عند متابعتنا لتوقعات المحللين و المختصين في شؤون إيران و منطقة الشرق الأوسط نجد أن الجميع يتوقع سيناريوهات عدة في حال وجهت أميركا أو إسرائيل ضربة لمنشآت إيران النووية، جلها يتحدث عن إن المنطقة ستحترق بأكملها. منهم من يتوقع سقوط الأنظمة العربية و منهم من يتوقع تفعيل أوراق إيران العديدة في المنطقة و منهم من يتوقع إغلاق مضيق هرمز و ضرب الدول الخليجية. و منهم من يتوقع أيضا ضربة مدمرة للكيان الصهيوني بالصواريخ الإيرانية.

لكننا لم نسمع أحدا يتساءل، هل يحق لإيران أن تفعل كل هذا في دول مستقلة إذا سلمنا جدلا إنها تستطيع. بالتأكيد لا نتحدث هنا عن ضرب الكيان الصهيوني فهذا الكيان شريك دائما بطريقة أو أخرى في كل ما تقوم به أميركا في المنطقة ويقع عليه ما يقع عليها، إنما تساؤلنا حول إغلاق مضيق هرمز الذي لم يتحدث أحد ولو باستحياء عن حق سلطنة عمان فيه وهي التي تمتلك مياهه الصالحة للملاحة البحرية وليس إيران ولها علاقات حسنة و ودية مع إيران ناهيك عن القانون الدولي الذي يمنع منعا باتا تعريض طرق الملاحة الدولية للخطر و التهديد. وإننا نتساءل عن الدول الخليجية و هل يحق لإيران أن تضرب هذه الدول لمجرد إنها موقعة على اتفاقيات تعاون عسكري مع الولايات الأميركية من أجل حماية بلادها و ليس من أجل تهديد الآخرين أو الاستقواء عليهم. و نتساءل أيضا عن مدى صحة مقولة سقوط الأنظمة العربية من أجل إيران! متناسين أن أغلبية الشعب العربي و إن كان في بعض الحالات غير راض عن طريقة الحكم في بلاده، فأنه بالتأكيد مستاء جدا مما تقوم به إيران تجاه المنطقة العربية من احتلالات و تدخلات وبث الفتنة الطائفية و التهديدات المستمرة لدول الجوار. كما إن الشعب العربي و بوضوح لا يعتبر نظام الحكم في إيران نموذجا جيدا ليقتدي به، خاصة بعد أن كشر هذا النظام عن أنيابه و ظهر كما هو، ليس سوى نظام ديكتاتوري. وقمع المتظاهرين العزل في الشوارع ليس فقط لا يجعل من إيران نموذجا جيدا، بل وضعها في مرتبة أعتى الديكتاتوريات انتهاكا لحرمة شعوبها و امتهان كرامتها. وكل هذه الأمور لا تغيب عن ذهن المواطن العربي الذي يطمح إلى حياة أرقى و أفضل عشرات المرات مما يعيشه الإيرانيون من فقر و كبت و حرمان.

كما إن هناك نقطة هامة جدا غائبة عن أذهان المحللين أو مغيبة من أجل غايات معينة وهي إذا كانت إيران ستضرب التواجد الأميركي في أي مكان فلماذا لم تتحدث إيران ولا هؤلاء المحللون عن ضربة لتركيا التي تقع على أرضها أكبر وأهم قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة تخزن فيها أسلحة نووية و صواريخ استراتيجية و أهم ما تمتلك أميركا من أسلحة متطورة( قاعدة أنجرليك). و لماذا لم تتحدث إيران و محللوها عن ضرب القواعد الأميركية في أفغانستان و آسيا الوسطى و هذه كلها قريبة من إيران.

ثم غير كل هذه السيناريوهات التي تذكر عبر الإعلام هناك سيناريو أخر محتمل غير معلن لحد الآن وهو أن تضرب أميركا المنشآت النووية الإيرانية من مناطق بعيدة جدا خارج منطقة الشرق الأوسط عندها هل يحق لإيران ضرب الدول الخليجية و تدمير آبار البترول كما يصرح دائما مسؤولوها أم إن هذه التصريحات كلها خرق لمبادئ القانون الدولي و تعتبر تهديدا للأمن و السلم العالمي خاصة دول الجوار ويجب أن تضع إيران تحت طائلة البند السابع من القانون الدولي كي لا تستمر في عبثها في أمن و استقرار المنطقة دون رادع.

مؤكد إن الجميع يحرص على أن لا تندلع حرب جديدة في المنطقة خاصة وهذه المنطقة لا تكاد تخرج من حرب حتى تدخل في أخرى مما جعلها تعيش حالة عدم استقرار دائم أثر سابقا و قد يؤثر في المستقبل سلبا على التنمية المرجوة و على استقرار الاقتصاد العالمي. لكن من المؤكد أيضا إن دولا مثل إيران و إسرائيل لا يهمها هذا الاستقرار بقدر ما يهمها السيطرة على الأخرين و تمثيل دور البطولة وبأي ثمن. لهذا لم يعرف عن إيران و لا عن إسرائيل غير لغة التهديد و الوعيد و إثارة الفتن. والخاسر الأكبر الدول العربية التي باتت مغيبة إلى حد ما في ظل هذا التباعد العربي العربي. في الأخير وعند نهاية كل هذه التجاذبات و هي بالتأكيد ستنتهي، ليس فقط لن يستفيد العرب بل قد يكونون هم الخاسر الأكبر. لكن مازال هناك متسع من الوقت كي يضع العرب النقاط على الحروف من خلال اتخاذهم موقفا موحدا و مستقلا يضع حدا للطامعين والمتطاولين على العرب مثل إيران و إسرائيل و أميركا.

[email protected]