الخوض في جدل الكلمة ضمن منطق المعاجم العربية في البحث عن جذرها،وطريقة لفظها والدلالة التي تشير إليها بين كسر وفتح، ليس من مضماري في هذه المقالة وإنما سأنطلق من مقولات (أبو حالوب )الذي ينتظر الفرج في سورية من عام 1979 إلى يومنا هذا من دون نتيجة تذكر بسبب صراعات الأحزاب العراقية ما بين خاسر ومنتصر او غالب ومغلوب،وهو يجلس في فضاء مقهى الروضة بانتظار القادم من بغداد،وما يحمله من أخبار وإصدارات ليكون هو دليله في التعرف على المدينة او حمامة سلام توصل البريد في الوقت المناسب الى المرسل إليه، ومرجعيتي في تحليل (الأعراق والابيار)ضمن المنطق التداولي لهما تأتي من إصرار (ابو حالوب) على ان يجمع العرق باعراق والبيرة بابيار،وهو يضحك مع الجميع:
-اليوم نذهب لشرب الاعراق والابيار
وهكذا أفضت الكلمتان إلى شيء معين من دون الإحالة الى ما تقصده المعاجم الاخرى،تأتي هذه المقدمة رغبة منا لما اثير اخيرا من قبل مثقف/الحشد العراقي وهو يقف بوجه مجلس محافظة بغداد،عندما اصرت المحافظة على غلق النوادي ومحال بيع الخمور،وأقول ان المنطق الذي تحدثت به المحافظة سليم لعدم امتلاك هذه المحال اجازات لبيع الخمور،وهو اسلوب متبع في اغلب الدول،لست من المدافعين عن هذا الاسلوب الذي يفرض تحجيم الحريات بقدر ما اود ان افتش عن الحركة غير المسؤولة لاتحاد الادباء الذي يتقدمهم فاضل ثامر وهو يصرخ امام الفضائيات من اجل نادي الاتحاد العتيد،فقد استغربت للهجة التي ينطق بها رئيس الاتحاد وهو يدافع بشراسة عن الاعراق والابيار،في حين لم تصدر لاي مثقف/حشد عراقي ولا اتحاد ادباء قبل ذلك احتجاجات مماثلة كهذا الموقف في قضايا مصيرية تهم الوطن والمواطن العراقي سواء،مثلا في حقوق الانسان،اخراج العراق من البند السابق،كاتم الصوت،قمع الحريات،وانا بدوري احلل بان الاتحاد الذي يجتهد في الحصول على راس المال قد فقد المصدر الوحيد الذي ينفعه وينفع ايدولوجيته في تحقيق عنصر البقاء والاستمرار.
تفاجأت من كل هذا الصراخ والعويل من على شاشات الفضائيات،امام فكرة غلق النوادي في حين لم يصدر ما يؤكد اهمية المثقف في قضايا مصيرية هددت البلد وكادت تؤدي به إلى مزالق خطيرة،ولم اسمع للمثقف من كلمة امام تواجد القوات الأمريكية على اثار ارض بابل،ولم نستمع الى خطابات ثورية تؤكد احقية المثقف في الرؤية الى مستقبل البلاد...من الغريب فعلا ان تكون القرينة للمثقفة مرتبطة بالخمر،وان يكون المثقف له علاقة بالحشود في شارع المتنبي ومن الانصار المدفعين بقوة،وعد الخمر المصدر الاول لتقييد الحريات.
ثمة منطقية اكبر واخطر في الدفاع عن حرية القول،لم يبق للمثقف من كلمة بعد هذا الاشهار..وسيتحمل فاضل ثامر فكرة تشكيل الحشود الثقافية ضمن ايدولوجية حزب ما زال يعد الحشد جزءا من ممارساته من اجل الدفاع عما هو غير قانوني فيما هناك قضايا كبرى يحتاجها الوطن.
المثقف ذات وعندما يتخلص من ذاته لصالح الحشد لا يمكن الركون اليه ولا الاخذ برأيه،وهذه فكرة قدمتها الانظمة الشمولية في مسخ الذات وتقديم المثقف سلعة تافهة امام سلطة الوهم الايدولوجي.
عليك كرئيس اتحاد ادباء ان تركض في الشارع حتى تندد بالمفخخات وتذهب الى المستشفيات حتى يشعر المواطن ان هناك مثقفا يهتم لمصيره.
ان تبحث وبجد عند ابواب وزارة الداخلية عن الملفات المهملة لمصير الكثير من الضحايا..والملفات المسكوت عنها...ان تجدد رفض سلوك الدولة في تحويل الوطن الى كانتونات وعلب متعددة الاشكال الهندسية،ان تطالب باستعادة ليل بغداد...هكذا هم المثقفون في الدول الديمقراطية...ذات وليس كل...هوية وليس عدم.
اتحاد الادباء ليس بارا...ايها المثقفون...
كل الطبقات المثقفة وغيرها التي تلجأ الى اتحاد الادباء تعتقد انه عبارة عن بار كبير...وهذا شيء مخجل...علينا ان نحترم الثقافة حتى يحترمنا الاخرون.
- آخر تحديث :
التعليقات