لتنفيذ المطالب... وقال: quot;طلبت من رئيس الوزراء أن يكون العمل لتنفيذ المطالب مع الحكومة حاليًا وليس مع البرلمانquot;.. مشيرًا إلى أنّه ستكون هناك لجان من الحكومة يمثلها وكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي ومن المحتجين يمثلها المحافظون للبدء بالعمل كجهات تنفيذية.

اما بالنسبة للمطالب التي هي من اختصاص مجلس النواب، فقد اوضح المحافظ أن هناك نوابًا فيه منتخبين من قبل المحافظات الست عليهم تحمل مسؤولياتهم وتقديم مشروع إلى مجلس النواب حول المطالب التي هي من اختصاصه وذلك بالتوافق بين النواب.

خلاف حول مطالب quot;مشروعةquot; وأخرى quot;غير مشروعةquot;

وتشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى ومناطق في العاصمة بغداد منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.

ويتوقع مراقبون عراقيون أن يواجه الحوار بين الحكومة وممثلي المحافظات المحتجة صعوبات في الاتفاق على المطالب quot;المشروعةquot; للمحتجين والاخرى quot;غير المشروعةquot; فلكل من الطرفين وجهة نظر مختلفة عن الاخرى في هذا المجال.

وتؤكد الحكومة أنها تقوم بتنفيذ ما تسميه بالمطالب المشروعة للمحتجين مثل اطلاق سراح المعتقلين الابرياء والنساء المعتقلات، وهو ما تم بالفعل، لكنها تقول إن بعض المطالب غير مشروعة وتتناقض مع القانون مثل الغاء قوانين الارهاب واجتثاث البعث والمخبر السري واصدار عفو عام موضحة أن هذه الامور من اختصاص مجلس النواب وليس من صلاحياتها.. لكنّ المحتجين يعتبرون أن جميع مطالبهم مشروعة ويؤكدون أنهم لن ينهوا حراكهم الشعبي حتى الاستجابة لها جميعها.

وكان مجلس محافظة الانبار (110 كم غرب بغداد) قرر الاربعاء الماضي تخويل المحافظ احمد خلف الدليمي المنتمي لقائمة quot;متحدونquot; بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس الحكومة المحلية صباح كرجوت الدليمي للتفاوض مع الحكومة المركزية بشأن مطالب المتظاهرين. واتخذ هذا القرار اثر اجتماع ضم قادة التظاهرات والاعتصامات وشيوخ العشائر وأعضاء من مجلس المحافظة من اجل البدء بالتحاور والاتصال مع الحكومة باسم المتظاهرين.

ويأتي بدء الحوار هذا بعد عشرة اشهر من تبادل اتهامات بين رئيس الحكومة نوري المالكي ومعتصمي ساحات الاحتجاجات المستمرة منذ تسعة اشهر، حيث كان قال في بداية انطلاق احتجاجاتهم ان هذه الاعتصامات نتنة وأنها فُقاعات وأن المتظاهرين إرهابيون،.. فيما يرد عليه المعتصمون باتهامه بالعنصرية والطائفية والتعامل بازدواجية مع تظاهرات الجنوب الشيعية والاخرى الغربية السنية.

وتجدر الإشارة إلى أنّه قام بقمعهم والتصدي لهم بالسلاح في الفلوجة والرمادي والحويجة وديإلى وصلاح الدين والموصل مع أن المتظاهرين سلميون لم يحملوا سلاحاً ولم يخرجوا عن القانون. لكن المالكي خفف مؤخرًا من هجومه ضد المعتصمين وابدى استعداده للانفتاح على مطالبهم وتنفيذ ما هو مشروع منها موضحًا أن بعضها غير قانوني وضد ما نص عليه الدستور.