ستكون معركة حماة هي ذروة الحمى البعثية في الجسد السوري.
ستكون معركة الفصل في تاريخ سوريا. في جغرافيا المنطقة. في توقف المد الفارسي. في تحول كامل الشرق الأوسط.
إنها القيامة.. بعث البعث.. ونهاية الدولة الأسدية.
وسبحان الباقي الذي يزلزل العروش، وينزع الملك من الظالمين، ويهلك الأولين ثم يتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين.. ويل يومئذ للمكذبين..
إنه يوم الفصل في تاريخ سوريا الحديث، واستقلالها الفعلي، وحريتها العظيمة، وولادتها من رحم المحنة والمعاناة..
وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين.
انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون. انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب. لا ظليل ولا يغني من اللهب. إنها ترمي بشرر كالقصور العظيمة، كأنها مناظر سريالية من جمال صفراء اللون..
ويل يومئذ للمكذبين..
وفي الطب يصاب المريض بالحمى فترتفع، حتى إذا بلغت الحد الأقصى كان المريض أمام اثنان إما الموت أو النهوض من وهدة المرض.
لقد وقع المريض السوري في فراش الحمى أربعين حولا ولكنه يتغلب على جرثومة البعث فينهض معافى بإذن الرحمن الرحيم..
وفي أمريكا عام 1918م مات 600 ألفا من أنفلونزا عجيبة ولم يكن المجهر الإلكتروني معروفا فظن الناس أنها نهاية العالم ثم زحفت إلى العالم فقتلت أكثر ممن قتل في خنادق الحرب الكونية.
قتلتهم في أسرتهم بين أحبابهم وهم في بيوتهم يفرحون بدون الفشك والسونكي والمدفع..
ثم انصرفت فلم يعرف الناس كيف جاءت ولا كيف ولت الأدبار..
وكذلك الأنظمة الشمولية مثل الحمى حتى يبرأ منها جسد الأمم بالعافية..
وفي السلاح الذري ينشطر اليورانيوم في جزء من مليون من الثانية ليصل إلى درجة حرارة مليون.
كذلك تفعل الكتلة الحرجة في تاريخ الشعوب والأمم فتنفجر مثل البراكين والقنابل الذرية وتسبق حلم المفكرين..
كما حصل معي وأنا أرى شعبي الأسطورة ينجز ملحمة التوحيد..
وفي الماء مع بلوغ درجة الغليان تتغير طبيعة الماء من سائل إلى بخار فيصعد الأعالي.
كذلك قدر الثورات حين تقدم الشهداء وتسخن الساحة فترتفع الروح إلى أفق الحضارة..
يقول مالك بن نبي إن الحضارة هي ولادة الروح..
وما يحصل في سوريا هي إعلان لولادة الروح.. وإلا كيف نفهم تقدم الشاب ضد الموت فلا يخاف من الموت..
هنا الحديث ليس المادة، بل تفوق الروح على المادة..
أرسل لي متحمس مغشي العينين من كندا يقول أبصر مظاهرات التأييد في سوريا؟
قلت له هي صناعة المخابرات، فإن صدق بعضها فهي وثنية وعبادة الفرد وتقديس الأصنام، فهي كارثة في كلا الحالتين حين تهتف الله وبشار وبس..
الواقع إنها تقول إن سوريا والله ترجع إلى بشار وبس..
كما في تعريف الرب أنه أحد فرد صمد لم يلد ولو يولد ..
كذلك حقيقة الشعار بشار أحد فرد صمد لم يأت مثله ولن يأت مثله فهي ولادة أزلية أبدية ..
تعالى الله عما يقول هؤلاء الوثنيون علوا كبيرا..
سوريا اليوم أمام قدر كوني، ونجاة من فرعون وملئه إلى شاطيء التوحيد، وفرصة لا تتكرر في القرون، فإن نجحت ولد أولادنا بدون عبودية، وإن فشلت رجع النظام فسلخ فروة كل الناشطين بأشد من الهنود الحمر
كل المؤتمرات هي تضييع للوقت، والتفاف على الثورة، فوجب أن تتابع طريقها حتى إكليل النصر فهي فرصتها التاريخية.. فلا حوار ... لأنه لا يوجد حوار بين المسدس والعصفور كما يقول نزار القباني..
ماذا سيحدث في حماة؟
هل النظام حائر كما يقول الكاتب صبحي حديدي؟ أم قد قرر خوض المعركة حتى النهاية بأي وكل سلاح؟
الجواب في تقديري وأرجو أن أكون مخطئا ... أن الشلة الأسدية والعصابة البعثية تدير غرفة عمليات بإشراف الأسد الصغير، ولسوف يتم تجويع وتعطيش وتركيع أهل حماة بكل سبيل ممكن ثلاث أسابيع عددا قبل رمضان، ثم يتم اجتياح المدينة المنهكة بالدبابات والمصفحات والراجمات والطيران فيقتلون الآلاف ويرحلون عشرات الآلاف وقد يفعلوا ما عجز عنه الأسد الكبير أي حراثة حماة ورشها بالملح كما فعلت روما مع قرطاج فلا تبقى سوى النواعير الباكية ؟؟
المشكلة هي أن ظروف الاجتثاث أيام الوحش الكبير تغيرت، وكان يجب على الوحش الكبير إنهاء المهمة في شتاء 1982م الكئيب على عقيدة وزير الخارجية السمين المدعبل المعلم بدون علم:
لنعتبر أن حماة غير موجودة على الخريطة..
المهمة تعقدت...
ولكن معركة مصيرية قادمة يجب فيها الحسم وكسر العظم، وإلا فسوريا طارت من أيدي شلة الحرامية شلاش ومخلوف وخالف والوحش الصغير من العائلة الأسدية بقيادة الميدوسا الغرغوينة عفوا السيدة الأولى قرينة الراحل مدمر سوريا فهي تحافظ على إرثه العائلي لآخر لحظة..
حين نزلت سورة القمر كان عمر ر يقرأ هذه الآية سيهزم الجمع ويولون الدبر ...
كان يكرر أي جمع وأي دبر؟ حتى رأى منظر طغاة قريش في معركة بدر فاستوعب المعنى..
نحن في حماة أمام هذا المنظر من جديد في معركة يغلب فيها الدم السيف، والإرادة القهر، وشمس الحرية تبدد ظلمات البعث الكئيبة بعد نصف قرن من الكسوف الإنساني، وتحول سوريا إلى مقبرة هائلة يصفر فيها الهواء ويعلو الغبار وحفار قبور بيده رفش لاستقبال الجثث..
جميل أن نكرر ما جاء في القرآن ..
البارحة ليلا نمت على هذه الآيات..
سيهزم الجمع ويولون الدبر . بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ. إن المجرمين في ضلال وسعر. يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر. إنا كل شيء خلقناه بقدر. وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر. ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر. وكل شيء فعلوه في الزبر. وكل صغير وكبير مستطر. إن المتقين في جنات ونهر. في مقعد صدق عند مليك مقتدر..