استهداف كنيسة سيدة النجاة في بغداد يؤكد استمرار النهج الدموي للمجموعات الإرهابية ورغبتها العارمة في خلق جو موبوء يتيح لأفكارها الانتعاش والنمو فعند الإرهابيين تختفي التقسيمات التقليدية للبشر وتحل محلها تقسيمات أخرى مستقاة من الخلفية الفكرية التي ينهلون منها أفكارهم الدموية ففي عرفهم الناس صنفان من يحق لهم العيش ومن لا يحق لهم العيش ومن الطبيعي أن تقتصر الفئة التي يحق لها العيش على جماعة ضيقة من الناس ركيزتها الإيمان بنهج الإرهابيين والانصياع لسطوتهم أما الفئة الأخرى فتشمل ما عدى ذلك بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين أو المذهب.

وما دام هذا هو تقسيم الإرهابيين للناس فلا معنى أن ننسب عند التواجه مع الإرهاب إلى العرق أو الدين أو المذهب فهذه التصنيفات تغدو منتفية وغير ذا معنى لان الإرهاب لم يستهدفني لكوني عربي أو كردي أو تركماني أو كلدو- آشوري وليس لأني مسلم أو مسيحي شيعي أو سني بل لأني من الفئة الأخرى المستهدفة من الارهاب.

ولذلك عندما يستهدف الإرهاب الشيعة نغدو كلنا شيعة وعندما يستهدف السنة نغدو كلنا سنة وعندما يستهدف الكرد نغدو كلنا كرد وهكذا بالنسبة للعرب والتركمان والكلدو ndash; آشوريين أو بالنسبة لأتباع الديانات الأخرى كالمسيحيين والصابئة أو الايزيدية.

فما حصل للإخوة المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة يؤكد حاجتنا لمواجهة الإرهاب بشكل أكثر نجاعة وليكن من خلال أسلوبهم نفسه فإذا لم يكن لنا يد في تحديد انتماءاتنا العرقية أو الدينية أو المذهبية فليكن لنا يد في اختيار ما يمكننا من تحويل تلك الانتماءات إلى تروس تمنع عنا خناجر الإرهاب الغادرة.

لقد طعننا الإرهاب في أخلاقنا وقيمنا في شعورنا وإيماننا لأنه جردنا مما يمكننا أن نفخر به أو نشعر من خلاله بقيمتنا الإنسانية فهو لا يريدنا أن نفنى وحسب بل وان نذل أيضا وهيهات منا الذلة.

إذن لنقولها لهم بصوت واحد : لقد جعلتنا جريمة كنيسة سيدة النجاة ننظر لأنفسنا كمسيحيين لأننا منهم وهم منا فكلنا اليوم مسيحيين وان لم ننتمي.