الحكومة ولا شيء قبل الحكومة. هكذا توحي كل الآراء التي نقلتها صحف بيروت اليوم، مركزة على عقبات قد تحول دون تمكن الرئيس المكلف تمام سلام من تأليف حكومة المصلحة الوطنية التي وعد بهااللبنانيين .


بيروت: توقفت الصحف اللبنانية عند طلب سلام أمس من الأطراف كافة إمداده بالأسماء المطروحة للتوزير. فقالت صحيفة السفير إن المياه تحركت، ولو جزئيًا، في بركة التأليف الحكومي، مع زيارة سلام إلى قصر بعبدا، وقوله للسفير إنه ينتظر اقتراح أسماء للتوزير من القوى السياسية، وإن لم يكن لا يزال من المبكر الحديث عن نهايات سعيدة قريبًا، نافيًا أن يكون في وارد التفرد بتشكيل الحكومة.

وأضاف بحسب السفير: quot;لقد أبلغنا الجميع بأن يقدموا لنا مقترحاتهم وما زلت انتظر أجوبتهمquot;. إلى ذلك، أكدت أوساط سلام للسفير أن الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية سيختاران من الأسماء المقدمة ما هو مناسب ومؤاتٍ للمعايير المطلوبة، بحيث تكون غير حزبية وغير مرشحة للانتخابات النيابية.

فسلام زار أمس الرئيس ميشال سليمان، مؤكدًا بعد الاجتماع به أنه ليس مع التسرّع في التأليف الحكومي، ولكنه ليس مع التأخير، فيما ابلغت مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا السفير أن رئيس الجمهورية يحرص على أن يتوافر في التشكيلة الحكومية التوازن السياسي والطائفي وأن تكون محصّنة بالثقة التي تحتاجها في المجلس النيابي لتكون قادرة على العمل.

تراجع عن الأمر الواقع

رأت صحيفة الاخبار في انتظار سلام أسماء الأطراف السياسية المطروحة للتوزير تراجعًا، وكتبت: quot;تراجعت فكرة تأليف حكومة امر واقع. لم يظهر بعد وجود مبادرة سعودية واضحة في هذا الإطار، رغم أن السفير السعودي علي عواض العسيري كان يتداول أسماء بعض المرشحين للتوزير ممن يرى فيهم وسطية مقبولة رغم كونهم محسوبين على قوى 8 آذارquot;.

وبحسب الأخبار، كان سليمان والنائب وليد جنبلاط حتى ليل أمس مصرّين على عدم تغطية أي حكومة أمر واقع يفرضها سلام، من دون التشاور مع القوى السياسية في تحالف 8 آذار ــ التيار الوطني الحر، رغم أن المسؤولين السعوديين لا يزالون يطمئنون حلفاءهم إلى أن جنبلاط لن يخذلهم هذه المرة.

وتقول الأخبار إن لسليمان تحفظاً آخر، فبعض المقربين منه يقولون إن اتفاق الطائف نقل السلطة من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعًا، لكن هذا لا يعني أن تصبح السلطة محصورة بيد رئيس الحكومة، ولا أن تقتصر صلاحيات رئيس الجمهورية على التوقيع. ورئيس الجمهورية، بحسب مقربين منه، يريد أن يكون شريكًا في الطبخة الحكومية، أكثر منه مالك حق النقض.

وثمة سبب إضافي لتراجع فكرة حكومة الأمر الواقع. فبعض الشخصيات رفضت توزيرها من دون الحصول على موافقة مرجعياتها، خصوصًا الشخصيات الشيعية كالنائب الاول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين.

وتنقل الأخبار عن بعض القوى السياسية تخوفها من تراجع سلام عن هذا التراجع، والعودة إلى النقطة الصفر.

الخارجية لسلام!

وسلطت النهار الضوء على أنباء تواترت عن توتر في العلاقة بين سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فقالت النهار: quot;وصلت الرسالة إلى عين التينة بأن لا مشكلة لدى رئيس الوزراء المكلف تمام سلام مع الرئيس نبيه بري، وأن عدم زيارته ليس موقفًا عدائيًا بقدر ما هو التزام للاصول، لذا خرج بري عن صمته مساء امس، وادار محركاته، فبثت محطته الاعلامية (أن بي أن) في مقدمة نشرتها المسائية أن افكارًا مطروحة رصدت في الساعات الاخيرة، منها اعطاء الوزارات الاساسية لسياسيين يمثلون كل الافرقاء، وتعيين شخصيات تكنوقراط في باقي الوزاراتquot;.

وفي أول تعليق له بعد استشارات التكليف، نقلت النهار عن بري قوله إنه لا يريد استعجال سلام، والوقت لا يزال امامه، quot;ونحن منفتحون على التشاور معه على حكومة سياسية جامعةquot;. كما نقلت النهار عن مواكبين للاتصالات التي ترافق المشاورات قولهم إن الحوار بين سلام وبري سيفعّل بعد عودة جنبلاط من لندن، وإن اصدقاء مشتركين بين سلام وقوى 8 آذار يبادلون الطرفين الافكار.

وبحسب النهار، لم يضع سلام بعد تصورًا واضحًا او مكتملًا للحكومة التي يريدها غير سياسية، وأن تكون مهمتها اجراء الانتخابات. لكن تحدثت أوساط متابعة للنهار عن اتجاه سلام إلى تولي حقيبة الخارجية شخصيًا، تجنبًا لتجربة الرئيس نجيب ميقاتي السنية مع وزير خارجيته عدنان منصور. ويرى سلام أن ثمة حقائق تفوق أهمية ما يسمى الحقائب السيادية، لذا يصبح ممكنًا خلط الأوراق في عملية التوزيع.

مثل حكومة السنيورة

من ناحيتها، أبرزت صحيفة المستقبل رأي كتلة المستقبل النيابية، التي توقفت امام الخطوط الحمراء والمطبات والشروط التي قد تؤدي إلى تعطيل الهدف الذي حدده الرئيس المكلف لتأليف الحكومة، أي تحقيق المصلحة الوطنية، بينما نقلت صحيفة اللواء عن مصادر في حزب الله تأكيدهم أن شرط الحكومة السياسي هو مطلب أساسي لا مفر منه، للمضي قدمًا في المساهمة الايجابية بالتأليف وتسهيل عمل الرئيس المكلف.

وأشارت هذه المصادر للواء إلى أنه إذا كان سلام عقد العزم على تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة انتخابات أو حكومة أمر واقع أو أي حكومة مهما كان عنوانها غير الحكومة السياسية، فإن قوى 8 آذار ليست بوارد القبول بها. وذهبت المصادر إلى حد القول بأن ذلك يضر بالمصلحة الوطنية ويهدد الاستقرار.

لكن اللواء نقلت عن هذه المصادر تلميحها إلى أن انفتاحها على تشكيل الحكومة ينبع من رغبتها في حكومة تكون على غرار الحكومة التي شكلها الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2005، وانما بمشاركة التيار الوطني الحر، معتبرة بأنها ما زالت في مرحلة السعي إلى التأليف، وأنه لم يحدث أي خرق أو نتيجة ايجابية وحاسمة في هذا الخصوص مع الرئيس المكلف.