بقلم: بيوتر غونتشاروف، معلق quot;نوفوستيquot; السياسي

ظهر لاعب جديد ـ تركيا، في الملحمة النووية الإيرانية. وعلى ما يبدو لم يكن عفويا تعريج كبير المفاوضين الإيرانيين، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في الطريق من جنيف إلى طهران، على اسطنبول، حيث التقى مع وزير الخارجية التركي على باباجان. والتقى مع باباجان في نفس اليوم نظيره الإيراني منوشهر متكي. وغادر باباجان إثر هذين اللقاءين إلى واشنطن.

إن مفاوضات quot;السداسيquot; مع الوفد الإيراني في جنيف مؤخرا التي لم تتمخض عن أي شيء، مجرد وفرت للمشاركين فيها فترة استراحة لمدة أسبوعين. وطلب quot;السداسيquot; من إيران بصيغة الإنذار أن تقدم ردا محددا على مقترحات الدول الكبرى حول التعاون الاقتصادي والعلمي التقني، مقابل وقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

وأجملت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس نتائج لقاء جنيف بالقول بإنه quot;لن يسمح مستقبلا quot;باللغوquot; والحديث عن أمور تافهة. وفي حالة عدم تغيير إيران سلوكها، سنضطر للعودة إلى سياسة العقوباتquot;. وحتمت على إيران الخيار بين التعاون والمواجهة. ويجب أن تقدم طهران الرد حتى 2 أغسطس.

وإن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي نحاه آية الله خامنئي على حد الزعم، عن اتخاذ القرارات بشأن البرنامج النووي الإيراني، لم يبق بعيدا عن اتخاذ القرارات وإصدار الإنذارات المفاجئة إلا فترة قصيرة. فقد أعلن احمدي نجاد يوم الأربعاء، 23 يوليو، أن إيران لن تتراجع عن برنامجها النووي قيد أنملة. فهل ستفلح أنقرة الآن في إنقاذ الوضع، وفي إيجاد حل وسط معين، وهل ممكن الحل الوسط من حيث المبدأ؟

أعلنت أنقرة أن تركيا لن تشارك في النقاشات رسميا، وأن مهمتها تتمثل في تليين مواقف المتفاوضين. وهذا ما يجري من حيث المبدأ، فعلا. زد على ذلك أن تحالف أنقرة وطهران نافع للطرفين. فمن الضروري لتركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ودور الوسيط بين إيران والاتحاد يوفر لها مزايا إضافية. ومن الضروري لإيران أيضا كسب الوقت، إذ أن انضمام أي لاعب جديد يتطلب وقتا إضافيا. وتود تركيا استمالة إيران إلى جانبها في مجال حل القضية الكردية في العراق، وتهتم إيران، من جانبها، بمسألة أنابيب الغاز المارة عبر تركيا إلى أوروبا. وبادرت تركيا إلى القيام بدور الوسيط بين سورية وإسرائيل، وإيران بدورها ـ بين تركيا وأرمينيا وبين أرمينيا وأذربيجان المحسوبة على تركيا. وهذه معادلات متشابكة ومعقدة، كما نرى.

كما من المستبعد إيجاد حل وسط للقضية النووية الإيرانية بدون مراعاة مصالح إسرائيل وبلدان الخليج، وكذلك مصر والأردن. ويا ترى لماذا لا يعقد لقاء إقليمي بشأن البرنامج النووي الإيراني، تعرض كافة الأطراف المعنية فيه آراءها بشأن هذه القضية؟ هذا لا سيما وأن وزير الخارجية المصري أعلن مؤخرا، أن إيران لن تحل قضيتها النووية بدون دعم دول المنطقة، ويتعين على إيران مراعاة مصالحها.

ومفهوم عم يدور الحديث. فالعالم العربي في كل مرة يدور الحديث فيها عن البرنامج النووي الإيراني، يكتفي بعبارة ثابتة: quot;نؤيد حق إيران في الذرة السلميةquot;. وهذه العبارة من حيث المبدأ، مزدوجة المعنى. وكل شيء يتوقف علام يجري التركيز. إذا على quot;السلمي ـ يعني يوجد شك في مدى quot;سلميةquot; البرنامج النووي الإيراني.

وتفضل واشنطن حاليا كسب العالم العربي بمفردها. فكان الملف النووي الإيراني الموضوع المركزي في مباحثات وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس مع نظرائها في تسع دول عربية ـ دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة السعودية) وكذلك العراق ومصر والأردن.

ومن السهل تخمين الاتجاه الذي سارت عليه المحادثات في أبوظبي، حيث كان من المقرر أن تلتقي رايس مع نائبها ويليام بيرنس. فقد كان يتعين على بيرنس، كما يبدو، استعراض نتائج المشاورات التي جرت في جنيف السبت الماضي بين quot;السداسيquot; والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية والأمن خافيير سولانا من جهة، وأمين مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي من جهة أخرى، وكذلك استنتاجاته بشأن آفاق مواصلة المفاوضات مع طهران.

هذا فإن احتمال عزل إيران سياسيا واقتصاديا كبير جدا. ويبدو هذا جليا من المناورات المشتركة التي أجرتها القوات البحرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في مختلف الأحواض المائية.

كما نشطت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة سياستها لحل القضية الإيرانية بكاملها. ومن المفهوم أن البيت الأبيض لا يود إبقاء القضية معلقة لرئيسه الجديد. ومع ذلك يكمن الشيء الرئيسي في أن اللاعبين الأوروبيين الكبار، فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا، شددوا مواقفهم من القضية الإيرانية بشكل ملموس أيضا .

ولذا لا يمكن اعتبار مهمة أنقرة سهلة. وعلى أي حال أن نتيجتها النهائية والاتجاه الذي سيتطور عليه الوضع يتوقفان على طهران.