يتميز الشرق عموما والأوسط خاصة بتقاليد لا مثيل لها عند كل شعوب الأرض وأنظمتها السياسية وثوراتها وأحزابها، إلا اللهم من اعتبرها قدوة ويحاول تطبيقها كما يحصل في كوبا التقدمية جدا وكوريا الشمالية الشيوعية للعظم وعراق صدام حسين وسوريا الأسد اللذان أنتجا لنا موديلا جديدا للملكيات الجمهورية، فهم يتوارثون المقاعد والمناصب والصفات النضالية حتى من كان منهم في مرحلة التكوين الجنيني في رحم أمه، حيث سيكون لاحقا مناضل عنيد وصنديد وربما يتبوء مكان في عليين!

فآل فيدل وعشيرة كاسترو تتوارث الآن ملحقات الرئاسة بكل أشكالها ومراتبها وامتيازاتها، ينافسها في الجزء الآخر من الأرض وفي الشطر الشمالي من جزيرة كوريا شيخ شبيبة التقدمية والاشتراكية من آل كيم وعين أعيان عشيرة سونك الشاب المناضل جنينيا والمهذب إلى درجة انه اعدم احد جنرالات جيشه العقائدي بجعله هدفا لقذيفة هاون لأنه احتسى الخمر حزنا على فقيد الأمة والد الملك الرئيس الجديد، متجاوزا على تقاليد الأمة وأخلاقيات الرفاق المناضلين!؟

ولو لم تأت قوات ما وراء البحار العظمى قبل تسع سنوات لبقت عائلة الرئيس الضرورة تحكم بلاد ما بين النهرين هي وأحفاد أحفادها أكثر من البابليين والسومريين والاكديين مجتمعين، وكذا الحال مع زعيم عصره وملك ملوك أفريقيا القائد الملهم جدا معمر القذافي وأولاده قادة الجيش وكتائبه الذين لولا طائرات الناتو لسحقوا ثلاثة أرباع الشعب معتبرين إياهم جرذانا وصراصير، وربما الأمور تجري هكذا أيضا مع آل الأسد الذين استفردوا في الغابة ووقعوا فيها قلعا ونهشا وحرقا وقتلا وافتراسا لأن سكانها فكروا، مجرد فكرة لتغيير الأوضاع واستبدال الأحوال!؟

انها حقا أنظمة ودول القبائل والعشائر ما زالت تعيش زمنها منذ آلاف السنين، وان تطورت فإنها كما يقول الفيلسوف نيتشه ليس بالضرورة أن يكون التطور نحو الأمام، فهي اليوم تعود إلى مربعاتها الأولى في حكم الأسر ما قبل العشير والقبيلة، وما أدل على ذلك إلا مشهد سقوط أنظمتها في بغداد وطرابلس وتونس واليمن وغدا دمشق وغيرها، حيث سقطت تلك الأسر أو البيوت ولم تلحقهم أو تجري خلفهم عشائرهم إلا في مراسم الدفن فقط ليس إلا، وفي الجانب الآخر هناك اسرا أوعشائر ما تزال تحكم وتقع خارج هذه التسونامي وهي تمتد من موقع ( مصان غير مسؤول ) كالملكيات المنتشرة شرقا وغربا، وصولا إلى الجمهوريات ذات النظم الديمقراطية، ومعادلة البقاء فيها قبان تتوازن فيه العدالة الاجتماعية بما يجعل خيارات الأهالي تتناغم دوما مع تلك الحالة وبقاء تلك الأسر أو الأحزاب كما هو الحال في كثير من بلدان أوربا واسيا وأفريقيا.

المهم دعونا نعود إلى ( سالفتنا ) والمسؤولين بالاستعاضة من أعضاء اسر أصحاب المعالي ووكلائهم والمدراء العامين ومن هم بدرجتهم صعودا ونزولا حيث يمارس أولادهم وأحفادهم وأقربائهم من كل الدرجات صلاحياتهم ويتجاوزونها في كثير من الأمور وخاصة في حقل المال والوجاهة والوساطة والذي منه كما يقول إخوتنا الجدعان، فتراهم يمارسون دور ذويهم بالوراثة، ويتلبسون لبوسهم بل ويتجاوزونهم في الصلاحيات والامتيازات واللغف والبلع مما رزقهم النظام القائم، والعجيب ان المسؤولين راضين بالشغلة جدا وعاجبتهم اللعبة ويتباهون باللاعبين الجدد وهم يفعلون ما لم يفعلوه هم في أعمارهم حتى غدت البلاد أكثر بلدان العالم فسادا وفشلا، بل إن عاصمتها أصبحت أكثر تعاسة للعيش في العالم!؟